No Script

ناصر بدر العيدان / من الآخر / 32

تصغير
تكبير
| ناصر بدر العيدان |

هل تعلم ان هناك واحدا وثلاثين شعباً في العالم، هم أكثر سعادة من شعب الكويت؟ سأعطيك مثالاً على احد الشعوب التي تعتبر سعيدة أكثر منا: إسرائيل! نعم، جيراننا اليهود هم اكثر سعادة منا نحن المسلمين، برغم ظروف الحرب! وعلى الرغم من وفرة النفط الذي جعلتنا نتبنى خطة الطوارئ الدائمة: الله لا يغير علينا! وكذلك سنغافورة وبنما والارجنتين وتشيلي، كل أولئك أكثر سعادة منا! تبدو فقيرة هذه الدول اليس كذلك؟ فما بالك بقطر وعمان والامارات.. هم كذلك أكثر سعادة منا! هذا ما لخصه تقرير «سعادة العالم» الذي أعدته شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة لهذا العام.

لم تعد الثروة تعكس سعادة الشعوب، كما ينظر لنا الآخرون بأننا دول نفطية غنية وسعيدة، فجميع الدول التي ذكرتها أعلاه نحن أغنى منها نفطياً، ولكنهم أكثر منا سعادة! لماذا؟ لأن النفط باختصار ليس كل شيء. ويستغرب البعض عندما يعلم ان التضامن الاجتماعي من اهم عوامل سعادة الشعوب، الاحساس بالانتماء والشعور بالآخر، الترابط الوطني أو بلغتنا السياسية «المستهلكة» الوحدة الوطنية! هي سر خطير من أسرار سعادتنا يغفل عنها الكثير. هي لم تعد ترفاً أو مجاملة، هي بحسب تقرير الأمم المتحدة- أكثر دافعاً لسعادة شعب ما، من ثروة هذا الشعب!

ليس هذا فقط، حرية الحياة والتفاعل والتعبير من الأسباب الرئيسية التي تتغلب كذلك على الدخل المادي للدولة من حيث بواعث السعادة على الشعب، فكلما وضعت القيود على أسلوب الحياة كان ذلك سبباً للحزن والأسى لدى الشعوب مهما كان الدخل المادي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فالطريقة المباشرة في التقييد ان تقوم الحكومة بهذا الدور للأسف من خلال تطبيق القوانين المقيدة للحريات، والطريقة غير المباشرة أن تسكت الحكومة عندما يقوم البعض بهذا الدور ضد البعض الآخر، تحت لواء الطائفية او الحزبية أو اي لواء إقصائي آخر!

تفاجأت كثيراً لهذا الكائن الغريب، هذا الإنسان، تزيد أمواله وتزيد ثرواته، ولا يشعر بالسعادة لمجرد انه.. لا يشعر بكينونته كإنسان! ان الشعور بالذات هو الثروة الحقيقية التي يعترف بها الإنسان، وكل من يظن غير ذلك هو على غير الفطرة السليمة التي فطرنا الله عليها، نحن بحاجة الى الشعور بالانسان، البحث عن الانسان، الاهتمام بالانسان.. لا يهم كم هو دخلنا، او ثرواتنا، أو قيمة حساباتنا، بقدر ما هو مهم ان نعرف قيمتنا نحن عند ذواتنا أولاً.. وعند الآخرين! الذين يشاركوننا أكسجين هذا الوطن. من الآخر، المركز الثاني والثلاثون لشعب رائع ومثقف ومقتدر مثل شعب الكويت، يعكس حزناً متراكماً مكبوتاً.. والمكبوت لا يموت!

 

Nasser.com.kw
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي