أرسلت طلباً الى المسؤول في لجنة الزكاة والصدقات بجمعية احياء التراث الاسلامي اطلب منه مساعدة بعض الحالات الانسانية التي تصلني، لكنه اعتذر بلطف قائلاً: اعذرني بان اؤخر طلباتك قليلاً، فلا تدري كيف يقوم اهل الكويت خلال السنتين الاخيرتين بتوجيه جميع صدقاتهم وزكواتهم الى المهاجرين السوريين إلى درجة تكاد تجفف بقية المشاريع الدعوية.
يسّر الله تعالى لي زيارة الأردن خلال عطلة عيد الاضحى المبارك، فقمت بزيارة بعض مخيمات المهاجرين السوريين واماكن تواجدهم في منطقة (اربد) و(الرمثا) شمال الاردن، فرأيت العجب العجاب، ليس فقط من الوضع المأسوي للسوريين في تلك المناطق ولكن الاهم هو نصرة اخوانهم الاردنيين لهم وتقاسمهم اللقمة معهم وتسخير جميع امكاناتهم البسيطة لخدمة اخوانهم ممن لجأوا اليهم في أحلك الظروف واقساها.
لقد شاهدت ما تقوم به ابرز جمعية خيرية في شمال الاردن من جهود اغاثية بارزة لنصرة السوريين، الا وهي جمعية التكافل الخيرية الاردنية، والتي يقوم على ادارتها شباب متطوع برئاسة الشيخ ابوبكر خالد النواصرة.
وقد أوضح لنا الشيخ ابو بكر بأن جمعيتهم طابعها خيري بحت وانها لا تتبنى اي منهج سياسي او تدعم اياً من الاحزاب او الجماعات القائمة بل همها خدمة اخوانها في العقيدة، لذلك فهي لم تتوان عن احتواء كل من هاجر اليهم من سورية ومساعدتهم ومد يد العون اليهم، كما اوضح لنا بأن غالبية المساعدات تصل اليهم عن طريق جمعية احياء التراث الاسلامي في الكويت وعن طريق جمعية صندوق اعانة المرضى.
ذهبنا لزيارة مركز استقبال النازحين من سورية التابع للجمعية فوجدناه مجهزا بامكانات متطورة لاستقبال كل من يعبر الحدود السورية الى الاردن حيث يقوم بتسجيل اسمائهم ويقدم لهم المعونات المباشرة قبل ان يقوم بتوزيعهم على اماكن الايواء، ويبلغ معدل النازحين من سورية يومياً اكثر من مئتي نازح بعضهم في حال يرثى لها، وكثير منهم من الارامل والمعوقين ومن الاطفال الذين قتل اباؤهم او امهاتهم.
لدى جمعية التكافل مخيمات عدة تديرها بالكامل بالتعاون مع هيئة الامم المتحدة التي تقدم المساعدات للنازحين ولكنها لا تكفي لاعاشتهم (عشرة دنانير شهرياً للفرد) فتتكفل جمعية التكافل بتعويض النقص عن طريق تشغيل افران للخبز وتوزيعه بالمجان على النازحين، اضافة الى معونات شهرية لكل اسرة.
ذهبت لزيارة المركز الصحي الذي اقامته الجمعية والذي يستقبل مئات الحالات يومياً في غالبيتها من المهاجرين السوريين ويقدم لهم العلاج بالمجان، حتى الامراض المزمنة مثل السكر والضغط وغيرها، ولكن مدير المركز اخبرنا عن مشكلة نقص الادوية وعن نقص الاطباء المتخصصين، لذا فقد خصصوا طبيباً يحضر يوماً في الاسبوع لكل تخصص محدد، اما غرفة العمليات فهي مجهزة تجهيزاً كاملاً لكنها لا تعمل حالياً لان اطباء العمليات يكلفون مبالغ طائلة ولا يوجد متطوعون، ويفرح المركز كلما زاره اطباء متخصصون من الكويت يقضون اياماً في علاج المرضى.
أكثر ما أحزنني منظر أحد المهاجرين من كبار السن وهو يبكي ويتوسل الى مدير المركز الصحي بأن يعفيه من دفع الدينار الاردني الذي فرضه المركز على العلاج الذي يكلف مبالغ كبيرة - على غير السوريين - فوعده المدير خيراً، وعشرات المرضى يتوسلوننا ان نوفر لهم ادوية غير متوافرة.
تذكرت أكياس الادوية التي نرميها في الزبالة لعدم حاجتنا لها!
القادم أسوأ
موسم الشتاء قد بدأ يطرق الابواب، وهؤلاء المهاجرون تتزايد اعدادهم بطريقة مخيفة ويفترش بعضهم خياماً لا أعمدة لها، وموسم الشتاء يعني تساقط الثلوج الكثيرة وحاجتهم الى البطانيات والخيام، والاهم هو الملابس الثقيلة ووسائل التدفئة، فليكمل اهل الخير في الكويت وقوفهم مع اخوانهم عسى الله تعالى ان يعجل في فرجهم وان يكون هذا آخر شتاء يمر عليهم في غربتهم وأن يهلك عدوه وعدوهم.
د. وائل الحساوي
[email protected]