جعفر رجب / تحت الحزام / الرايات خضراء

تصغير
تكبير
في البلد بيت يقال له البيت الشيعي، وقد لايكون بيتا، لعلها خيمة، او غرفة «كيربي» فوق السطح، لهذا البيت تاريخ طويل وقصص كثيرة، لا احد يدري متى تم بناء هذا البيت، ولا كيف وجد، ولا المسؤول عنه، ولا وثيقة البيت مسجلة باسم من، المهم هو موجود، وواقعيا هو اقرب الى «مسافر خانة»منه الى بيت.

في البداية كان ملاك واصحاب هذا البيت، عبارة عن عوائل محدودة من التجار يديرونها وفقا لمصالحهم، فمن يملك المال يملك القرار والمريدين والانصار، ثم انقلب الحال مع دخول التيارات السياسية الدينية الى البيت واحتلاله والسيطرة على غرفه، والمطابخ والكراج، وبشر القادمون الجدد اهل البيت بان الاوضاع تغيرت، وان الحقوق ستتساوى، وان البلد والبيت للجميع...تصارع قليلا اصحاب التيارات فيما بينهم، و«كل يدعي وصلا بليلى» وسكينة وزهراء وحوراء...ورغم صراعاتهم وتحالفاتهم واخطائهم، الا ننا لم نسمع يوما بفسادهم، او حرمنتهم، او استغلالهم الفج للدين والمذهب في الطرح السياسي... فما للحسينية للحسينية، وما للبرلمان للبرلمان.

الآن، وانت تقف على اطلال البيت الشيعي، لا ترى سوى بيت بلا باب، ولا بواب، يتحدث باسمه كل افاق ونصاب، وشعارات، هيهات منا الذلة، ويا لثارات، والمظلومية... «لعق على ألسنتهم، يلوكونه ما درت معايشهم» مستغلين عقائد الناس، وحبهم لدينهم ومذهبهم وتراثهم في جمع الاصوات، والوصول الى الكراسي الخضراء باسم الرايات الخضراء!

لم تر سوى انتهازية من قادتها، واستغلال من الحكومة، تستعملهم مرة كخيال مآتة لتخويف غيرهم، ومرة كخروف سمين يتم اطعامه ثم تجويعه، او سجنه بعقوبات قاسية، او نحره على مذبح المصالح والحسابات السياسية، والانتهازيون في البيت الشيعي لا يمارسون سوى الصراخ، والتهديد السخيف على امور تافهة، لا تغني بلدا، ولا تشبع جائعا، ولا تنمي وطنا...وكما يتواجد الافاقون هناك الحمقى الدائمون الذين يصفقون في كل عرس ويبكون في كل مناحة، دون ان يتساءلوا ويستفسروا عن صاحب العرس او صاحب العزاء، هؤلاء المتسلقون على شعارات الحقوق و«كونوا احرارا»لا يريدون من رواد البيت سوى ان يؤمنوا بان الحقوق تعني حقه في خيمة لتوزيع الفيمتو، والحرية عندهم تعني حرية وضع راية مذهبية فوق البيت...يا سادة يا كرام، ان كان هذا بيتكم، خير لكم ان تهدموه على من فيه، فلا خير في بيت طاهر يحكمه اللصوص، واسكنوا في بيت الوطن-الذي يخر سقفه حاليا-اصلحوا سقفه، لتعيشوا تحت ظله!



جعفر رجب

JJaaffar@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي