No Script

ناصر بدر العيدان / من الآخر / البكاء على الناشف

تصغير
تكبير
| ناصر بدر العيدان |

أشهر من بكى في تاريخ الدولة الاسلامية هو ملك غرناطة «الغالب بالله» حين سقطت دولته في يد الأسبان، وشهرته أتت من كلمات أمه له: ابكِ مثل النساء ملكاَ مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال! أما أبلغ من بكى فهي الخنساء، فكم من الأشعار ألفتها في رثاء أخوانها، وقيل انها اصيبت بالعمى من شدة البكاء! وكلتا الحادثتين مثال على «الفشل».. فشل في الحفاظ على الدولة والملك، وفشلٌ في نجاة الاقرباء. ضف على ذلك أن البكاء جزء من ثقافتنا العربية، فما انفك العرب يبكون وينوحون.. حزنا وسعادة، بدموع وعلى الناشف!

بكينا على القدس ولم نحررها، بكينا على ماضينا ولم نعيده، بكينا على الاستعمار وبكينا على التقسيم، بكينا على غزو الكويت... وحررها الغرب! الغرب الذي بنى من طوب دموعه أوطاناً، الغرب الذي قدّم العزيمة على الملامة. مع ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، هل تذكرون دموع جورج بوش الابن على ضحايا انفجارات برج التجارة العالمي؟ لو حسبت عدد الدموع التي سقطت، لعادلت عدد الأنظمة التي فيما بعد تغيّرت! أما نحن، فماذا نفعنا البكاء غير تبرير سخيف لذنوبنا؟ وترقيع فاضح لفشلنا؟ اعتياد البكاء عادة سيئة تمحق التنمية وتغرق الوطن في أمواج التسويف والتكويع والتكسيل والتعسيل!

نحن أمة نقدس البكاء ونحترمه أيما احترام، لأنه ببساطة - يبرر لنا فشلنا! وفي كل تجربة ديموقراطية... هذا البلد يبكي، بلا دموع وبلا «سالفة»! لأننا فشلنا في البناء.. نبكي مرة على شبابنا؟ واقتصادنا؟ وأخرى على تعليمنا؟ ومستشفياتنا؟ وكم مرة ومرة صرخ الشعب على الحكومة: كفى! لا الشعب شبِع مناحةً، ولا الحكومة سمعت! وحين نختار برلماناً، نحن لا نختار من يصنع باحتراف فينا الابتسامة.. بل نختار- وللأسف- من يبكينا أكثر وأكثر! ونستغرب بعدها: كيف فشلت التنمية؟ من ينتخب «مأتما» يا سادة... كيف لا يبكي؟ كيف لا يفشل!

 

Nasser.com.kw
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي