تقصي الحقائق ... «الجميلة»

تصغير
تكبير
في كل مرة يتحدث أحد في بلدنا عن الغزو العراقي تبدأ حفلة «المناحة»، وشق الجيوب، ولطم الخدود، والحديث عن كل ما هو سيئ وكريه في الغزو. وحدها الإيجابيات، والبطولات، والدروس الجميلة للاحتلال تغيب عن حفلات «المناحة»!! نعم حدث احتلال... ونعم خلال ساعات... ونعم نحتاج إلى لجنة ل، وتحميل المسؤوليات لمن يجب أن يتحملها!! لكن... يجب أن نتذكر أن الشعوب الذكية والحية حين تدرس تاريخها وتجاربها فإنها توازن بشكل دقيق وإنساني بين نقاط الضعف ونقاط القوة، فتاريخ الشعوب مثل تاريخ الأفراد هو تاريخ الانتصارات والانكسارات... والذين يدرسون تاريخهم بشكل انتقائي فيأخذون ما هو سلبي ويعممونه على حياتهم ونقاشاتهم وتصرفاتهم، وينسون كل ما هو جميل ورائع وبطولي... هؤلاء ينتحرون بشكل بطيء وينحرون شعوبهم مع سبق الإصرار والترصد. نعم احتلت الكويت في ساعات، وأصيبت المؤسسة العسكرية بضربة موجعة، وكلنا يعرف توازن القوى المختل لصالح العدو وعنصر الغدر والمفاجأة، لكن هذا وجه واحد للعملة، وهو ليس كل شيء، فالكويت استعادت حريتها خلال سبعة أشهر وبتحالف دولي غير مسبوق، وببطولات نادرة لشبابها في الميدانين السياسي والعسكري، وبشهدائها وأسراها ومقاومتها الوطنية، وبمؤتمرها في جدة، وتحول شبابها إلى خلية نحل في كل الأحياء والمناطق، حيث أداروا حياتهم بكل اقتدار في ظروف عصيبة وصعبة وعصية على الضعفاء. وانتهت المعركة لصالح تحديد الحدود الكويتية مع العراق بشكل نهائي وبقرار من الأمم المتحدة، وانتهت معركة إعادة البناء بشكل أذهل العالم... فحين كانت أكثر التقارير تفاؤلاً تتحدث عن زمن لا يقل عن ثلاث سنوات لإطفاء الحرائق المشتعلة في المرافق النفطية، تحققت معجزة إطفاء الحرائق في وقت قياسي، وأعيد بناء البنية الأساسية للاقتصاد الوطني، وعادت الكويت أقوى مما كانت عليه قبل الاحتلال. نعم ل، ونعم لتشكيل لجنة في مجلس الأمة، لكن لا وألف لا لتحويل التقصي للحقائق إلى «إقصاء» للوطن، وتسجيل نقاط سياسية لأفراد معدودين في ماراثون الحملة الانتخابية المقبلة على حساب الوطن ومستقبله. تقرير التقصي يستحق البحث والدراسة بقلوب الخائفين على وطنهم، الشاعرين بالمسؤولية تجاه شعبهم، المستخدمين لعقولهم النيّرة في مواجهة عواطفهم الهوجاء. نريد لجنة ل «الجميلة» حقائق الصمود والصبر، والمعاناة، لأسرانا وشهدائنا، لعجائزنا، وأطفالنا الذين عاشوا تحت نير الاحتلال، والذين عاشوا محرومين بعيدين عن وطنهم.. ولكنهم جميعاً كانوا أبطالاً حقيقيين أكثر ممن يحاولون تسجيل البطولات الآن... في الوقت الضائع!!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي