بروفايل / ألبوماتها لاتزال تحظى بجماهيرية

هايده... أسطورة الغناء الإيراني تألقت في أنغام البوب

تصغير
تكبير
| إعداد حسين خليل |

حفل الزمان الجميل بإبداعات عمالقة الفن والغناء في عالمنا العربي الى جانب نجوم العالم الغربي فقدموا الكثير خلال مسيرتهم التي كانت في بعض الأحيان** مليئة بالمطبات والعثرات. منهم من رحل عن هذه الدنيا مخلفاً وراءه فنّه فقط، وآخرون ما زالوا ينبضون عطاء الى يومنا الحالي.

البعض من جيل اليوم نسي ابداعات هؤلاء العمالقة وتجاهلوا مسيرة حافلة من أعمال تركتها بصمة قوية، وفي المقابل يستذكر آخرون عطاءات نجوم الأمس من خلال الاستمتاع بأعمالهم الغنائية أو التمثيلية، وقراءة كل ما يخصّ حياتهم الفنية أو الشخصية.

وفي زاوية «بروفايل» نبحر في بحار هؤلاء النجوم ونتوقف معهم ابتداء من بداياتهم الى آخر مرحلة وصلوا اليها، متدرجين في أهم ما قدّموه من أعمال مازالت راسخة في مسيرة الفن... وفي بروفايل اليوم نستذكر أهم محطات الفنانة الراحلة هايده:



تعتبر الفنانة الراحلة هايده من أشهر المغنيات الفارسيات وأكثرهن تأثيرا خلال القرن العشرين، فقد برعت في أغاني البوب، وكانت تتمتع بطبقة صوت تقع في نطاق الكونترالتو.

ولدت هايده واسمها الحقيقي «معصومة دده بالا» في طهران بتاريخ 10 إبريل عام 1942، وتزوجت وتطلقت ثلاث مرات وأنجبت ثلاثة أبناء «كارمن وكييفان ونوشين نوري» مازالوا جميعا يعيشون في الولايات المتحدة، وحفيدها الأكبر يدعى «سهيل» وهو الابن الأكبر لابنها كييفان نوري.

درست علم المقامات الصوتية الموسيقية على يد الملحن وعازف الكمان الفارسي الشهير علي تجويدي. وبدأت مسيرتها الاحترافية كمغنية في العام 1967 وكان عمرها آنذاك 25 عاما، وكانت بداياتها الأولى في برنامج إذاعي بعنوان «أزهار ملونة» للمخرج داوود برينا.



«أزاده»

كانت «أزاده» أول أغنية حققت لهايده شهرة واسعة النطاق، وهي الأغنية التي لحنها علي تجويدي، ومن خلال أدائها لتلك الأغنية مع فرقة «أوركسترا غولها» كانت بمثابة تقديم موهبة غنائية متميزة إلى الإيرانيين الذين استقبلوها بحرارة، وقامت إحدى شركات الصوتيات بإنتاج تلك الأغنية على أشرطة وتسويقها تجاريا وكان ذلك في العالم 1968.



البوب الفارسية

أضافت هايده في فترة السبعينات موسيقى البوب الفارسية إلى أعمالها. وخلال تلك الفترة عملت مع عدد من مؤلفي أغاني البوب الذين كان من بينهم فريدون خوشنود وجاهانبخش بازوكي وأنوشيرفان روحاني ومحمد حيدري، ومن بين أبرز الأغاني التي أدتها هايده خلال تلك الفترة «غولي سانغ، نوروز آماد، إيدي تو، سوغاتي».



بعد الثورة... في المنفى

في 29 اغسطس من عام 1978، أي بعد فترة قصيرة على قيام الثورة في إيران، هاجرت هايده إلى بريطانيا وأقامت هناك لمدة ثلاث سنوات ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة في العام 1982 لتواصل مسيرتها الفنية ولتكون قريبة من شقيقتها الكبرى «مهستي».

عاشت هايده في مدينة لوس أنجليس ابتداء من العام 1982 وحتى وفاتها، وقد تعززت شهرة هايده هناك خلال فترة الثمانيات بفضل تزايد اعداد المهاجرين الإيرانيين الذين غادروا إيران في أعقاب الثورة.

وخلال تلك الفترة أصدرت هايده الكثير من الألبومات الغنائية، وهي الألبومات التي كان يتم تهريبها أيضا إلى داخل إيران. وحظيت أغنياتها السياسية وأغنيات الحنين إلى الوطن آنذاك بشعبية واسعة النظاق بين أفراد الجاليات الإيرانية التي كانت تعيش في المنفى، ومن أشهر أغانيها الأخرى أغنية «شابيه عشق، ليلة حب، راقي، يي إشارة، غيسيية مان أي «حكايتي» وزينديغي أي تغني «الحياة».

وخلال الثمانيات أيضا أحيت هايده حفلات غنائية حظيت بإقبال جماهيري كبير في الولايات المتحدة وكندا أوروبا وغيرها من ارجاء العالم بما في ذلك مسرح «رويال ألبرت هول» في لندن.

وعلاوة على ذلك، كانت هايده تظهر بانتظام على القنوات التلفزيونية الفارسية التي كانت تتخذ من مدينة لوس أنجليس مقرا لها، وكان من بينها قناة «IR TV» وقناة «جونبيش». وفي بعض البرامج التي ظهرت فيها كفيفة، كانت هايده توجه انتقاداتها إلى نظام الحكم المتشدد في إيران كما أنها كانت تعبر عن تأييدها ومناصرتها لأسرة الشاه الإيراني محمد رضا.



الأعمال الوثائقية

قام عازف البيانو والصحافي الإيراني بيجمان أكبر زاده بإنتاج وإخراج أول فيلم وثائقي عن حياة هايده بعنوان «هايده.. أسطورة الغناء الإيرانية» وهو الفيلم الذي تبلغ مدته 100 دقيقة، وتم عرضه للمرة الأولى في مدينة «أمستردام» الهولندية في يناير من العام 2009. وفي مايو من العام ذاته تم عرض ذلك الفيلم الوثائقي في «مهرجان نور السينمائي» في لوس انجليس، وحصل على ترشيح كواحد من بين أفضل الأفلام الوثائقية المشاركة في المهرجان، كما عرض ذلك الفيلم الوثائقي في النسخة التاسعة من المهرجان الدولي لأفلام المنفى في السويد، وفي النسخة الرابعة من مهرجان الأفلام الإيرانية في هولندا، وفي مهرجان أرشيف الأفلام في السينما.

وفي سبتمبر 2009 وجهت وكالة الأنباء شبه الرسمية الإيرانية «فارس» انتقاداتها إلى بيجمان أكبر زاده بسبب اقدامه على إنتاج فيلم وثائقي عن تلك المغنية الفاسدة المناصرة لحكم الشاه» على حد تعبير الوكالة.



أشهر أغنياتها:

Gol Vaajeh

Shabe Eshah

Sogand

Bezan Taar

Ay Zendegi Salam

Shanehayat

Nashanideha

Kharabati

Ya Rab

Padeshaheh Khooban

Ruzhaye Roshan

Ghesseye Man

Aroosak



تراثها

لاتزال بعض أغاني وألبومات هايده هي الأكثر مبيعا حتى الان، فالإيرانيون من جميع الأعمار يعيدون استكشاف أعمالها سواء في داخل أو خارج إيران، وتذاع أغانيها باستمرار على قنوات التلفزة ومحطات الإذاعة الفارسية، كما يحرص مطربون إيرانيون مشهورون على أداء أغانيها المشهورة، وأدى المطرب هوشماند أغيلي أغنيتها التي تحمل عنوان «سراب» وأدى المطرب بارفيز رحمن باناه أغنية «سال» بتوزيع موسيقي جديد، كما أدت المطربة شهلا سرشار أغنية حزينة بعنوان «في ذكرى هايده».

وقد كتب البروفيسور ايريك ناخجفاني في الموسوعة الإيرانية متحدثا عن هايده: «لقد كانت هايده تغني بمهارة فنية بارعة وبطاقة مفعمة بالشغف، كما أن قدرتها على التحكم في حنجرتها سمحت لها بان تؤدي سلسلة متنوعة من الطبقات الصوتية الرشيقة التي تتطلبها المقامات الغنائية الفارسية، علاوة على ذلك فإنها كانت تتمتع بحس فائق إزاء التوقيت الموسيقي وإزاء الانسياب الإيقاعي للموسيقى، وهو الأمر الذي جعلها قادرة على التعبير عن أي أغنية قامت بغنائها.



وفاتها

بعد ظهيرة السبت 20 يناير لعام 1990، فارقت هايده الحياة متأثرة بازمة قلبية عن عمر ناهز الـ 47 عاما، وجاءت وفاتها في اليوم التالي مباشرة لإحيائها حفلا غنائيا أقيم في نادي «كازابلانكا» في مدينة سان فرانسيسكو، وكانت هايده اشتكت منذ صباح يوم الحفل من شعورها بالتعب وعدم الارتياح، لكن طبيبها في لوس انجيليس أكد لها أنه لا يوجد شيء خطير يدعو على القلق على صحتها.

وكانت هايده قد عانت خلال حياتها من مشاكل في القلب ومن مرضى السكري وارتفاع الضغط، ومشاكل متعلقة بتعاطيها المفرط للكحوليات والمخدرات، كما أنها كانت مدخنة وهي الأمور التي أدت في مجملها إلى تدهور حالتها الصحية خلال فترة ما قبل وفاتها.

وكان والد هايده أيضا مريضا بالسكري وتوفي بسبب أزمة قلبية كما أن شقيقيها الأكبر منها توفيا بازمة قلبية، وقد عانت هايده من الاكتئاب منذ اضطرارها إلى الهجرة من إيران وحتى وفاتها.

وكانت وفاة هايده محزنة لكثير من الإيرانيين حول العالم، وبتاريخ 24 يناير 1990 تم دفن جثمان هايده في مدافن قرية «ويستوود» في لوس انجليس بولاية كاليفورنيا، وقد حضر جنازتها آلاف من محبيها وفي مقدمهم معظم المطربين والفنانين الإيرانيين الذين يعيشون في المنفى.

وقبل وفاتها بفترة قصيرة كانت هايده تسجل ألبوما غنائيا، كان من المقرر لها ان تنتهي من تسجيل ذلك الألبوم عقب عودتها من إحياء حفلها الغنائي في سان فرانسيسكو.

وكانت مجلة «جافانان» قد أجرت آخر مقابلة صحافية مع هايده قبل أسبوع واحد على وفاتها، ونشرت المجلة تلك المقابلة في اليوم التالي مباشرة لوفاة هايده، ولهذا السبب فإن المجلة حققت مبيعات ضخمة، وفي تلك المقابلة قالت هايده أنها سئمت الإشاعات التي تثار حول حياتها الشخصية، وأكدت على أنها تعتزم مواصلة أعمالها بل والتوسع فيها أكثر.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي