الدليل الفقهي
الدكتور عبدالرؤوف الكمالي
|الدكتور عبدالرؤوف الكمالي|
مساحة خصصناها للتواصل مع قراء «الراي» الاعزاء، نقدم لهم من خلالها الاجوبة الشافية على ما يعن لهم من اسئلة حول امور وقضايا تحتاج إلى بيان** الحكم الشرعي فيها. يجيب عن الاسئلة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرؤوف الكمالي استاذ الفقه في كلية التربية الاساسية.
وللتواصل ارسلوا بأسئلتكم عبر ايميل الجريدة
www.alraimedia.com
او فاكس رقم (24815921).
حكم التسليمة الثانية
في صلاة الجنازة
السؤال: ما حكم التسليمة الثانية في صلاة الجنازة؟
الجواب: اعلم بان هذه المسألة فيها خلافٌ مشهورٌ عند العلماء وان كان عامة الناس يظنون ان صلاة الجنازة ليس فيها الا تسليمةٌ واحدةٌ فقط، لما يرونه من عمل الناس.
فقد ذهب أكثر العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم الى التسليمة الواحدة في صلاة الجنازة. وبه أخذ المالكية، والحنابلة في المذهب عندهم.
واستدلوا بأدلة متعددةٍ، منها:
1 - حديث أبي هريرة: «ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة، فكبر عليها أربعا، وسلم تسليمة واحدة». أخرجه الدارقطني واللفظ له، والحاكم، واسناده حسن.
2 - وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف «انه أخبره رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة على الجنازة ان يكبر الامام ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويخلص الصلاة في التكبيرات الثلاث، ثم يسلم تسليمًا خَفِيًّا حين ينصرف، والسنة ان يفعل من وراءه مثل ما فعل أمامه». أخرجه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، فظاهر هذا الحديث انه يسلم تسليمةً واحدة.
3 - ان التسليمة الواحدة على الجنازة، قد رُوِي عن جمعٍ من الصحابة، وقد صحت الرواية فيه عن بعضهم كعبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
لكن في المقابل، ذهب كثيرٌ من أهل العلم الى انه يسلم في صلاة الجنازة تسليمتين. فهو قول بعض السلف، وبه أخذ الحنفية، وهو الأظهر عند الشافعية، وقول بعض الحنابلة، وابن حزم.
وقد استدلوا بأدلة متعددة أيضًا، منها:
1 - حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «ثلاثُ خِلالٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن، تركهن الناس، احداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة». أخرجه البيهقي باسناد جيد كما قال النووي. وقال الهيثمي: «رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات». اهـ.
ووجه الدلالة من الحديث: ان قوله: «مثل التسليم في الصلاة». محمول على ما عهد من النبي صلى الله عليه وسلم فعله في الصلوات، وهو التسليمتان، فانه الأكثر والأشهر، وابن مسعود انما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم التسليمتين فقط، فدل على ان مراده التسليمتان، لا سيما مع عدم رواية ابن مسعود للتسليمة الواحدة وروايته للتسليمتين. ولعل ابن مسعود أراد ان يبين مشروعية التسليمتين - أيضًا - في الجنازة، فان الذين ورد عنهم من الصحابة التسليمة الواحدةَ جمع، فكانت الأشهر والأكثر في صلاة الجنازة.
2 - عن شريك عن ابراهيم الهجري قال: «أمَّنَا عبد الله بن أبي أوفى على جنازة ابنته، فكبر أربعًا، فمكث ساعة حتى ظننا انه سيكبر خمسًا، ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ قال: اني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. أو: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم...» أخرجه البيهقي، واسناده ضعيف، ولكن يشهد لصحته حديث ابن مسعود السابق.
وخلاصة القول: ان الذي يظهر: ان التسليمتين ثابتتان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك التسليمة الواحدة، فالسنة فعل هذا تارة وهذا تارة، الا ان الظاهر ان الاتيان بالتسليمة الواحدة كان أكثر فعله صلى الله عليه وسلم، بدليل وروده عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم، والله تعالى أعلم.
وأوصي نفسي واخواني ألا يشدَّدوا في هذه المسائل وأمثالها مما وردت فيها أدلة مختلفة، واختلفت من أجل ذلك انظار العلماء فيها، وعلى المسلم اتباع الامام فيما يفعل، فان سلم
تسليمةً واحدة سلم مثله تسليمة، وان سلم تســــليمتين سلم تسليمتين، وفق الله تعالى المسلمين لكل خير.
مساحة خصصناها للتواصل مع قراء «الراي» الاعزاء، نقدم لهم من خلالها الاجوبة الشافية على ما يعن لهم من اسئلة حول امور وقضايا تحتاج إلى بيان** الحكم الشرعي فيها. يجيب عن الاسئلة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرؤوف الكمالي استاذ الفقه في كلية التربية الاساسية.
وللتواصل ارسلوا بأسئلتكم عبر ايميل الجريدة
www.alraimedia.com
او فاكس رقم (24815921).
حكم التسليمة الثانية
في صلاة الجنازة
السؤال: ما حكم التسليمة الثانية في صلاة الجنازة؟
الجواب: اعلم بان هذه المسألة فيها خلافٌ مشهورٌ عند العلماء وان كان عامة الناس يظنون ان صلاة الجنازة ليس فيها الا تسليمةٌ واحدةٌ فقط، لما يرونه من عمل الناس.
فقد ذهب أكثر العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم الى التسليمة الواحدة في صلاة الجنازة. وبه أخذ المالكية، والحنابلة في المذهب عندهم.
واستدلوا بأدلة متعددةٍ، منها:
1 - حديث أبي هريرة: «ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة، فكبر عليها أربعا، وسلم تسليمة واحدة». أخرجه الدارقطني واللفظ له، والحاكم، واسناده حسن.
2 - وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف «انه أخبره رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة على الجنازة ان يكبر الامام ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويخلص الصلاة في التكبيرات الثلاث، ثم يسلم تسليمًا خَفِيًّا حين ينصرف، والسنة ان يفعل من وراءه مثل ما فعل أمامه». أخرجه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، فظاهر هذا الحديث انه يسلم تسليمةً واحدة.
3 - ان التسليمة الواحدة على الجنازة، قد رُوِي عن جمعٍ من الصحابة، وقد صحت الرواية فيه عن بعضهم كعبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
لكن في المقابل، ذهب كثيرٌ من أهل العلم الى انه يسلم في صلاة الجنازة تسليمتين. فهو قول بعض السلف، وبه أخذ الحنفية، وهو الأظهر عند الشافعية، وقول بعض الحنابلة، وابن حزم.
وقد استدلوا بأدلة متعددة أيضًا، منها:
1 - حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «ثلاثُ خِلالٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن، تركهن الناس، احداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة». أخرجه البيهقي باسناد جيد كما قال النووي. وقال الهيثمي: «رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات». اهـ.
ووجه الدلالة من الحديث: ان قوله: «مثل التسليم في الصلاة». محمول على ما عهد من النبي صلى الله عليه وسلم فعله في الصلوات، وهو التسليمتان، فانه الأكثر والأشهر، وابن مسعود انما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم التسليمتين فقط، فدل على ان مراده التسليمتان، لا سيما مع عدم رواية ابن مسعود للتسليمة الواحدة وروايته للتسليمتين. ولعل ابن مسعود أراد ان يبين مشروعية التسليمتين - أيضًا - في الجنازة، فان الذين ورد عنهم من الصحابة التسليمة الواحدةَ جمع، فكانت الأشهر والأكثر في صلاة الجنازة.
2 - عن شريك عن ابراهيم الهجري قال: «أمَّنَا عبد الله بن أبي أوفى على جنازة ابنته، فكبر أربعًا، فمكث ساعة حتى ظننا انه سيكبر خمسًا، ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ قال: اني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. أو: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم...» أخرجه البيهقي، واسناده ضعيف، ولكن يشهد لصحته حديث ابن مسعود السابق.
وخلاصة القول: ان الذي يظهر: ان التسليمتين ثابتتان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك التسليمة الواحدة، فالسنة فعل هذا تارة وهذا تارة، الا ان الظاهر ان الاتيان بالتسليمة الواحدة كان أكثر فعله صلى الله عليه وسلم، بدليل وروده عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم، والله تعالى أعلم.
وأوصي نفسي واخواني ألا يشدَّدوا في هذه المسائل وأمثالها مما وردت فيها أدلة مختلفة، واختلفت من أجل ذلك انظار العلماء فيها، وعلى المسلم اتباع الامام فيما يفعل، فان سلم
تسليمةً واحدة سلم مثله تسليمة، وان سلم تســــليمتين سلم تسليمتين، وفق الله تعالى المسلمين لكل خير.