كمال علي الخرس / كلمة صدق / ظاهرة العنف والجريمة

تصغير
تكبير
| كمال علي الخرس |

في اليوم نفسه الذي لقي فيه شاب في ريعان شبابه حتفه بطعنة مباغتة ألقته صريعا مضرجا بدمه، في هذا اليوم نفسه وفي المجمع نفسه تم تسجيل خمس وثلاثين جريمة بعضها دامية ومن بينها الجريمة المذكورة.

على الرغم من بشاعة جريمة قتل الشاب، إلا ان ما تم تداوله في وسائل الاعلام عن وقوع عشرات المشاجرات بعضها عنيف الى درجة اسالة الدماء في المجمع نفسه، وفي يوم الخميس نفسه الذي شهد الجريمة المروعة، وهذا العدد من الشجار في مجمع تجاري في فترة زمنية لا تتعدى الساعات امر لافت للنظر يدل على وجود اوتنامي ظاهرة العنف، وان هناك مجاميع من الشباب تتجه للمجمعات ويدها على الزناد وقبضتها تطوق سكينة، استعدادا لجولة من العنف وعرض للعضلات المفتولة والقيام بمصارعة حرة مباشرة.

هناك طرح لبعض الأفكار من قبل أمنيين بأن يكون هناك امن سياحي أي ادارة شرطة مختصة بالأماكن السياحية كالأسواق وما شابهها. فكرة وجود رجال الامن في الأسواق رجال امن متخصصون فكرة جيدة بل لا بد منها، ولقد كان هناك في السابق شرطة للأسواق، وكأنه بات هناك اليهم حاجة بصورة تواكب الحاضر. لكن هل تكفي وجود شرطة في الاسواق؟

يحكى انه في عقود سابقة ومع بروز المدن الكبرى في الولايات المتحدة، وجد رجال الشرطة في احدى المدن امرأة مقتولة في بيجاما النوم، وهي بعيدة عن منزلها وزوجها وعيالها على مسافة بعيدة نسبيا عن منزلها. الجريمة في ذاك الحين هزت المجتمع الأميركي ووسائل الاعلام تداولتها مع علامات الحيرة والتساؤل، وبدأ علماء التربية والأخصائيون الاجتماعيون التباحث حول هذه الجريمة وكان التساؤل، كيف يتم قتل امرأة متزوجة وصاحبة أولاد خارج بيتها في بيجاما النوم؟ كانت هذه الجريمة ناقوس خطر لمرحلة جديدة من جرائم القتل والعنف في اميركا ما زال أواره مشتعلا الى الآن.

على ذلك فان وضع رجال امن في الاسواق وفي اماكن سياحية اخرى محددة امر لا بد منه، لكن هذه الظاهرة اذا تمت مطاردتها امنيا فقط في الاسواق سوف تنتقل الى الشواطئ مثلا ثم الى ساحات محددة في المناطق او في المخيمات الربيعية او غيرها، لان المعالجة الامنية ضرورية إلا انها لا تعالج الجذور.

جذور العنف امر الحديث فيه يطول، وهو مشكلة وطنية ومشكلة عالمية في نفس الوقت، فهناك امور كثيرة تشجع على العنف في العالم، عنف سياسي ينتقل بالصوت والصورة للمجتمع، وعنف في وسائل الاعلام لأغراض ربحية بدون أي وازع اخلاقي كالأفلام التي تشجع على العنف والألعاب الالكترونية العنيفة، إعلام مفتوح وبلا اي ضوابط، فماذا بعد ذلك يكون ما تحصل عليه عقول الناشئة من غذاء فكري؟

وأما وطنيا، فيجب ان يكون هناك توعية تقودها المدرسة ووزارة التربية بشكل عام والجامعات ووزارة الاعلام والداخلية وكل الجهات المختصة تنشر ثقافة الحب والتسامح والعفو، وتذم العنف والانتقام وما يقود اليه من مهالك.

 

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي