حديث / انتقام المرأة

u0627u0628u062au0633u0627u0645 u0627u0644u0633u064au0627u0631
ابتسام السيار
تصغير
تكبير
| ابتسام السيار |

يقول المثل الاسباني: (سلوك المرأة من دون استثناء تتحرك على محورين هما الحب والانتقام)... وقال جان جاك ان المرأة تحيا لتسعد بالحب **والرجل يحب ليسعد بالحياة... حين تحب المرأة فإنها تحب بكل قلبها وحين تكره فإنها تكره بكل جوارحها ويوم يخدعها رجل عرفته حبيباً وزوجاً أو تغدر بها امرأة لطالما اعتبرتها صديقة ورفيقة، فإنها قد لا تتورع عن الثأر ممن أساء إليها ورد الاعتبار لكبريائها الذي جرح وكرامتها التي أهدرت بالانتقام، بحيث تلجأ إلى كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لأنها في النهاية امرأة، وحين تنتقم لا تعرف شيئاً اسمه المغفرة كما لا تعترف بالرأفة أو الرحمة فمتى تفكر المرأة بالانتقام وتلجأ إليه؟ وكيف يكون انتقامها؟

يعرف بعض المستشارين الانتقام بأنه «رغبة تنتج عن إحباط يؤدي بالتالي إلى عنف داخلي يتمثل في حنق وغضب شديدين يؤرقان صاحبهما ويثيران في داخله ثورة عارمة بحيث يبحث عن منفذ للتعبير عنهما،فهذا التعبير يأخذ شكلين أحدهما صريح والآخر مستتر، والصريح أن يواجه الشخص من تسبب في إحباطه ويسعى للنيل منه وإيذائه على نحو واضح ومباشر، ولكن بعض الأحيان يكون الشخص المراد الانتقام منه أقوى وأكثر نفوذاً وسيطرة فيصعب في هذه الحالة التعبير الصريح للانتقام المباشر فيلجأ المرء للانتقام المستتر وهذه هي حيلة الضعيف... فالمرأة في المجتمع الشرقي لا تملك الكثير من مصادر القوة في مواجهة الرجل لذلك نجدها كثيراً ما تلجأ إلى هذا النوع من الانتقام، فتبحث عما يثير غضب وحنق من تود الانتقام منه ولكن من دون أن تترك أي دليل مادي يمكن أن تلام عليه.

فالانتقام نوع من أنواع العنف الذي يمارس ضد الغير والمرأة مسالمة بطبيعتها حنون وعطوف، وقد قيل قديماً إن المرأة للحب والرجل للحرب ولكنها أي المرأة إذا ما تعرضت للضغوط المستمرة والشعور المتواصل بالقهر والمهانة فإن انتقامها قد يكون أشد وأعنف مما يتوقع، فاسلوب المرأة يختلف عن أسلوب الرجل، وذلك يرجع إلى طبيعة تكوينها النفسي والبيولوجي فهي لا تملك المقدرة والقوة الكافية لارتكاب فعل عنيف ضد من تعتقد أنه تسبب في إيذائها وجرحها أو اهانتها، ولكنها تملك الحيلة والدهاء، فتلجأ إلى أساليب غير مباشرة، حيث تهاجم الشخص المعني هجوماً غير مباشر وبهذه الطريقة يصعب التعرف على الفاعل الحقيقي فتكون بمأمن من الاتهام ومن هذه الأمثلة تشويه السمعة والنميمة والتعرية والتشهير والفضيحة أمام الناس، أما إذا كان الزوج هو هدف الانتقام فقد يكون الأسلوب عنيفاً ونسمع عن قصص من الواقع تلجأ فيها المرأة إلى إصابة الزوج بأذى جسيم، وكل ذلك لأن الزواج يعني للمرأة كل شيء بحياتها يعتبر شيئاً جزئياً بالنسبة للرجل فإذا ما شعرت المرأة بتهديد لمملكتها الوحيدة وذلك عن طريق ارتباط زوجها بامرأة أخرى أو خيانته لها أو إهماله التام لها أو إساءة معاملتها واهانتها بالتقليل من شأنها فقد يتنامى لديها شعور بالحقد والكراهية تجاه هذا الزوج وبمرور الوقت يتراكم هذا الشعور على نحو لا تجد أمامها معه سوى الانتقام للتنفيس عنه بغض النظر عن النتائج المترتبة.

وإذا كانت المرأة تستطيع أن تعبر عن مشاعر غضبها وتنفس عما يعتريها من غضب بأي شكل من أشكال الانفعالات المقبولة، فقد لا تلجأ إليه حين تشعر بأنها غير قادرة على رد الظلم ولو بالغضب وتوجيه اللوم فهي تخاف من فقدان الزوج والمجتمع لا ينصفها ولا يقف إلى جانبها فتراه لا يتفهم سبب غضبها، ولا يجد مشكلة في أن يتزوج زوجها بأخرى فالرجل مصرح له بأربع ولا تستطيع المرأة هنا أن تبوح بمشاعرها حتى لأقرب الناس إليها إذ إن لا أحد يفهمها... وهنا نقول لا يوجد حدود مشروعة للانتقام فالقانون لا يسمح به أو يبيحه حتى وإن كان الظلم عظيماً، ولكن المجتمع قد ينظر إلى بعض الممارسات الانتقامية على أنها حق مشروع ودفاع عن النفس وأن المجنى عليه يستحق ذلك... ومن أن أسباب الانتقام يرجع لعاملين: الأول الظلم، والثاني بسبب خلل في تركيبة المرأة النفسية، موضحة أنه في أغلب المجتمعات تعيش المرأة تحت ضغوط وعوامل خارجية وبيئية واجتماعية واقتصادية تجعلها مستضعفة، بحيث يقع عليها الظلم من دون أن تستطيع رده فمنذ نشأتها وهي قد تعاني ظلم المجتمع لها، وقد يأتي الظلم من أقرب الناس إليها ممثلاً في الأب والأخ أو حتى الأم التي تفرق بينها وبين أخيها، ومطلوب منها التضحية بكل شيء من أجل إرضاء الأسرة وهي في الغالب لا تملك قرار تعليمها أو اختيار زوجها كما لا تملك أدنى مساحة من الحرية الشخصية لممارسة أشياء تحبها ولا تتعارض مع الدين أو المجتمع، وهذا المنع للمرأة بحجة نزعات مزاجية من الأخ أو الأب أو نتيجة الجهل والتعصب الأعمى، وقد يكون الخلل كامناً في المرأة نفسها، فالمرأة السوية لا تلجأ للانتقام وإنما إلى بدائل أخرى من ذلك مثلاً أن تتفادى أو تبتعد عن مصدر الإحباط بشكل أو بآخر فإذا لم تستطع عليها أن تشغل نفسها بأشياء أخرى تعوضها عن الحرمان أو تنسيها ما تتعرض له من الظلم والقهر قد تستفيد من هذه المعاناة في إبراز جوانب إبداعية أخرى لديها.



[email protected]

@Follow Me :sshaheen9

Instagram:u20storiess
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي