د.حمد العصيدان / كلمات ناطقة / إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت!

تصغير
تكبير
| د. حمد العصيدان |

في سباق التسلح الأميركي السوفياتي خلال ذروة الصراع بين القوتين العظميين في منتصف القرن الماضي، قام الاتحاد السوفياتي برحلة إلى القمر وأخذ الرواد معهم كلبا - أكرمكم الله - لاختبار إمكان الحياة على ظهر القمر، فأطلقوا الكلب عند وصول المركبة إلى القمر ليموت في الحال لعدم وجود هواء ولا أكسجين على سطحه، فثارت ثائرة أميركا التي وجدتها فرصة للهجوم على العدو اللدود، فاعتبرت «قتل الكلب على ظهر القمر عملا غير إنساني» وفيه استهتار بأرواح الحيوانات!

الشاعر الفلسطيني محمود درويش وجد في الموقف الأميركي تناقضا صارخا بين احتجاجها على مقتل الكلب على القمر، بينما تسمح لإسرائيل بارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين، وكانت وقتها قد ارتكبت عددا من المجازر بحق فلسطينيي الداخل، وهم الذين يطلق عليهم اسم «فلسطينيي 1948» فقال بيتيه الشعريين المشهورين:

قتل كلب في القمر... جريمة لا تغتفر

وقتل شعب كامل... مسألة فيها نظر!

ذكرني بهذه القصة القديمة، موقف الدول الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان المزعومة تجاه الخبر الذي نشرته جريدة «الراي» عن عزم الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي تطبيق الفحص الطبي بهدف منع دخول المثليين جنسيا إلى أراضيها. وقبل أن نتحدث عن التناقض في هذه المواقف، لابد من الإشارة إلى أن تسمية «المثليين جنسيا» هي الصورة التجميلية للعلاقات الإنسانية الشاذة في الجانب الجنسي التي تعرف عندنا في مجتمعاتنا الشرقية الإسلامية باسم «السحاقيات» من النساء اللواتي يقمن علاقات محرمة مع بعضهن، و«الجنس الثالث» من الرجال الذين يميلون ليتشبهوا بالنساء.

أما عن التناقض في المواقف الأوروبية فكان آخره تصريح وزير خارجية بلجيكا ديدييه رايندرز لـ«الراي» يوم الجمعة الماضي بأن الاتحاد الأوروبي يدرس قرار الكويت منع دخول المثليين إليها، محتجا بأن سلوك هؤلاء هو حرية شخصية. ولا شك أن ما ذكره الوزير البلجيكي لا يندرج في أي صورة من الصور تحت بند حقوق الإنسان، وهم الذين يتفرجون على انتهاك حقوق الإنسان وإزهاق روحه في سورية دون أن يحركوا ساكنا، لا بل إن بلجيكا من الدول التي وقفت معارضة للضربة الأميركية المزعومة لسورية في أوائل الشهر الماضي ردا على استخدام الكيماوي ضد الشعب السوري، ليلتقي هذا الموقف مع الموقف الأميركي من الاتحاد السوفياتي في قضية قتل الكلب، وكأن لسان الحال يتكرر مع بعض التغيير، كأن نقول إن منع دخول الشواذ الذين يخالفون فطرة الله في خلق الإنسان إلى الكويت جريمة لا تغتفر، أما السماح لبشار الأسد بأن يقتل أبناء الشعب السوري بالكيماوي وصواريخ السكود وطائرات الميغ فهي مسألة فيها نظر!

للأسف فإن قيم العالم تشوهت وخرجت عن كل عرف وخلق، فحتى لو تركنا ما قاله الإسلام عن هذه الفئة من الناس وعدنا لتعاليمهم المسيحية، فسنجد أن الكنيسة حاربت حربا شعواء مثل هذا الشذوذ ودعت إلى محاربته، ولكن لأنه لا وجود للدين ولا للقيم في السياسة الأوروبية والأميركية، سكت القساوسة والرهبانيون، وتركوا الوضع يستفحل في الغرب، وهم اليوم يريدونه أن يستفحل في الشرق تحت عباءة حقوق الإنسان، ولكن «حامض على بوزهم» فمجتمعاتنا محصنة بأخلاقها وقيمها عن مثل هذه الممارسات الشاذة.

وإذا كانت حقوق الإنسان تقاس بهذه الممارسات فلتذهب تلك الحقوق إلى الجحيم.



[email protected]

@Dr_alasidan
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي