| محمد جوهر حيات |
مليء عالمنا العربي والإسلامي بالطغاة ذوي النهج الفردي والقمعي في إدارة زمام السلطة، وكذلك تنعم شعوبنا بالمتناقضات والأمراض التي تساعد على استمرار نهج الطغاة رغم رفض الشعوب لها، فنرى في شعوبنا من يؤكد على أحقية الشعوب في التظاهر والمطالبة بالإصلاح عبر السلمية ولكن وفق المقاسات العرقية والمذهبية!، ونرى في شعبنا من ينتصر لظالم لمجرد أنه من مذهبه وعرقه ويقف بوجه (الإنسانية) التي هي أكبر من كل المذاهب والأعراق، ونرى من يقبل بقتل الإنسان وهو يعبر عن رأيه لمجرد أنه يختلف معه في الأيديولوجية أو المذهب أو العرق وهذا مايؤكد (سقوطه) في اختبار إنسانيته!
وواضح بأن الربيع العربي على مستوى الأمثلة كشف (كل) التيارات السياسية الكويتية التي فضلت الأيديولوجية أو المذهبية على الإنسانية وحق الشعوب في المطالبة بإصلاح ما أفسدهُ الطغاة وبانت حقيقة مدى عدم إيمانهم بأن (الإنسانية) أكبر وأعظم بكثير من الأيديولوجية والعرقية والمذهبية وإنَ رضيّـنا كبشر بقتل الأرواح بسبب بعض الآراء فلا خير فينا ولا خُـلُـقْ!
فالكل أصبح يبرر عنف من يتطابق معه بالصفة الثانوية سواء كانت أيديولوجية أو دينية ومذهبية أو عرقية، ويبيع الصفة الأساسية الأولية وهي الإنسانيته بأرخص الأثمان!، وهنا تؤكد لنا هذه المفارقة بأنه لو دان العرب والمسلمون القمع تجاه كل (إنسان) دون ازدواجية المعايير والتعصب المذهبي والعرقي لما تجرأ الطغاة على القتل يوماً ما!، فدماء شهداء العرب والمسلمين ليست برقبة الطغاة بل برقبة كل من برر جرائم حكام الدم بحجج طائفية وعرقية! وهذه الدماء ماهي إلا درس لنا كي ننصر حق (كل) إنسان في رفض نهج الطغاة دون أن نبرر لطغيانهم باسم التعصب الطائفي وغيره من أشكال التعصب والتمييز، وإن لم نقر بتلك الحقيقة لأصبح من المحتوم على هذه الأمة انتصار الطغاة وانهزام الشعوب مادام فيها من يبرر الإجرام والقتل لكل طاغية بسبب تعصبه الأعمى!
ولابد من عدم إغفال سبب تاريخي مهم بسببه تدفع الأمة (فاتورته) بأعلى الأثمان اليوم وهو إدمان تعاطي شعوبنا آفة ثقافة التسامح مع الفساد والطغاة على مر كل تلك السنين التي هي السبب الرئيسي اليوم في صناعة مشاهد القتل وبرك الدم!
هكذا هي حال أمتنا وشعبنا العربي على مر التاريخ نصمت تجاه كل طاغية متكبر وإن ثرنا ننجح في ثورة التغيير ونفشل فشلاً ذريعاً في ثورة التطوير بسبب عدم تخلصنا من أمراضنا التعصبية والإقصائية!
وبالمناسبة نود الرد على (العقلاء) المنظرين ممن يقفون بخانة الحياد، والمرددين دائماً بأن وطننا العربي والإسلامي يحترق والكيان الصهيوني يعيش بنعيم وسلام! يا عقلاء يا جهابذة لن تعيش أمتنا بسلام وحب ونعيم ولن تتحرر فلسطين المحتلة إلا بعد أن يحرر العرب أنفسهم من أمراضهم الإقصائية ويحرروا أوطانهم من الطغاة وطغيانهم! فحيادكم ماهو إلا مساعدة لإكمال مسيرة الأنظمة الباطشة والمستبدة بوجه الشعب الراغب بالتحرر من أمراضه التعصبية والساعي لدولة الكرامة! أفيقوا يا بشر... وإلا سيظل كل ما يحدث اليوم ما هو إلا مجرد (ثورات موقتة)!
[email protected]
Twitter : @m_joharhayat