الميليشيات المسلحة أعيد تشكيلها بعد 25 يناير 2011
كرداسة بين 1965 واليوم... عناوين متكررة
| القاهرة ـ من رشدي الدقن |
في يوم 21 سبتمبر العام 1965، وفي المكان نفسه، قرية كرداسة، الواقعة على بعد 20 كيلومترا جنوب غرب القاهرة، تكررت عناوين الصحف نفسها: «الأمن يقتحم القرية للقبض على مطلوبين من الإخوان»، و«الإخوان يرفضون تسليم المطلوبين ويطلقون النار على الشرطة العسكرية، والحجة أنهم بملابس مدنية».
كرداسة باتت مأوى الجهاديين والسلفيين الذين يمثلون 70 في المئة من قوى التيار الإسلامي في القرية، وتراجعت نسبة الإخوان منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
تتنوع عناصر التيار الإسلامي في مركز كرداسة، ما بين أعضاء جماعة الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية، وأعضاء السلفية الجهادية، بيد أن السلفيين والجماعة الإسلامية لهم نصيب الأسد على خريطة التيار الإسلامي، حيث تنتمي قيادات الجماعة الإسلامية والسلفيون لكبار العائلات التي تسيطر على جميع الأوضاع في كرداسة، وهي الغزلاني وبشندي والزمر.
أما الأهالي في القرية، فينقسمون إلى 3 فئات: الأولى تضم مناصري «الإخوان» والجماعات الإسلامية في المنطقة، والثانية تضم البرجوازيين، أما الثالثة، فتضم الفلاحين ممن يعملون اليوم بيوم.
وتشكلت ميليشيات الجهاد والسلفيين الحديثة، عقب قيام الثورة مباشرة، وتحديدا عند خروج العضو البارز في جماعة الجهاد الشيخ محمد الغزلاني، والذي ظل محبوسا لأكثر من 15 سنة. وكوّن الغزلاني مع أحد أقربائه وهو الشيخ مهدي مجموعة مسلحة من الملتحين وبعض المسجلين «خطر» تحت مسمى اللجان الشعبية، والتي لاقت استحسان جميع من يقيم في كرداسة نظرا لغياب الأمن وانتشار البلطجية، وأصبحت ميليشيات السلفيين والجهاد «شرا لابد منه»، حيث قام الشيخ مهدي باتباع جزء من الحديث الشريف «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده».
وبدأت المجموعة الملتحية المسلحة في فرض سيطرتها بالفعل وضبط أكثر من شخص حاول سرقة المارة، وأكد الشيخ الغزلاني أنه بعد عودة الأمن سوف تعود اللجان الشعبية إلى حياتها الطبيعية، وقال الشيخ مهدي أن جماعته ستسلم الأسلحة التي بحوزتها إلى المركز.
ولكن مع بداية إعادة فتح مركز شرطة كرداسة اصطحب الشيخان مهدي والغزلاني مجموعة مسلحة من الملتحين وأطلقوا وابلاً من الأعيرة النارية على الضباط، مهددين بتصفيتهم إذا تمت إعادة فتح المركز وعودة الضباط القدماء.
عندها اضطرت قيادات وزارة الداخلية إلى إغلاق مركز شرطة كرداسة لإشعار آخر، وغادرت قيادات القسم عملها من مقر في جوار القرية الذكية، حيث عانى المواطنون الأمرين وقتها، تارة من غياب الأمن وتارة أخرى من بعد مسافة المركز عنهم وصعوبة تحرير محاضر.
فضلت قيادات أمن الجيزة حينها التفاوض مع الشيخين مهدي والغزلاني وكأنهما يملكان الشرعية واشترط الشيخ مهدي، نقل أكثر من 4 ضباط إلى مكان آخر، ومنهم رئيس المباحث وعدم نزول ضباط القسم، إلا بعد التنسيق مع اللجان الشعبية.
ورغم تعافي الأمن وانتشار الجيش، فإنه لم يجرؤ أحد على الاقتراب من ميليشيات السلفيين والجهاد في كرداسة. ويتم تقسيم ميليشيات الشيخ مهدي على 3 مجموعات كل مجموعة عددها نحو40 فردا، حيث يتم نشر أكمنة على طريق صفط اللبن والليبيني وداخل كرداسة نفسها.
وبدأت تحركات الإخوان والجماعات الإسلامية فور وقوع مجزرة كرداسة في 14 اغسطس الماضي، وتناول وسائل الإعلام لها، وتسرب أنباء مفادها اعتزام الأجهزة الأمنية اقتحام المنطقة للقبض على المتورطين في الحادث، حيث تجمع العشرات من جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية، وقرروا تحصين كرداسة ومنع دخول أحد إليها، وأقاموا جدرانا خرسانية عند مدخل المدينة بعد كوبري كرداسة مباشرة على بعد كيلومترات من مبنى المركز، وتمت إقامة حواجز على الطريق الجديد القادم من الدائري.
