الحياة تمتلئ بالخير، والخير كلمة تفضي إلى الأمل، ومكامن الخير كثيرة ومتنوعة، والدنيا يعتريها فريقان، فريق ذو نظرة سوداء قاتلة قلوب كلها سوء لا ترجو الخير، تعمل على نشر الفساد وترويع الناس وقلب الباطل إلى حق والعكس صحيح، وهم نراهم كثراً، فلا يخلو يوم من الاطلاع على خبر لتفجير في مكان ما أو سفك دم في موطن ما أو إلحاق الضرر في ديرة ما، وكأن الناس هم سمك في بحر لجي متلاطم الأمواج لا فيه هدوء ولا استقرار، يقذف بهم الموج من مكان إلى آخر، لا يذوقون طعم الاستقرار، ولا يريدون الاستقرار للآخرين، أو كأنهم أسماك في بحر يلتهم الكبير الصغير ويقضي القوي على الضعيف، وكأن الدنيا للذين يرون المشاهد سوداء بقلوب ملؤها الحقد يعيشون في غابة حيث يقضي الحيوان القوي على الضعيف الذي لا حول له ولا قوة، والفريق الآخر هو ذلك الفريق الذي تكون الدنيا في عينيه ناصعة البياض، قلبه مفعم بالأمل، مشيه تواضع منطقه الخير يشير إليه ويدل الناس عليه، يعمل على غرس النبتة الطيبة لتكون شجرة وارفة الظلال تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
وهذه المشاهد نجدها في أصقاع الأرض ونجد أناساً يحملون لواءها يبشرون بالأمل ويعملون على تنميته فلا يقولون ما يخدش الآخرين ويجعلون وسائل الاتصال الاجتماعي مصادر للخير واكتساب المعلومة الطيبة والاطلاع على الخبرة الحسنة والمشهد الذي يعزز الخلق الطيب والكرامة الإنسانية ولا يجعلون من أنفسهم عن طريق هذه الوسيلة وكالة للأنباء تبث الشر وتعمل على تفعيل الباطل.
عزيزي القارئ، يوم الجمعة الماضي كنت في المستشفى الأميري وفي غرفة ملاحظة الرجال، فسررت من مشهدين كريمين، الأول: شاب يمسك رجلاً من العمالة الآسيوية يشكو مرضاً وهو يحتضنه كأنه شقيقه ويعمل على توفير أسباب الراحة والطمأنينة له، ويسأل عن حالته ويتابعها بحرارة وحماسة واخلاص.
مشهد جميل يجعل المرء يحس أنه في وسط ممتلئ بالخير.
والمشهد الآخر: شاب يرقد على السرير وبجانبه والده وشيخ يقعد على كرسي متحرك لم يجد له مكاناً على سرير نظراً لامتلاء غرفة الملاحظة بالمرضى ما أدى بوالد الشاب المريض إلى أن يأخذ ولده ويقعده على كرسي ويستأذن الطبيب في أن يرقد الشيخ كبير السن مكان الشاب.
منظر جميل يدعو على التفاؤل ويعمل على الخير ويحس الإنسان بأن هذه الديرة تمتلئ بالخير وللخير فيها مكامن عديدة ومواطن كثيرة وأماكن متعددة وأشخاص يحملون الخير بأيادي بيضاء ويشيرون إليه ويعملون على تفعيله.
وصدق الأديب:
من يعمل الخير لا يعدم جوازيهُ
ما ضاع عرف بين الله والناسِ
سلطان حمود المتروك