الغالبية هي الفائزة ولم يخرج النواب من الانتخابات فائزين إلا بفضل تصويت الغالبية من القاعدة الانتخابية لهم في الدوائر التي ترشحوا فيها، وهذا بالطبع بعد توفيق الله عز وجل وتيسيره.
إن أصعب ما بعد النجاح والوصول إلى القمة الحفاظ على النجاح والبقاء في القمة في أجواء نعتقد أنها ستكون ملتهبة.
من يحفظ نفسه عن بعض الممارسات السلبية «وشطحات اللسان» ويوازن أموره ويتعقل بالحكم على كل شاردة وواردة هو الإنسان الحكيم ويحاول أن يقرب ولا ينفر، يكسب ولا يخسر... والبقاء للأصلح، كما يقولون!
قد يرى البعض أن الغالبية من النواب من الإسلاميين، وهذا لا يعني بالضرورة ظهور توجه إسلامي لمجلس الأمة، فالاعتدال يعني الاستقلالية بالطرح وفي بعض الأحيان تستدعي الضرورة اتخاذ الوسطية منهجاً، وهي الأقرب إلى ما يطلق عليه موقف المستقلين، ولكن كيف لنا تحقيق ذلك؟
في المجلس هناك «سلف»، «حدس»، «حشد»، «وطني»، «مستقل»، و«إسلامي مستقل»، وقبليون يميلون إلى التوجه الإسلامي المستقل، وهذه الكتل هي مجاميع لم تبادر أي منها في وضع اللبنة الأولى لتشكيل كتلة الغالبية إلا على مستوى «النيو إسلامي»!
إن نواب مجلس 2008 في خانة الانتظار لتحديد المواقف، ولن تتحدد الرؤى إلا بعد التشكيل الحكومي الذي تم وجاء بعد تدقيق وتمحيص، لكنه بلا شك لن يلقى القبول من الجميع لأن الاختلافات باقية إلى أجل غير مسمى.
لو كنت مكان النواب لقمت برصد الأولويات
والقضايا المثارة خلال الحملة الانتخابية ودعوت جميع النواب إلى اجتماع تشاوري، كي تتم مناقشة آراء النواب تجاهها والخروج باستراتيجية عمل تضمن موافقة الغالبية لأن الغالبية ستفرض من رأيها.
إن النواب بحاجة إلى موقف وسط يرسم صفة الغالبية وبعدها يتم الاجتماع مع أعضاء الحكومة، كي يتفق الطرفان على خطة العمل المقبلة بغية البعد عن حالات التأزم التي تنبأ بها كثيرون من النواب الجدد وبعض المحللين السياسيين.
للعلم، إن الطريق إلى الغالبية المطلقة محفوف بالمخاطر، ولكنه ليس بالمستحيل فتفرق الكتل بين «حدس»، «حشد»، «سلف»، «مستقل»، «نيو إسلامي» (الإسلامية المستقلة) وكتلة نواب الشيعة يدفع إلى عدم الاتزان بالطرح واحتمال التباين الذي يوصل إلى حال الاحتقان السياسي الذي عانت منه مجالس الأمة السابقة.
ونفهم بحكم طبيعتنا البشرية أن كل كتلة ترغب أن تكون السيادة والقيادة لتوجهاتها، ولو نظرنا إلى الكيمياء الشخصية لبعض النواب لأضحى الأمر مفهوماً بشكل جلي.
هذا من جانب النواب، وأما الحكومة فهي مطالبة بعرض أولوياتها وفق ما رصدته خلال الحملة الانتخابية فهي بحاجة إلى تفهم الوضع بشكل دقيق كي تكون قريبة من أمال ومتطلبات الشارع الكويتي الذي نحن بصدد خدمته سواء من قبل النواب أو الحكومة.
إذاً، كتلة الغالبية هي الملاذ الأخير للسلطتين والانحياز إلى طرف دون آخر هو المحرك والمهيج للحالة السياسية، والبلد بحاجة إلى اتفاق ينقذنا من حالة الاهتزاز السياسي المتوقع بلوغه في الأيام الأولى من دور الانعقاد... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]