مسيرة أمة في رجل

تصغير
تكبير
كانت سورة الفاتحة اول ما تعلمه صغيرا، ورافقت سورة الفاتحة كل فتوحاته في معارك الصحراء والتنمية والتوحيد. وكانت الصحراء اول تحد انساني يواجهه جامعا بين اصالة المنتمي وطموح المحارب من اجل حداثة. خشي الحكيم من زحف التراب على الانسان وجعل الزحف الانساني على التراب فعل ايمان بقدرة المرء على التعايش الخلاق مع اصعب ظروف الطبيعة، وما كادت سنوات معدودات تنقضي حتى تغيرت صورة الامارات ، كبرت واتحدت واخضرت وتزينت، وتحصنت بمواطن متحصن بزعيم استثنائي اطلق يديه للعمل والخلق والابداع وفق فلسفة خاصة صارت فيما بعد مدرسة عامة. عاش مع بدو الصحراء واحدا منهم، رافقهم في حلهم وترحالهم ، شاركهم عاداتهم وهواياتهم وصيدهم وشعرهم واتراحهم وافراحهم ، واستطاع مواءمتهم سريعا مع ركب التحديث فحلت الابنية مكان الخيم بشكل طبيعي واشترك الجميع في تطوير ارض يملكونها واستنهاض مجتمع ينتمون إليه. وعاش مع حضر المدن واحدا منهم، رافقهم في مسيرة العلم والعمل، شاركهم في كل شيء مذوبا الفروقات بين المناطق وأشركهم في ترجمة فلسفته التوحيدية لتصبح «المواطنة» الخيمة الوحيدة في الإمارات التي لا تهزمها يد ولا تهزها ريح. من العين التي بدأ منها الى ابوظبي التي أصبحت القلب، . ومن وحدة الامارات الى مجلس التعاون الخليجي ، مسيرة أمم في رجل. ومن قضية العرب الاولى فلسطين الى القضايا الأخرى التي نبتت على هامشها وبسببها، مسيرات تقدم فيها الضمير والوجدان والتضامن قبل ان يتقدم الدعم المادي، وهل هناك من ينسى شعاره الخالد عام 1973: النفط العربي ليس اغلى من الدم العربي. ما واجه العرب قضية الا وكان في قلب المواجهة، وما احتاج العرب الى التسامح بين بعضهم الا وكان في قلب المبادرة . كلما حصل خلاف او سوء تفاهم بين هذه الدولة او تلك وهذه الامارة او تلك وهذا الشقيق او ذاك... كان ينتهي في قصره او بيته او خيمته، فالرجال قامات وقامة هذا الرجل تتسع للجميع وتستوعب الجميع. والكويت التي تستذكر الكثير الكثير من هذه القامة لا يمكنها ان تنسى انه ودولته استهدفا في الوقت نفسه الذي استهدفت فيه، وطال الامارات ما طال من تهديدات الرئيس العراقي السابق قبل 1990 لكنه صمد وفتح بيوت مواطنيه للكويتيين النازحين من غدر الغزو، وسال دم جنوده على ارض الكويت المحررة جنبا الى جنب مع دماء الكويتيين وقوات التحالف، ثم وقف مع العراقيين في محنتهم حتى اللحظة الاخيرة طارحا مبادرة كبيرة لتجنيب المنطقة الحرب والاحتلال... لكن شعار النظام العراقي السابق كان: لا حياة لمن تنادي. كانت سورة الفاتحة اول ما تعلمه صغيرا، واليوم يرفع مئات الملايين من العرب والمسلمين اياديهم قارئين سورة الفاتحة على الحكيم العادل الذي حفر زعامته في القلوب وقلب مفاهيم الحكم رأسا على عقب محولا دولته وانسانها من مجرد رقم على خريطة الزمن الى مثال يتمنى الجميع الاحتذاء به. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، دموع الوفاء حق لك علينا وزفرات الاسى حق لنفوسنا تجاه المصاب الكبير، وعزاؤنا ان رجال حكم كبارا خرجوا من عباءتك، وان الشيخ خليفة واخوانه وقادة الامارات سيكملون مسيرة التنمية والتقدم والتوحد والتضامن الدائم مع اشقائهم وقضاياهم العادلة. جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي