لست ضد مبدأ الاستجوابات فهو حق مشروع لكل نائب، ولا يمكن إنكار أهميته، لكن في المقابل يتعين الا يعتمد النائب في جميع نقاشاته المفتوحة مع الحكومة والتي يتعين ان تظل هكذا دائما من اجل الصالح العام، تسليط سلطان سيفه على الوزراء، بل على النتيجة التي يمكنه احرازها من استخدام هذه الاداة الدستورية.
لم تنفك الكويت من الحديث اخيرا حول الاستجواب المقدم ضد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح، وسابقة إسقاطه دستوريا وكذلك إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الصحة الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح، وإلى وزيرة التخطيط الدكتورة رولا دشتي، حتى تقدم النائب رياض العدساني بطلبي استجواب الاسبوع الماضي لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الاسكان وفقا للمادة (100) من الدستور.
ولم ينته الأسبوع حتى لحقته النائبة صفاء الهاشم في استعراض العضلات بتقديم استجوابين طلقة واحدة لرئيس الوزراء وآخر للوزيرة دشتي!
تطور العلاقة بين النواب والحكومة التي كانت توصف قبل شهرين بالحميمية، إلى الحد الذي بات فيه «الشق عود»، قد يجعل من هذه الاستجوابات بداية إعادة تشكيل دراماتيكية لقطاع الاستجوابات الموجهة في المجلس الاسبق، بينما تثير الاعتقادات بأنّ هذا المشهد التأزيمي قد يتزايد تعقيدا مستقبلا في حال إعادة خلط الأوراق بين النواب والحكومة.
وامام سيل الاستجوبات، رجعت إلى المادة (100) لمعرفة سر النواب في توظيفها بوتيرة هستيرية وفي وقت لا يذكر.
تنص المادة المئوية على انه «لكل عضو من اعضاء مجلس الامة ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات عن الامور الداخلة في اختصاصاتهم»، وبالطبع هذا التوصيف القانوني مطاطي كونه يمنح الحق لكل نائب في استجواب اي وزير، دون الاعتبار بأن هناك محدادات يتعين ان تكون موقد الاستجواب.
النائب العدساني قدم صحيفة الاستجواب الى رئيس مجلس الوزراء دون تضمينها محورا معينا وانما اكتفى بكتابة مقدمة يشرح فيها اخفاق الرئيس في السياسة العامة للحكومة التي تدخل ضمن نطاق اعماله، على اساس ان «الغموض يسيطر على تلك السياسة مع تراجع جميع القطاعات والخدمات»، دون ان يوضح المتغير الذي طرأ على الكويت منذ انتخابه، واستدعى منه الفزعة لاستجواب رئيس الحكومة.
عمليا لا يمكن إنكار ان كل مقيم في البلاد سواء كان مواطنا ام وافدا يعيش واقع تراجع جميع القطاعات والخدمات، فمن منا لا يعلم تأخر البلاد بل وخروجها اصلا من صف التنمية، وان دولا اخرى كانت تقف خلفنا بدأت منذ فترة في تسجيل مراكز متقدمة في التنمية والاصلاح الاقتصادي والاجتماعي قياسا بالكويت بعد تحسين بيئة اعمالها والقائمين عليها.
والسبب الرئيس وراء هذه المفارقة بيننا وبينهم ان ساسة هذه الدول استطاعت ان تشخص المشاكل المتجذرة لديها، ووضعت لها معالجات مهنية قابلة للتطبيق، دون الدخول في لعبة تقطيع الوقت على مسرح توزيع الاتهامات للحكومة دون تقديم المعالجات.
بالطبع لكي تصل الكويت إلى المراحل التنموية المتقدمة التي سجلتها الدول المتقدمة في قطاعاتها وخدماتها نحتاج إلى وصفة سحرية، يشربها جميع نواب ووزراء الكويت رشفة واحدة وأمام عدسات التلفزة، ليبدأوا من جديد العمل على تحقيق مكتسب عنوانه العريض اتفاق الجميع على محاربة الفساد ومعاقبة كل مخطئ على ان يكون ذلك بعيداعن استخدام الغمازات الشعبوية.
ملحوظة:
على كل من يملك هذه الخلطة ان يسرع في تقديمها، وان لم يستطع اقناع النواب والوزراء بتناولها، فعليه فعل ذلك بطريقة أو بأخرى، باعتبار ان هذا العمل يحتاج الى فداوي برتبة فاعل خير.
سعد خالد الرشيدي