ما أجملها من أجواء خريفية معتدلة الحرارة، والهواء العليل يسفسف على وجوهنا ليكسو المنظر بهاء وجمالا، وزخات المطر التي نزلت بالأمس تنعش النفوس وتبدد مرحلة الجفاف والغبار والحر.
كلما خرجت من البيت أتمنى ألا أركب السيارة وأن أؤدي أشغالي مشياً على الأقدم، وأشعر بأن العالم كله يحسدنا على طقسنا!!
تذكرت قول الشاعر (البحتري) يصف الربيع بقوله:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه (النيروز) في غسق الدجى
أوائل وردكن بالأمس نوّما
نفتح اليوم مجلسنا في دورته الثانية للفصل التشريعي الرابع عشر، ونحن أمام مجلس شبه جديد بأعضائه وطموحاته، وأمام تحديات كبيرة جداً، وقلوب الناس متعلقة بهذا المجلس وتتمنى أن ينجز كثيراً مما توقف خلال السنوات الست الماضية. ندرك جميعاً بأن الشق كبير ولا يمكن أن تتدارك الحكومة ما فاتها خلال تلك السنوات بمجرد النيات الحسنة، ولكن المهم هو أن يبذل الوزراء جهدهم لتحقيق أكبر ما يمكن إنجازه، وأن يبذل النواب جهدهم لمساعدتهم وتشريع ما ينقصهم.
لابد أن نشيع روح التفاؤل بيننا وأن نشجع المخلصين على بذل المزيد من الجهد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولابد من تجنب جلد الذات وإشاعة روح الاحباط واليأس أو الانسياق وراء أصحاب المصالح الضيقة ممن يراهنون على أن الحكومة ستفشل، أو الذين يصرّون على اتهام الجميع بالفشل والفساد، فليست هذه هي الطريقة المثلى لإصلاح الاعوجاج.
نعم هنالك بعض الوزراء قد أبدوا فشلهم وعدم قدرتهم على تحمل مسؤولية وزاراتهم، والواجب عليهم أن يصلحوا أنفسهم أو يستقيلوا!!
ولكن أن نشيع تلك الروح في مجلسنا حتى قبل أن يبدأ عمله ونطالب بتعديل وزاري جذري أو أن نحاسب وزراء على ماضيهم حتى وان سعوا لإصلاح أخطائهم، فإن هذا يعتبر انتحاراً جماعياً ولن نجني من ورائه إلا المزيد من التخبط والإرباك!!
إن من يتابع جلساتنا في الدواوين والأماكن العامة ونقاشاتنا ليلاحظ حجم اللطم والنوح الذي نمارسه كشعب في كل شيء، وانتقادنا لكل صغيرة وكبيرة في حياتنا مع أننا نعترف بأننا أفضل من الكثيرين في كل شيء!!
ذكرت وكالة «موديز» العالمية أن ميزانية دولة الكويت قوية جداً وتتمتع بسيولة مرتفعة، وان حصة الفرد من الناتج المحلي قد بلغت 40 ألف دولار، وأن الاحتياطيات النفطة تخدمها 92 عاماً.
ولا شك أن هذا الخير هو من فضل الله تعالى علينا ثم من بعض السياسات المالية والاقتصادية التي تتخذها الكويت للمحافظة على ثرواتها بالرغم من وجود الهدر في الانفاق والفساد، وكل ما نحتاجه اليوم هو المزيد من المراقبة الصارمة على أوجه الانفاق والسعي لايجاد بدائل للنفط، وهو أمر غير صعب إذا توفرت الارادة.
يقول الشاعر إيليا أبوماضي:
أيهذا الشاكي وما بك داءٌ
كيف تغدو إذا غدوت عليلا
إن شر الجُناة في الأرض نفسٌ
تتوقى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى
أن ترى فوقها الندى إكليلا
هو عبءٌ على الحياة ثقيلٌ
من يظن الحياة عبئّاً ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئاً جميلا
فتمتع بالصبح ما دمت فيهِ
لا تخف أن يزول حتى تزولا
د. وائل الحساوي
[email protected]