انوار مرزوق الجويسري / فواصل فكرية / أخلاقنا والرفاهية

تصغير
تكبير
| أنوار مرزوق الجويسري |

الواقع يقول بأن الحضارة التي نعيشها أثرّت في ارتفاع نسبة الرفاهية في جوانب الحياة المختلفة، وقد تختلف نسبة الإقبال على الرفاهية من شعب لآخر وفقاً لثقافة ذلك الشعب واهتماماته وطموحه، فالشعب المهتم بالتنمية والنجاح ينظر لتلك الرفاهية من منظور يختلف عن الشعب الذي يمارس الاستهلاك يومياً وفي كل لحظة، لذلك كانت رفاهية الشعوب لا تخلو من الإيجابية والسلبية في نفس الوقت، كما أن نفعها من ضررها يعتمد كلياً على الهدف من وجودها والوضع العام للشعوب.

الرفاهية كما تراها الشعوب المتقدمة والطموحة هي نوع من أنواع الراحة بعد الاجتهاد الطويل بالعمل، وهي متنفس للأفراد المنتجة طوال العام، فهي بذلك رفاهية موقتة تنتهي بانتهاء الحاجة للراحة، بينما الشعوب المستهلكة فهي على العكس تجد بأن الرفاهية دائمة مستمرة لا تنتهي بينما العمل موقت وغير مجد، فالرفاهية ترتبط سلبياً بالشعوب المستهلكة وإيجابياً بالشعوب المنتجة.

هناك فرق بين المتع الشخصية والرفاهية المنتشرة في كل مجالات الحياة، فما نحتاجه ونستفيد منه هي المتع الشخصية التي نجد من خلالها المتنفس الذي يُعيننا على الاستمرار في العمل ومواصلة الإنجاز، بينما ما نراه من الإقبال على المنتجات الاستهلاكية دون حدود حتى في مجال اللباس ووسائل المواصلات فتلك هي الرفاهية التي تعيق التقدم ونهضة الشعوب، ذلك لأن التركيز على الماديات يُلهي عن المعنويات، كما أن انتشارها يجعل الأفراد يهتمون بالأشياء أكثر من اهتمامهم بالأشخاص والمشاعر، ما يسبب مشكلات في مجال العلاقات والتعاملات.

في زمن العولمة والحضارة والتقدم المادي السريع تكون الأخلاق أكثر ما يحتاجه الفرد ليحيا حياة سليمة ومتزنة، فمتى ما غفل المجتمع عن التأسيس الأخلاقي لأفراده انتشرت الماديات وقضت على روح الأمة واتزانها، لذلك كانت النهضة التي لا تعتمد على التأسيس الفكري والأخلاق تكون نهضة خالية من المعنى، فنهضة الغرب كانت منطلقة من أساس فكري يرى بأهمية العدل والحرية والجودة، وكذلك النهضة الاسلامية الأولى كانت تعتقد بأهمية المساواة والحرية والإيمان، لهذا كانت القيم التي تتبناها الأمم تشكّل ركيزة تقدمها وتطورها الإيجابي والفعّال.

 

[email protected]

@anwar1992m

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي