د. وليد التنيب / قبل الجراحة / الأخلاق

تصغير
تكبير
هل النجاح يحتاج إلى الكثير من الجهد والتعب، أو أن النجاح يعتمد على الحظ؟!

هل النجاح يستحق كل هذا التعب أو أن الأمر لا يستحق؟!

هل تؤمن بأن النجاح للأذكياء فقط أو أن الذكاء ليس له مكان؟!

أما السؤال الأهم، فهو ما هو النجاح بنظرك؟!

قبل أن تجيب عن أي سؤال، استمع لقصتنا...

كان جاسم ابناً لرجل فقير جداً... بالكاد يمتلك ما يكفيه لأكله هو وأولاده...

كان أبو جاسم على استعداد لعمل أي شيء كي يحسّن من دخله، ولكن كما كان يظن أبو جاسم، أنه الحظ الذي يقف ضده دائماً، لذلك كان الفشل نصيبه في كل ما يعمل.

كان أبو جاسم رجلاً حاد الطباع وسريع الغضب لأتفه الأسباب.

كان لسانه يسبق يديه لإيذاء الناس، لذلك كره معظم الناس صداقة أبيه.

حتى أقرب الناس إليه من أهله لم يستطع أن يتعايش مع أخلاقه الكريهة الطباع.

كان الصراخ يملأ بيت أبو جاسم، ومصدر هذا الصراخ الدائم هو أبو جاسم نفسه.

مع كل ما ذكرنا من صفات أبي جاسم، إلا أنه على يقين بأن سوء الحظ هو سبب عدم التوفيق الذي يلازمه... وأن الحظ هو سبب عدم نجاحه وتعاسته (الحمدالله ما قال عين).

تنبّه جاسم للوضع الذي هو واخوته يعانون منه بسبب سوء أخلاق أبيهم.

حاول أن يقنع الناس الذين حوله بأن أخلاقه أفضل من أخلاق أبيه، ولكن كما هي طبيعة البشر، لم ينس الناس أن أباه ذو خلق سيّئ وأطباع أسوأ.

بذل الكثير من الجهد، ولكن الفرصة لم تأتِ لكي يبرهن للناس صدق كلامه.

سافر إلى القرية المجاورة لهم، ولكن أخلاق أبيه كانت قد سافرت قبله، لذلك كان الفشل نصيبه أينما ذهب بسبب أخلاق أبيه.

اعتقد أن للناس الظاهر، لذلك التزم الصلاة في المسجد وحاول مرافقة الصالحين، وأيضاً فشل في إقناع أي من أرباب العمل بإعطائه أي فرصة للعمل بسبب سوء خلق أبيه.

اتخذ قراراً صعباً جداً... قرّر أن يصارح أباه بالمحنة الواقع بها مع اخوته بسبب سوء سمعة أبيهم.

أقنع جاسم واخوانه أباهم بفكرتهم، وبدأ أبوهم يظهر للناس بأنه تغيّر وحسّن من أخلاقه... ولكن النتيجة لم تتغيّر... فالناس يأخذون غالباً بالانطباع الأول.

طلب الجميع الاجتماع مع أبيهم مرة أخرى، وطلبوا منه طلباً واحداً بلسان جاسم.

قال جاسم «نريد منك أن تشرّفنا يا أبي».

ضحك أبوهم وردد حكمة قديمة قائلاً... «إذا مات كل من يعرفني»...

قال الأولاد بصوت واحد «إذاً الحل أن نقتل كل المجتمع».

هذه رسالة بسيطة لكل من اتخذ سوء الأخلاق نهجاً لحياته... رسالة سهلة جداً مفادها أن الناس لا ينسون سيّئ الأخلاق وإن طال الزمن.

وأن حسن الخلق هو أهم اساس من أساسات النجاح.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي