| سعد خالد الرشيدي |
ربما تفاجأ البعض بقرار سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الصباح العفو عمن صدرت بحقهم أحكام قضائية من المواطنين الذين اشتهروا بقضايا الرأي بعد ادانتهم بتهمة المساس بالذات الأميرية، وتحويل تجربتهم من مجرد التفكير فيما يمكن ان يواجههم خلف القضبان من معاناة إلى معايشة واقع عنوانه العريض مسح آهات أصحاب الرأي من الأمير الوالد.
شخصيا لم أتفاجأ بهذه الخطوة السامية، فمن يعرف سمو الامير جيدا يدرك ان الشيخ صباح يمتلك جميع مواصفات رب الاسرة الكريم، بدءاً من الحزم في معالجة الامور والمستجدات التي تواجه الكويت، وانتهاء بالحنان على ابنائه، ومعاملتهم جميعا معاملة صاحب القلب الكبير الذي يتسع للجميع، حتى مع من أساء اليه.
بالطبع ينسجم هذا العفو مع توجهات سمو الامير نحو التأكيد على تجربة الكويت الأكثر نشاطا خليجيا في توطين مبدأ الحريات، فمن نافل القول ان منابر الرأي في الكويت تتميز بتعددها واختلاف اشكالها، حتى ان بعض القوى الخارجية لم تتردد في وصف ما يحدث محليا بفوضى الديموقراطية.
احساس جميل ان يشعر الابناء بمشاعر والدهم الامير الحقيقية نحوهم، وفي هذا الخصوص لا نملك الا ان نقول شكرا لسمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد على لمسته العائلية، وان كنا في المقابل ندعو أصحاب الرأي انهم اذا كانوا مستمرين في ابداء ارائهم وهذا حقهم المكفول بالدستور فعليهم ان يفرقوا بين إبداء الرأي وتجاوز القانون في نقل ما نعتنق من أفكار، فاذا كان من المفترض الا يكون للحرية سقف، فإنه يتعين ان يكون هناك سياج أقله اخلاقي في طرح الآراء والرؤى، كما هو معمول به في اقدم الدول المشتهرة بالحرية.
بحث اخر وجدت من الضروري التعرض اليه، يتعلق بتداعيات الانتخابات النيابية التي جرت في 27 من الشهر الماضي والتي استمرت على مختلف الاصعدة وسط سعادة حكومية وشعبية للإقبال الكبير على التصويت وعدم وقوع أعمال دعوة واسعة مناهضة لمجافاة الإدلاء بالأصوات كما كان يروج البعض من اعضاء المعارضة التي هددت بأنها لن تتخلى عن الشارع إذا استدعى الأمر.
الاقبال غير المتوقع في رمضان على هذه الانتخابات دليل على ان أبناء الكويت حريصون على فتح صفحة جديدة بعد فترة طويلة من الاضطرابات السياسية بين الحكومة والنواب، وفيما أبدت هذه التجربة كنموذج للانتقال الديموقراطي بين الجيل السياسي القديم الذي شهد الكثير من حلقات التواصل والخلاف مع الحكومة، إلى الوجوه الشابة التي طلت على قاعة عبدالله السالم هذه الدورة بمتغير الحماسة، لكن أمام هذا المجلس يبقى انه استحقاقات مزمنة بين الجيلين، إلى الحدود التي تستدعي من نواب هذه الدورة التحرك نحو تصحيح الأوضاع وبسرعة.
هناك حاجة سياسية لتفهم احتياجات المواطنين من التنمية المستدامة، وبالتأكيد ليس من ضمن محركاتها الصراخ مع الحكومة، وتقطيع الوقت لكسب مزيد من التعبئة الشعبية له... فهناك العديد من المشاريع المعطلة في الكويت تنتظر جهد الشباب وخبرة الكبار من النواب.