د. وائل الحساوي / نسمات / الكويت تغرق... تغرق... تغرق!

تصغير
تكبير
يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

تغرب عن الأوطان في طلب العلى

وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفرج هم واكتساب معيشة

وعلم وآداب وصحبة ماجد

وأضيف إلى ما قاله الإمام بأن السفر يزيد شوقك إلى بلدك وأهلك ويجدد طاقتك ويزيل عنك الملل من رتابة الجلوس في البلد.

سافرت فترة قصيرة وحصلت على تلك الفوائد (عدا اكتساب المعيشة، والسبب هو ان ديرتي قد اغدقت علي من جميع الخيرات وجعلتني مستغنيا عن التغرب لكسب العيش، لكن رجعت لأجد بان البلد معفوس كعادته والناس «تتحلطم» كعادتها، فسبعة استجوابات خلال اسبوعين من افتتاح مجلس الامة تجعل الامور تسير في طريق مسدود بعد أن استبشرنا خيرا بالنواب الجدد، وكما قيل (ضربتين بالرأس توجع!!) فكيف بسبع طلقات؟!

اما أعجب تلك الطلقات (اقصد الاستجوابات) فهو الاستجواب الاخير الذي أسموه استجواب الفتنة، فإذا كان وزير البلدية قد استنكر إزالة الشبرات ومجلس الوزراء قد استنكر فما هي مناسبة الاستجواب؟، بالرغم من اني اعتقد بان موظفي البلدية الذين قاموا بالازالة يستحقون وساما على صدورهم لتطبيقهم القانون دون محاباة، ولازلنا نشتكي في الكويت من رخاوة يد القانون وعدم تطبيقه، فاذا قمنا الآن بمعاقبة من يطبقه فعلى البلد السلام.

أما ربط تلك الازالة بالاهانة لشعائر دينية فهذا بعيد جدا، فالشبرات ليست قرآنا أو سنة، والذين ازالوها لم يكن هدفهم اهانة الآخرين وانما تطبيق القانون.

مشكلتنا في هذا العالم المتخلف هي اننا نتفنن في صنع الاعداء ونحول كل شيء إلى ذريعة للصراع والقتال، يذكرني ذلك عندما كنا صغارا حيث نهرت احد الاولاد لانه تعدى على اخي الصغير، فما كان من ابناء الفريج بدلا من ان يصلحوا بيننا الا ان رسموا دائرة على الرمل وقالوا بانها مزرعتي، ثم اعطوا الولد صخرة وقالوا له: هذه خرافك فأدخلها المزرعة، فلما فعل بدأت المعركة بيننا وهم يتفرجون ويشجعون!!

اما الاعجب من كل ذلك فهو مشاهدتي لديرتي تغرق في شبر ماء، وقد كانت تبريرات المسؤولين عجيبة غريبة، فمنهم من قال بان هذه حالة لم تحدث منذ ثلاثين عاما، ومنهم من قال: العبرة ليست بغرق الشوارع، وانما كيف انحسرت المياه بعد نصف ساعة من المطر، ووزير الاشغال يقول: انا مسؤول عن الشوارع وليس عن مناطق البر التي امتلأت بالمياه، وهكذا!!

ارجو الا يكون لتلك الفوضى تأثير على نفسيات ضيوفنا الأفارقة والعرب الذين كانوا يعتقدون بانهم سيزورون جنة الله على الأرض، والحقيقة ان سمو امير البلاد يستحق الشكر والتقدير على تنظيم هذه القمة المهمة التي ترفع من سمعة الكويت عاليا وتسعى لتوحيد الدول ذات الاهداف المشتركة للتصدي للتحديات العالمية الكثيرة، والحمد لله أن السماء لم تدر علينا المزيد من المطر في أيام القمة الافريقية حتى لا تتحول الكويت إلى بركة كبيرة يغرق فيها الجميع!!



الكويتيون الظرفاء!!

لقد اكتشفت بان الكويتيين اصحاب طرفة ودم خفيف سبقوا بها العالم كله، فكمّ التعليقات والنكات التي شاهدتها على مواقع التواصل الاجتماعي حول الاوضاع المنكوسة فاقت التوقعات ومنها نكتة عن رئيسة دولة افريقية قدمت لها الكويت منحة لكنها اعتذرت عن قبولها وطلبت من الكويت اصلاح مجاريها بتلك المنحة، ومنها قول رئيس افريقي للكويتيين: ما قلت لكم: اعطونا مليار ثاني ونأتي لكم بيوم الخميس عطلة!!

ومنها صورة لأفارقة غارقين إلى النصف في الماء ويحملون أمتعتهم فوق ظهورهم مع تعليق «الوفود تغادر البلاد».





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي