برهنت انتخابات الجمهورية السابعة في إيران ان الشعب الايراني يتمتع بحس المسؤولية ويتحلى بالوعي السياسي والنضج الحضاري ويدرك متطلبات المرحلة الراهنة وذلك من خلال اختياره لرئيس يؤمن بالاعتدال والوسطية ويناهض التطرف والتزمت.
ولقد شهدت المنطقة بعد انتخاب الدكتور حسن روحاني رئيساً للجمهورية الاسلامية الايرانية منهجاً ونهجاً مختلفاً فتح آفاقاً واسعة من الأمل نحو حلحلة القضايا العالقة ومعالجة بؤر الأزمات المزمنة حيث نرى انحسار التوتر الذي هيمن على منطقتنا طول السنوات المنصرمة ونلحظ اشراقة الاجواء الايجابية التي تبشر بالأمان والاستقرار.
ومن هذا المنطلق انتهزت الدول الغربية والولايات المتحدة هذه الفرصة لاذابة الجليد المتراكم في علاقتها مع طهران وموقنة بأن ايران لاعب كبير مؤهل لدعم استقرار المنطقة وتكريس الاعتدال وكبح جماح التطرف والتزمت في ربوعها.
وجاءت زيارة الرئيس روحاني الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة لتكون النافذة التي تطل منها الحكومة الجديدة على الساحة الدولية مبشرة بالانفتاح بناء الثقة وتعزيز السلم والأمن الدولي.
وبعد ان تكللت هذه الزيارة بالنجاح واطلقت نوافذ الانفتاح بدأت الخطوات الغربية تتسارع نحو تطبيع العلاقات مع طهران واستئناف العلاقات السياسية والاقتصادية معها، وهو الأمر الذي أثار قلق بعض دول الجوار من ان تكون مرحلة التطبيع على حساب علاقاتها مع الغرب.
والأمر المثير للاستغراب ان بعض وسائل الاعلام باشرت بث اخبار مضللة ضد التقارب الايراني - الغربي متناسية ان طهران لا تساوم على المبادئ ولن تدير ظهرها لأهلها متناسية و اخوانها الذين دفعت في سبيل الدفاع عنهم ثمناً غالياً ليس آخره العقوبات الاقتصادية والمقاطعة الظالمة، فقد وقفت في أحلك الظروف الى جانب القضية الفلسطينية ايماناً منها بعدالة القضية ومظلومية هذا الشعب المسلم، وقفت الى جانب الكويت ابان الغزو الهمجي الذي تعرض له من قبل الجار الشمالي متعالية على الجراح ايماناً منها بحق الكويت في الحياة الحرة الكريمة وساندت اهلنا في الجنوب اللبناني حين دافعوا عن وطنهم امام جلاوزة الصهانية.
ولا نذيع سراً اذا قلنا ان محمد جواد ظريف رئيس الديبلوماسية الايرانية كان حريصاً على طمأنة الدول العربية المجاورة والقلقة من بداية انفراج بين واشنطن وطهران مبدياً استغرابه من موجة القلق المفاجئ ومؤكداً على دول الجوار ان تكون مرحبة وراضية عن هذا التقارب لكون ايران وهي الشقيق الاكبر تبذل جهدها لتسوية المشاكل الاقليمية.
ان علاقات طهران مع دول الجوار هي حجر الزاوية للتحرك الايراني على الساحة الدولية حيث ان «الأقربون اولى بالمعروف»، وان الجمهورية الاسلامية الايرانية كانت وستبقى الأخ الوفي والصادق لدول الجوار وقد برهنت خلال العقود الماضية من عمرها على صحة ما تقول ووقفت الى جانب الحق العربي متمسكة بمواقفها المبدأية الرافضة للعدوان والهيمنة والارهاب. لقد اثبتت المفاوضات الأخيرة لطهران مع وزراء خارجية الدول الست الكبرى في جنيف بأن الكيان الصهيوني هو الوحيد الذي استشاط غضباً من الانفراج الحاصل بين ايران والغرب وبذل قصارى جهده لعرقلة مسيرة التفاوض لكي لا يتكلل الاجتماع المكثف بنجاح وتبقى المنطقة تعيش دوامة الفوضى والاقتتال والتناصر، الا ان الادارة الصادقة لطهران ومرونتها الشجاعة افشلت كل المؤامرات. والاتي من الايام سيكشف أن هذه الزوبعة الاعلامية لن تخدم شعوبنا التي تتوق الى العيش بإخاء وأمان وسلام.
سيد محمد شهابي