| أسيل الظفيري |
الإنسان بطبيعته يكره الفراغ كما يقول الدكتور المفكر عبد الكريم بكار، فكل منا مشغول طوال الوقت، حتى وان بدا لنا عكس ذلك، فبمجرد ان تخفت الأصوات حولنا ويخيم الهدوء، يبدأ صوت النفس يعلو لدرجة سماعه، ويبدأ الحوار مع النفس، هذا الحوار أحيانا يأخذ شكل الشكوى وأحيانا المحاسبة وأحيانا يكون محاولة منَا للتفكر ومن ثم الفهم لما حولنا، قالوا ألد أعدائك نفسك التي بين جنبيك، ولا شك إن هذا صحيح، فما الذي يحرك العقل الذي يتحكم بأفعال الجسد غير هذه النفس، التي بصلاحها يصلح حال الإنسان؟
المواقف التي نتعرض لها مع المحيطين بنا كثيرة، بعضها يسبب لنا ألما، نظل نضرب أخماسا بأسداس حتى نصل للحل، ولن نهتدي لحل صحيح إلا إذا كانت طريقة تفكيرنا سليمة، كلنا يعلم أننا لا نملك الآخرين ولا أفعالهم، فمهما بذلت من تفكير لتفنيد أسباب خطأ الآخرين والتحكم بها لن أتقدم خطوة واحدة تجاه حل المشكلة، وسيكون مجهودي في غير محله، إذ لا سلطة لنا على سلوكياتهم كما اتفقنا، لكن لو استطعنا أن نوجه تفكيرنا باتجاه أفعالنا، وسألنا أنفسنا أسئلة تبدأ بـ «كيف « بدلا من «لماذا»، فمثلا إذا سألنا أنفسنا كيف أحقق كذا أو كيف أتصرف في حال كذا؟ لاستطعنا أن نوجه تفكيرنا تجاه كشف سلوكنا الذي نستطيع أن نتحكم به، ولَصرفنا أنفسنا عن لماذا فعل فلان كذا، ولماذا تصرف بكذا؟
قارئي.. ما النتائج التي تتوقعها لو أن كل واحد منا فكر بالطريقة هذه؟ كم من المشاعر السلبية تجاه الآخرين سوف تختزل؟ وكم سيكون الواحد منا مشغول بنفسه عن غيره؟ إن طريقة «كيف» بالتفكير تقينا من الإسراف والمبالغة بالتفكير بالآخرين، وانشغالنا بأنفسنا يعتبر تربية لها وتنقيحاً و تهذيباً لها، إن البحث عن أدوارنا في كل موقف نمر به مهم جدا، ابتداء من اختلاف صغير مع احد أبنائنا إلى خلاف كبير مع أعدائنا، ذلك يجعلنا نفكر بالاتجاه الصحيح ولا نستنزف طاقتنا في قال فلان وفعل فلان. قيادة النفس ليس بالأمر السهل ولكن مآلاتها على سلوكنا تستحق التجربة وعناء التدريب.
@AseelALzafiri