كما استولى الإخوان والجماعات الإسلامية على مبنى المركز بعد احتراقه بالكامل، حيث لم تتبق منه إلا الجدران، واعتلى أسطحه مجموعة من شباب الإخوان المدججين بالأسلحة النارية، استعدادا لمواجهة قوات الأمن.
الإخوان والجماعة الإسلامية تمكنوا بمساعدة أنصارهم من جمع كميات كبيرة من الأسلحة النارية الحديثة والـ «آر بي جي» استعدادا للموقعة المنتظرة التي يتم فيها مواجهة الشرطة التي تعتزم اقتحام المدينة وضبط المتورطين في حادث مقتل 11 ضابطا وفرد أمن.
زاد الاحتقان في كرداسة، بعدما فقدت عددا من أبنائها المنتمين للتيار الإسلامي، ممن سقطوا ضحايا خلال فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي أمام مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر، وما إن قامت قوات وزارة الداخلية بفض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة حتى بدأت ردة فعل جماعة الإخوان تتخذ منحى عنيفا جدا.
وتاريخيا، في الستينات كانت كرداسة مأوى للجماعات المتطرفة وعندما أراد عبد الناصر أن يحارب تلك العناصر، العام 1965 داهمت قوات الشرطة كرداسة للقبض على السيد النزيلي أحد قيادات «الإخوان»، وأرسل وزير الحربية الأسبق شمس بدران، الذي كان يومها مدير مكتب المشير عبدالحكيم عامر، قوات مشتركة من قوات الحربية والداخلية لمحاصرة كرداسة وتم اعتقال أعداد كبيرة من الإخوان.
وربما تكون كرداسة قد حصلت على هدنة محدودة في عهد الرئيس أنور السادات نظرا إلى أنها القرية التي اختفى بها عقب تنفيذه عملية اغتيال وزير المالية أمين عثمان، الذي كان أيام الحكم الملكي قريبا من الاحتلال البريطاني.
وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبرغم تحويلها إلى قرية سياحية، فإن كرداسة صارت أكثر فقرا.
وتعد قرية كرداسة من القرى القديمة في مصر، فقد أتى ذكرها في أكثر من موضع في المؤلفات التي اهتمت بحصر القرى المصرية مثل القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة 1945 لمؤلفه محمد بك رمزي.
وكانت مركز تلاقي طرق الرقيق والحجاج وطريق الغرب وطريق سيوة وطريقا إلى وادي النطرون. وتقع بالقرب من أهرامات الجيزة وتشتهر بالمصنوعات اليدوية والمشغولات الفرعونية والملابس التقليدية الريفية الخاصة والمصنوعات الجلدية.
في يوم 21 سبتمبر العام 1965، وفي المكان نفسه، قرية كرداسة، الواقعة على بعد 20 كيلومترا جنوب غرب القاهرة، تكررت عناوين الصحف نفسها: «الأمن يقتحم القرية للقبض على مطلوبين من الإخوان»، و«الإخوان يرفضون تسليم المطلوبين ويطلقون النار على الشرطة العسكرية، والحجة أنهم بملابس مدنية».
كرداسة باتت مأوى الجهاديين والسلفيين الذين يمثلون 70 في المئة من قوى التيار الإسلامي في القرية، وتراجعت نسبة الإخوان منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
تتنوع عناصر التيار الإسلامي في مركز كرداسة، ما بين أعضاء جماعة الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية، وأعضاء السلفية الجهادية، بيد أن السلفيين والجماعة الإسلامية لهم نصيب الأسد على خريطة التيار الإسلامي، حيث تنتمي قيادات الجماعة الإسلامية والسلفيون لكبار العائلات التي تسيطر على جميع الأوضاع في كرداسة، وهي الغزلاني وبشندي والزمر.
أما الأهالي في القرية، فينقسمون إلى 3 فئات: الأولى تضم مناصري «الإخوان» والجماعات الإسلامية في المنطقة، والثانية تضم البرجوازيين، أما الثالثة، فتضم الفلاحين ممن يعملون اليوم بيوم.
وتشكلت ميليشيات الجهاد والسلفيين الحديثة، عقب قيام الثورة مباشرة، وتحديدا عند خروج العضو البارز في جماعة الجهاد الشيخ محمد الغزلاني، والذي ظل محبوسا لأكثر من 15 سنة. وكوّن الغزلاني مع أحد أقربائه وهو الشيخ مهدي مجموعة مسلحة من الملتحين وبعض المسجلين «خطر» تحت مسمى اللجان الشعبية، والتي لاقت استحسان جميع من يقيم في كرداسة نظرا لغياب الأمن وانتشار البلطجية، وأصبحت ميليشيات السلفيين والجهاد «شرا لابد منه»، حيث قام الشيخ مهدي باتباع جزء من الحديث الشريف «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده».
وبدأت المجموعة الملتحية المسلحة في فرض سيطرتها بالفعل وضبط أكثر من شخص حاول سرقة المارة، وأكد الشيخ الغزلاني أنه بعد عودة الأمن سوف تعود اللجان الشعبية إلى حياتها الطبيعية، وقال الشيخ مهدي أن جماعته ستسلم الأسلحة التي بحوزتها إلى المركز.
