تركي العازمي / المرشح الأكاديمي والفرعيات!

تصغير
تكبير

المثل الشعبي يقول: «الخيل تعطي على قد أفعالها»... وهذا يعني أن الناخب يعطي المرشح على قدر أفعاله وتواصله وخدماته الحاضرة والملموسة من قبل أهالي الدائرة، وجرت العادة أن نجد قاعدة الناخبين في حاجة إلى المرشح الذي ينزل إلى مستوى ثقافتهم ويخاطبهم باللهجة نفسها كي يتقبلوا طرحه!

هذا ردي على كل مرشح مثقف حاصل على درجة الدكتوراه، أو ما يعادلها ولديه فكر مستنير، ولكن الفرعيات أو التصفيات أو التشاوريات أو التزكيات قد أبعدته عن شرف تمثيل الدائرة وناخبيها. ثم إن بعض المرشحين في حالات نادرة خالفوا الفرعيات وترشحوا منفردين، وحالفهم الحظ.

علينا أن نعترف أن الانتخابات الفرعية غير منصفة وصارت الكراسي محتكرة من قبل البعض وصار من يصل هو من يملك عدداً معين يحركه بـ «الريموت كنترول» حتى وإن كانت التوجهات غير إصلاحية، فالخدمات صارت هي المقياس ولا حول ولا قوة إلا بالله!

يحضرني في هذا المقام بيت شعر للشاعر الفذ فلاح الحجيلان :

«الثقافة والأدب والفلسفة وآخر محطات الجنون

عبقري دكتور ما عنده ثقافة عن مراتع ذودنا».

إن إخواننا الأكاديميين جاؤوا بفكر علمي وثقافة تحتاجها البلد ولكن لغتهم تختلف عن مفاهيم السواد الأعظم من القاعدة الانتخابية، فهم ينظرون إلى الأمور من زاوية ويحللون ويستطيعون فهم القصد من وجوب توافر العمل الاستراتيجي والميزانيات وغيرها من القوانين المطروحة، وفي المقابل نجد السواد الأعظم كان يبحث عن مرشح يساندهم في التوظيف، النقل، الترقية لأبنائهم وبناتهم، وتحديداً في الدائرتين الرابعة والخامسة وإذا معها «عانية» تكون الصورة قد بلغت الكمال.

والظاهر لنا يوحي بأن عملية الاختيار ومحركاتها الرئيسية لدى ذهن الناخبين في الدائرتين الرابعة والخامسة مازالت كما هي، رغم أن مخرجات التعليم الجامعي تشير إلى أن قرابة 75 في المئة هم من أبناء المناطق الخارجية، ولكن لا حياة لمن تنادي!

أعتقد والله العالم أن طبيعة الدائرتين مختلفة عن باقي الدوائر من ناحية الخدمات، وفرص التوظيف ونوعيته ناهيك عن الواسطة – العصا السحرية التي فرضتها الحكومة في العقود الماضية، والتي تعتبر السبب في بقاء معايير الاختيار على ما هي عليه!

لو أن الحكومة رفضت مبدأ الواسطة ومنحت مساحة من الثقافة والعدالة وتكافؤ الفرص في التوظيف والترقية في القطاعين العام والخاص لما استمر تأثير تلك العصا السحرية – الواسطة ولتبع ذلك تغيير في مفهوم الاختيار، ليصبح مبنياً على الكفاءة وحينئذ يكون المجال مفتوحا أمام الكفاءات من حملة الدرجات العلمية العالية.

إننا لا نقصد الجميع من حملة الدكتوراه... فبعضهم «ما يعرف كوعه من بوعه»، ولكن نعني حملة الدكتوراه من أصحاب الفكر والرؤى الثاقبة والشخصيات الاجتماعية.

المشكلة أن الانتخابات الفرعية أو التشاورية تجد فيها المخضرمين «يتكتكون» ويرسمون كيفية توزيع الأصوات لتصب في صالح مرشحيهم، وبالتالي تُصاب الكفاءات بخيبة أمل بعد الإعلان عن النتائج!

إن الخطأ منا نحن أبناء القبائل لأننا مازلنا على مر العقود نمنح الصوت لمن أدى خدمة لنا والتي هي، أي الخدمة، واجبة، ولكن أمانة الصوت بحاجة إلى من يتفهم أركانها ويوجهها التوجيه السليم لمن عينه على خدمة الوطن ورفعة شأنه وقد نحتاج إلى عقدين من الزمان كي نتحرر من هذه المفاهيم الفاشلة، فهل نتعظ ونصلح خطأنا في الانتخابات المقبلة؟ والله المستعان.

  

تركي العازمي


كاتب ومهندس كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي