طرازات بعضها يعود إلى 100 عام اختزنت ذكريات سياسية ورياضية

سيارات «الزمن الغابر»... نُفض الغبار عنها في أسواق بيروت

تصغير
تكبير
يحدث أن يختبئ التاريخ خلف مقود سيارة، بعدما اكتنزت مقاعدها بذكريات رجالات عبروا من بوابة الأوطان إلى صفائح الزمن، وبعدما حفظت عجلاتها جغرافيا الأماكن وخبأت مراياها أطياف البشر.

ويحدث أيضاً أن تفصح السيارة عن بعض مكنوناتها فتشي بشيء مما حفظت، وتطلع المهتمين على جملة من الأحداث التي «عاشتها» وتنفض الغبار عن مراحل مرّت فيها.


معرض «classic car show» بنسخته الثانية، الذي استضافته أسواق بيروت في الوسط التجاري للعاصمة اللبنانية ونظمته شركة «Events Production» بالتعاون مع شركة «سوليدير» (وأسواق بيروت)، أخذ على عاتقه مهمة توفير خدمة مزدوجة لمحبي السيارات والتاريخ في آن معاً. فالحضور تمكن من خلال نحو مئتي سيارة من التعرف على جزء من تاريخ لبنان كما استعاد ايام من الزمن الجميل، ولا سيما أن السيارات - «التحف» يعود عدد كبير منها لرؤساء وشخصيات بارزة سياسياً استخدمتها خلال «قيادتها» للبنان، وايضاً لرياضيين ووجوه معروفة.

سيارات من العصور الذهبية وأخرى تبعتها في عقود أخرى (بين 1920 و1975)، توزّعت على ثلاثة أقسام، واحد للسيارات القديمة، والثاني للسيارات الرياضية والأخير للسيارات المجدّدة، انتشرت بين المحال التجارية الموزعة يميناً ويساراً، وفي قاعة ضخمة تجول فيها زوار المعرض بذهول واضح على الوجوه؛ فهنا سيارات «الفنتدج» وهناك «سيارات «أوستن كوبيه» موديل العام 1936، بنتلي سبورت موديل 1936.

الـ «بي إم دبليو» حضرت بدورها عبر «إيزيتا» موديل العام 1957، فيما الشيفروليه، المرسدس بنز، الـ «بيجو»، «رولز رويس، الـ «فولفو»، وغيرها لم تغب بموديلاتها القديمة عن المعرض. غير أن سيارة فورد «أي فيتون كونفيرتل» موديل العام 1928 سطع نجمها بين باقي السيارات.

السيدتان رولى دويدي وندى زيادة صاحبتا ومديرتا شركة «events production» تحبذان استبدال تسمية معرض السيارات الكلاسيكية بـ «المتحف المؤقت» للسيارات المزدان بلمسات خاصة أضافتاها على هذا العرض الذي استمر من 1 نوفمبر الى 17 منه. فالسيارات التي توزعت في أنحاء القاعة بعد أن تم اختيارها بعناية نُسّقت مع كادر ثقافي تاريخي جسد الحقبة التي تمت قيادتها فيها. فأعمدة بعلبك لم تغب، آثارات صور والصور الفوتوغرافية الأجمل لشوارع بيروت.. فيروز وصباح وملكات جمال لبنان لم يغبن أيضا، ولم يتخلف عن هذا اللقاء الجامع مزين الشعر الأشهر حينها «منعم».

المعرض «الاستثنائي» كما وصفه زواره، تَجدّد موعده هذه السنة بعد تجربته الأولى في العام 2009. وتلفت دويدي وزيادة إلى أن تنفيذ هذا الحدث الضخم جاء بعد تشجيع من الأصدقاء الذين رحبوا بفكرتهما جمع عدد من السيارات القديمة في معرض واحد يشكل إضافة ثقافية ممتعة في آن. والسيدتان المنظمتان شددتا في حديث إلى «الراي» على الأهمية الثقافية للمعرض، واكدتا أن الهدف المتوخى من هذا «المتحف» هو إظهار الصورة الحضارية للبنان، «لبنان الذي نريد، لبنان الذي يجدد الأمل في قلوب شبابه المغتربين ويحضهم على العودة إلى ربوعه»، لافتتين إلى أن «زوار المعرض، الذين تجاوز عددهم الأربعين ألف زائر، كانوا يعكسون من خلال تعليقاتهم مدى انبهارهم بمحتوياته.. مؤكدين أنه الأجمل على الإطلاق».

انبهار الزائرين، يبرره حضور سيارتي الرئيسين كميل شمعون (بنتلي 1961)، وهو ثاني رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال وحكم من 1952 إلى 1958، وإلياس سركيس (كاديلاك 1981) الذي تم انتخابه بعيد اندلاع الحرب الاهلية العام 1975 وتولى سدة الرئاسة بين 1976 و 1982.

وفيما أوجزت هاتان السيارتان في هيكليهما مرحلتين مهمتين من تاريخ لبنان، برزت السيارات التي قدمها كل من رئيس الحكومة المكلف تمام سلام (مرسيدس بنز 1969)، ورئيس مجلس الادارة المدير العام لتلفزيون «أل. بي. سي» بيار الضاهر، آل البازرجي، وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود، الوزير السابق عدنان القصار، لاعب الرالي الشهير في سبعينات وثمانينات القرن الماضي بيلي كرم، روني كرم (قدم مجموعته للمعرض)، وسيارات أخرى منها رياضية، وشكلت بمجملها مجموعة أثرية قيّمة ولافتة وصلت إلى صالة العرض بعد أن تضافر المهتمون من أصحاب السيارات القديمة على إرشاد دويدي وزيادة إلى سيارات أخرى مماثلة أغنت المعرض.

وعن سبب اختيار وسط بيروت التجاري لتنفيذ المعرض، اوضحت زيادة ودويدي ان الامر يعود إلى «كون بيروت هي «وسط البلد» ولذلك شكلت نقطة التلاقي للقادمين من مختلف المناطق، والذين أعلمنا الكثيرون منهم برغبتهم بالمشاركة عبر سياراتهم في المعرض المقبل»، وختمتا: «نعد المهتمين بالمزيد من الإبهار في معرض classic car show بنسخته الثالثة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي