هنالك نظامان أساسيان يكاد ينحصر العمل في النظام الديموقراطي في أحدهما:
1 - النظام البرلماني: ويقوم على وجود مجلس منتخب يستمد سلطته من سلطة الشعب الذي انتخبه ويقوم النظام البرلماني على مبدأ الفصل بين السلطات على أساس التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كما هو موجود في بريطانيا.
وتتكون السلطة التنفيذية في هذا النظام من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء ويلاحظ عدم مسؤولية رئيس الدولة امام البرلمان أما مجلس الوزراء او الحكومة فتكون مسؤولة امام البرلمان أو السلطة.
2 - النظام الرئاسي: كما هو موجود في الولايات المتحدة الاميركية، حيث حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب والفصل الشديد بين السلطات، فرئيس الجمهورية في النظام الرئاسي منوط به السلطة التنفيذية، لذلك يصبح رئيس الدولة هو صاحب السلطة التنفيذية بشكل كامل لانه لا يوجد مجلس وزراء في النظام الرئاسي كما هو كائن في النظام البرلماني ولا توجد قرارات تخرج عن ارادة غير ارادته.
وكثيرا ما يتم تشكيل مجلسين تشريعيين يتكاملان في اتخاذ القرارات التشريعية مثل مجلس العموم ومجلس اللوردات في بريطانيا، او مجلس النواب ومجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، كما ان الانظمة التي حافظت على الملكية قد جعلتها مجرد رمز لا سلطة للملوك فيها ولا قرار.
اما الدستور الكويتي فقد جمع بين النظامين البرلماني والرئاسي، كما اوضحت المذكرة التفسيرية للدستور على ان «هذه الفضائل البرلمانية لم تنس الدستور عيوب النظام البرلماني التي كشفت عنها التجارب الدستورية، ولم تحجب عن نظره ميزة الاستقرار التي يعتز بها النظام الرئاسي، ولعل بيت الداء في علة النظام البرلماني في العالم يكمن في المسؤولية الوزارية التضامنية أمام البرلمان التي يخشى ان تجعل من الحكم هدفا لمعركة لا هوادة فيها بين الاحزاب، وليس اخطر على سلامة الحكم الديموقراطي من ان يكون هذا الانحراف اساسا لبناء الاحزاب السياسية في الدولة بدلا من البرامج والمبادئ...».
لعلي قد اطلت في تلك المقدمة لابين بأن ممارسة العمل بالدستور الكويتي أكثر من خمسين عاما قد كشفت عن عيوب كثيرة اراد المشرع تلافيها من خلال ذلك الخلط بين النظامين وقد تكون احد اهم اسباب اخفاقاتنا اليوم، وقد تكون المبالغة في الحرص على تفتيت التكتلات والاحزاب الذي سلكته الحكومة بهدف اضعاف المعارضة الشعبية وتشرذمها، لكنه في الوقت نفسه قد أنشأ لدينا خمسين تكتلا وحزبا، لا رابط بينها بل كثير من التناقض والتنافر، وجعل الحكومة تنشغل بكل نائب على حدة، وبدلا من ان تتحقق الانضباطية والتعاون الذي تنشده الحكومة فقد شاهدنا السباق على الاستجوابات وفرد العضلات الذي أربك المجلس منذ الاسبوع الاول لانعقاده.
قد يقول قائل بان المجلس لا يملك القدرة في وضعه الحالي على اسقاط الحكومة او فرض الوصاية عليها بعكس مجلس 2012 المبطل الاول الذي كان يشكل تهديدا خطيرا على الحكومة ما دفعها للتعجيل بإسقاطه، ولكن يجب ألا ننسى بان المجلس المبطل كان يتحكم بتوجيه غالبية اعضائه ومنع انحرافهم، الى درجة اجهاض بعض الاستجوابات التي كان أصحابها مقتنعين بها ويصرون عليها.
اذا فنحن لا نستغرب من هذا الارتباك الذي نراه اليوم في المجلس وفقدانه لبوصلته، والسبب هو ان الحكومة هي التي دفعت البلد في هذا الاتجاه لكي تتخلص من المعارضة المنظمة، وبذلك وجدت نفسها في مواجهة جبهات متفككة متعارضة لا يربطها رابط على عكس ما حرص المشرع الكويتي عند كتابة الدستور على تجنبه!!
د. وائل الحساوي
[email protected]