ولكن مع بداية إعادة فتح مركز شرطة كرداسة اصطحب الشيخان مهدي والغزلاني مجموعة مسلحة من الملتحين وأطلقوا وابلاً من الأعيرة النارية على الضباط، مهددين بتصفيتهم إذا تمت إعادة فتح المركز وعودة الضباط القدماء.
عندها اضطرت قيادات وزارة الداخلية إلى إغلاق مركز شرطة كرداسة لإشعار آخر، وغادرت قيادات القسم عملها من مقر في جوار القرية الذكية، حيث عانى المواطنون الأمرين وقتها، تارة من غياب الأمن وتارة أخرى من بعد مسافة المركز عنهم وصعوبة تحرير محاضر.
فضلت قيادات أمن الجيزة حينها التفاوض مع الشيخين مهدي والغزلاني وكأنهما يملكان الشرعية واشترط الشيخ مهدي، نقل أكثر من 4 ضباط إلى مكان آخر، ومنهم رئيس المباحث وعدم نزول ضباط القسم، إلا بعد التنسيق مع اللجان الشعبية.
ورغم تعافي الأمن وانتشار الجيش، فإنه لم يجرؤ أحد على الاقتراب من ميليشيات السلفيين والجهاد في كرداسة. ويتم تقسيم ميليشيات الشيخ مهدي على 3 مجموعات كل مجموعة عددها نحو40 فردا، حيث يتم نشر أكمنة على طريق صفط اللبن والليبيني وداخل كرداسة نفسها.
وبدأت تحركات الإخوان والجماعات الإسلامية فور وقوع مجزرة كرداسة في 14 اغسطس الماضي، وتناول وسائل الإعلام لها، وتسرب أنباء مفادها اعتزام الأجهزة الأمنية اقتحام المنطقة للقبض على المتورطين في الحادث، حيث تجمع العشرات من جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية، وقرروا تحصين كرداسة ومنع دخول أحد إليها، وأقاموا جدرانا خرسانية عند مدخل المدينة بعد كوبري كرداسة مباشرة على بعد كيلومترات من مبنى المركز، وتمت إقامة حواجز على الطريق الجديد القادم من الدائري.
كما استولى الإخوان والجماعات الإسلامية على مبنى المركز بعد احتراقه بالكامل، حيث لم تتبق منه إلا الجدران، واعتلى أسطحه مجموعة من شباب الإخوان المدججين بالأسلحة النارية، استعدادا لمواجهة قوات الأمن.
الإخوان والجماعة الإسلامية تمكنوا بمساعدة أنصارهم من جمع كميات كبيرة من الأسلحة النارية الحديثة والـ «آر بي جي» استعدادا للموقعة المنتظرة التي يتم فيها مواجهة الشرطة التي تعتزم اقتحام المدينة وضبط المتورطين في حادث مقتل 11 ضابطا وفرد أمن.
زاد الاحتقان في كرداسة، بعدما فقدت عددا من أبنائها المنتمين للتيار الإسلامي، ممن سقطوا ضحايا خلال فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي أمام مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر، وما إن قامت قوات وزارة الداخلية بفض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة حتى بدأت ردة فعل جماعة الإخوان تتخذ منحى عنيفا جدا.
وتاريخيا، في الستينات كانت كرداسة مأوى للجماعات المتطرفة وعندما أراد عبد الناصر أن يحارب تلك العناصر، العام 1965 داهمت قوات الشرطة كرداسة للقبض على السيد النزيلي أحد قيادات «الإخوان»، وأرسل وزير الحربية الأسبق شمس بدران، الذي كان يومها مدير مكتب المشير عبدالحكيم عامر، قوات مشتركة من قوات الحربية والداخلية لمحاصرة كرداسة وتم اعتقال أعداد كبيرة من الإخوان.
وربما تكون كرداسة قد حصلت على هدنة محدودة في عهد الرئيس أنور السادات نظرا إلى أنها القرية التي اختفى بها عقب تنفيذه عملية اغتيال وزير المالية أمين عثمان، الذي كان أيام الحكم الملكي قريبا من الاحتلال البريطاني.
وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبرغم تحويلها إلى قرية سياحية، فإن كرداسة صارت أكثر فقرا.
وتعد قرية كرداسة من القرى القديمة في مصر، فقد أتى ذكرها في أكثر من موضع في المؤلفات التي اهتمت بحصر القرى المصرية مثل القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة 1945 لمؤلفه محمد بك رمزي.
وكانت مركز تلاقي طرق الرقيق والحجاج وطريق الغرب وطريق سيوة وطريقا إلى وادي النطرون. وتقع بالقرب من أهرامات الجيزة وتشتهر بالمصنوعات اليدوية والمشغولات الفرعونية والملابس التقليدية الريفية الخاصة والمصنوعات الجلدية.