... هذه المرة لتسمح لنا الاسرة

تصغير
تكبير
لا حاجة لتكرار الحديث عن العلاقة بين الكويتيين وأسرتهم الحاكمة، ولا داعي للتذكير بالعقد التشاركي الذي بني بحدود التوافق لا بحد السيف، ولا ضرورة للعودة الى محطات التاريخ لتبيان حجم التلاحم بين الحاكم والمحكوم خصوصا في أحلك الظروف، وليس بجديد الاقرار بأن الديموقراطية والدستور والحريات انما تبلورت بجهد مشترك بين السلطة ممثلة برمزها الامير وبين الكويتيين ممثلين بنخبهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ... نحن معا اذن، في السراء والضراء تحت راية الكويت، والكويت فقط.وكوننا معا يفرض علينا التخاطب من العقل والقلب مع رمز البلاد وعميد الاسرة صاحب السمو الامير، أطال الله في عمره، ومع كبار رجالات الاسرة وعقلائها لوقف المحاولات الحثيثة،التي يبذلها بعضهم او تبذل باسم بعضهم او تدار نيابة عن بعضهم، لتصوير مشهد الحكم وكأنه صرح قائم على أضلاع أو محاور، تتنافر مشاريع رموزها في العلن وتتصارع في السر، سعيا الى تكريس جو من الانقسام يتقاطع مع الاختلافات على المستويين الشعبي والسياسي فيستقطب ما يمكن ان يستقطب من شارع يموج طبيعيا بحركة الديموقراطية والحريات. لنكن صريحين، فهذه المحاولات لم تعد سرا، ولا اسرار في الكويت على أي حال، واصحابها يرسلون الاشارات في مناسبات مختلفة ويعزفون نغمات نشازا للايحاء بان الوضع الحالي للحكومة والسلطة ليس موضع توافق، وان تركيبة الحكم قد لا تستمر مستقرة في كل منعطفاتها الانتقالية، وان لـ «الاقطاب» دورا تنفيذيا مقبلا يتجاوز النصح والمشورة والرأي السديد، ويعلل هؤلاء في مجالسهم الخاصة ما يقومون به بانه استباق لما قد يأتي او رد على تهميش تعرضوا له او استبعاد تعرض له قريب منهم او هجوم يتعرض له ابناؤهم. ولنكن صريحين اكثر، فهذه المحاولات ما كانت لتجد صداها لولا ان ممارسات اخرى من داخل الاسرة شكلت مبررات لها، بدءا من الاستفادة التجارية باساليب مبالغ فيها وانتهاء بالتدخل المستمر في الحياة السياسية خلف أبواب مغلقة وستائر مظلمة بهدف تطويع المسيرة الديموقراطية وإفراغها من مضامينها شيئا فشيئا. لا يوجد عاقل يستطيع ان يقول او يفكر حتى في عدم جواز تدخل ابناء الاسرة في السياسة فهم حكام ومشاريع حكام، والامر نفسه ينطبق على التجارة، فهم ابناء دولة لا ترهن الثروة والسلطة في يد طبقة واحدة، دولة أنعم الله على مسؤوليها وشعبها بأن هداهم الى طريق المؤسسات الضابطة لتوازن المشاركة الديموقراطية... ولكن الوسطية في الحكم والعمل هوية الكويت ايضا، فلا التعسف في استخدام السلطة للتجاوز على الدستور يمكن ان ينتشر او يستمر، ولا الاستفادة التجارية من السلطة بتجاوز القانون يمكن ان تمر مرور الكرام او تدوم. نقول هذا الكلام وندري حجم الاعباء على كاهل صباح الاحمد، وندري انه يسمع ويرى، لكنه يتفرغ لقيادة مؤسسات الدولة بتكليف من صاحب السمو ومباركة من سمو ولي العهد، وفي مرحلة إقليمية فرضت عليه التحرر من هواجس الماضي والانطلاق في معركة التنمية، وندري انه يحسن تماما التعامل مع الامور بأحجامها الحقيقية، فالالتفات الى الحروب الصغيرة من وجهة نظره يمكن ان يزيدها توهجا والاهتمام بقضايا «فرعية» يمكن ان يعيق «الاصلية»... ومع ذلك علينا ان نقول ما نعتبره حقا علينا تجاه الكويت والكويتيين والاسرة تحديدا. الاجتهاد مطلوب في كل شيء الا في قضية وحدة الاسرة... والمناورات السياسية جائزة في كل الميادين الا في ميدان القرار... والاختلافات جائزة في كل المواقع الا في موقع الحكم... والتجاوزات موجودة في كل شرائح المجتمع، لكن مسؤولية مواجهتها في الاسرة اكبر لانها الحاكمة والحكيمة والحكَم، ولا يمكن الا ان تكون القدوة والمثال للآخرين... واللعبة الديموقراطية تسمح باستقطابات وزارية ونيابية وشعبية، لكنها لا تستقيم باستقطابات مرحلية موجهة من اجل تصفية حسابات شخصية... النظام، النظام، النظام...خط احمر، نقولها من موقع المحبة للاسرة، لكننا في الوقت نفسه نستسمحها ان تسمح لنا بمطالبتها بجهد استثنائي يضع حدا للأفكار السوداء التي ترتسم ظلالها وللممارسات السوداء التي تغذيها. ونقول لمن تحركهم نوازع خاصة يغلفونها باسم الحرص على البلاد والمشاركة الشعبية: الأمير هو الأمير الشيخ جابر الاحمد، كبير الاسرة، وعميد الاسرة، وقطب اقطاب الاسرة، ورمز النظام وحارسه... وبعض الخجل مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى اذا كان الذكاء السياسي مفقودا. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي