د. وائل الحساوي / نسمات / شاهد على العصر!

تصغير
تكبير
أتمنى من كل طالب للحقيقة أن يتابع لقاءات (قناة الجزيرة) مع عضو قيادة الثورة السورية الأسبق (أحمد أبوصالح) في برنامج (شاهد على العصر) الذي يلخص لنا حقبة تاريخية مهمة في حياة العرب الحديثة، حقبة مليئة بالمؤامرات والدسائس والخيانات، وقد تم تسجيل تلك الحلقات في عام 2003 قبل اندلاع الثورة السورية.

إن فهم تلك الأحداث التي جرت في العالم العربي بما يشبه الشريط السينمائي لفيلم درامي مرعب كنا نجهل الكثير عن ملابساته، لكننا اليوم نسمع أحداثه ممن عاشوا تلك الأحداث وساهموا فيها، إن فهم تلك الأحداث يجيب عن تساؤلاتنا الكثيرة عن كيفية سقوط سورية والعراق في أيدي حفنة من المجرمين الذين ساموها سوء العذاب وتآمروا عليها ولا يزالون، ويجيب عن دور الدول الغربية في دعم هؤلاء المجرمين والاستفادة منهم في الهيمنة على مقدرات الشعوب العربية، ويبين لنا أسباب استعصاء سقوط ذلك النظام بالرغم من التضحيات الكثيرة التي بذلها الشعب السوري لإسقاطه، فقد قام النصيريون منذ بداية هيمنة حزب البعث العربي الاشتراكي على الحكم في سورية بتصفية من شاركوهم الحكم من النصارى والدروز والسنّة وبتسريح كل من لا ينتمي لهم من الجيش إلى أن بقي النصيريون وحدهم.

ويروي أبوصالح بأنه بالرغم من درجته المتقدمة في الثورة وصلاحياته الواسعة ومسؤوليته عن ثلاث وزارات إلا أن القرارات كانت تطبخ خارج التنظيم وتصلهم جاهزة، وكثيراً ما يتم اقناعهم بأنها لمصلحة الثورة!!

كما يروي أبوصالح عن دور الجواسيس الإسرائيليين في سورية وعلى رأسهم (إيلي كوهين) الذي اخترق ثورتهم وأقام علاقات قذرة مع كثير من نساء قيادات الثورة، ثم بعد استيلاء حافظ الأسد على السلطة عام 1970 قام بإطلاق سراحهم جميعاً وإرسالهم إلى إسرائيل بحجة طلب الاستشفاء كما تحدث أبوصالح عن الرسالة التي بعثها والد حافظ الأسد مع مجموعة من النصيريين إلى فرنسا يطالبونها بعدم إعطاء سورية استقلالها لأنهم لا ينتمون إلى العرب ويخافون من بطش العرب!!

وتحدث أبوصالح عن دورهم المشبوه في الانقلابات البعثية التي جرت في العراق وهيمنتهم على الحكم وإفساده وعن التآمر على مدينة حماة في ثورتها الأولى، ثم تكلم عن التآمر على مؤسس حزب البعث (ميشيل عفلق) وهربه إلى العراق واحتضان صدام حسين له ثم الخلاف الشديد بين بعث العراق وبعث سورية!!

ثم يخلص أبوصالح الذي هرب بعد تآمر النصيريين عليه إلى أنهم كانوا مخدوعين أشد الخداع حيث ركبت تلك الفئات المنحرفة على ظهورهم واستطاعت تدمير سورية من خلالهم وهم يعتقدون بأنهم يخدمون بلادهم!!

بالطبع فإن مسلسل التآمر قد استمر طويلاً ونحن بحاجة إلى من يقص علينا ما بعد مرحلة أبو صالح وقصة بيع الجولان لإسرائيل عام 1967 - كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع - ثم دور كوهين في هزيمة العرب في تلك الحرب، ودور سورية في لبنان عندما فوضها العرب بتشكيل قوات الردع (اللدغ) العربية لإنقاذ لبنان، التي دخلت عام 1976 لتفتك بالفلسطينيين وتناصر حزب الكتائب، ثم دورها في توطيد نفوذ (موسى الصدر) والتعاون معه لقتل الفلسطينيين، ثم حرب المخيمات الفلسطينية وغزو إسرائيل للبنان عام 1982 ودور الأسد في دعمها ومن ثم الهيمنة على لبنان والتلاعب بشؤونه الداخلية وإشعال النيران بين شعبه، ودعم حزب الله ليكون شوكة في خاصرة لبنان. ونحن بحاجة إلى كشف حقيقة التآمر على رئيس الوزراء رفيق الحريري - رحمه الله!!

لئن كان قدر الشعب السوري واللبناني والفلسطيني أن يُبتلى بهذه الأنظمة المجرمة التي أعادته قروناً كثيرة إلى الوراء، لكننا على يقين بأن هذه الثورة المباركة مهما كثرت جراحاتها فإنها ستكشف وتزيح عن كاهلنا تلك الحقبة المخيفة من تاريخنا - بإذن الله تعالى وستكشف حقيقة من تآمروا علينا لكي ندوسهم بالأقدام!!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي