دوائر الوزارة... دائرة انتخابية!

تصغير
تكبير
أسهل شيء أن نقول ان ديموقراطيتنا بألف خير. وأسهل طريقة لنفض اليد من المسؤولية أو التهرب من واجب النقاش والنقد هو القول ان ديموقراطيتنا أفضل من ديموقراطية غيرنا على الأقل. الأبسط من كل ذلك أن ننظر الى «ديموقراطيات» العالم العربي فنجد أنفسنا في نعيم ونجد رايات ديموقراطيتنا خفاقة ولو فوق ركام التجاوزات والانتهاكات. بسيطة هي ديموقراطيتنا. ربما حسدنا عليها كثيرون. لكننا وبعد عشرات السنين من التجربة لا يجوز لنا القياس بمـــــقاييس ذلك الـــوقت حين كنا رواد تجربة في المنطقة أو حين كنا نخرج من علاقاتنا البدائية الى العلاقات الأرحب ومن التخلف الى الحداثة. أسوأ ما يصيب أمة أو وطناً أو فرد اًحين يتصور أن المعرفة اكتملت لديه أو أن واقع الحال قدر لا ردّ له ولا قدرة على تحويله أو تغييره. فيصير التخلف رديفاً للحياة اليومية وتصير الممارسات الشاذة طبيعة ثانية وتتحول الانتهاكات التي تمارس ضد النظام الديموقراطي موضوع تسلية أو هزل وتسليم بأنها جزء لا يتجزأ من هذا النظام وبأنها من مستلزمات استمراره. وحديث الديموقراطية له شؤون وشجون. واذا كان همّاً يومياً عند البعض فانه همٌ عند كثيرين حين توضع هذه الديموقراطية عند اختبارها الحقيقي. وهو الانتخابات أي التمثيل الصحيح للمواطنين وفئات المجتمع، والممارسة الصحيحة لهذا التمثيل. ونحمد الله على أن التزوير ليس من السمات الأساسية لانتخاباتنا كما هو الحال عند البعض وأن النتائج غير مضمونة سلفاً كما يحصل لدى البعض الآخر، واننا نجونا بفضل تجربتنا وبفضل حكمة «قذفها الله في صدرنا» من الاستفتاءات ونتائجها الأكيدة التي تتجاوز الـ 99 في المئة. لكننا للأسف لم ننج من سيئة استغلال المنصب لمنافع خاصة واستغلال النفوذ لتحقيق مآرب شخصية وفئوية تصب في مصلحة الأفراد وليس في مصلحة البلاد. وحين نلفت الى هذه الممارسات فاننا لا نبالغ. فهي حديث الناس وعلى كل شفة ولسان في الديوانيات والأماكن العامة داخل البلاد، هذا يتحدث عن وزير مرشح يحشر بطانته في الوزارة في وظائف وهمية، وهي بطالة مقنعة يدفع ثمنها المــــواطن الكويــــتي. وذاك يتكلم عن وزير آخر يسهل أمور من له معهم مصالح انتـــخابية. والأحـــــاديث لا تتوقف، وليست كلها شائعات يدفع اليها الحقد الدفين أو المصالح المتضاربة. صحيح ان هذه التجاوزات أو ما يشبهها تحصل على مدار العام، غير انها تصير تحت المجهر في فترة الانتخابات، خصوصاً حين يكون الوزير مرشحاً وحين تصير همومه الانتخابية أهم من مسؤولياته الوزارية، وحين تصير دوائر وزارته في خدمة دائرته الانتخابية. تحصل أشياء مشابهة في الديموقراطيات المتطورة. لكنها حين تكتشف تعتبر من الكبائر ويحاسب عليها من قام بها. ويحاسب بشدة من القضاء ومن الرأي العام من استغل وظيفة لمآرب شخصية. وهي تحصل على الدوام في «جمهوريات الموز» الممتدة على امتداد العالم الثالث وعالمنا العربي. واذا كانت لا تتمثل دائماً في استغلال الوظيفة من أجل الأهداف الانتخابية. فلأن هذه الدول تحتقر الانتخابات وتجعلها معلبة ولأن استغلال النفوذ سمة من سمات استيلاء الحكام على السلطة بواسطة العسكر أو بواسطة الحزب المعسكر أو بواسطة ما يشبه هذا أو ذاك. نتشبه بعالمنا الثالث والعربي أم بالديموقراطيات التي تحاسب وتعلي سلطة القانون؟ هذا هو السؤال الحقيقي وعلى الاجابة يتوقف سلوكنا السياسي وتتوقف رغبتنا في تطوير نظامنا أو في وضعه من جديد على طريق التخلف. لكن الأكيد ان الكويتيين يرفضون أن يعيشوا في «جمهورية موز» ويرفضون بعد التجارب التي مروا بها أن يكون المقياس الذي يقيسون به هو مقياس التخلف والدول المتخلفة. والأكيد ان على سمو ولي العهد، وهو رأس الحكومة، في هذه المرحلة المصيرية مسؤولية أساسية لوضع الأمور في نصابها وضمان العدل والحياد وتكافؤ الفرص لجميع المرشحين في الانتخابات المقبلة عبر منع تجاوزات وزرائه المرشحين والحؤول دون قيامهم باستغلال مواقعهم لمآربهم الانتخابية وخصوصاً خلال الفترة المتبقية من عمر المجلس والحكومة واطلاع المواطنين كافة على كل تجاوز يتم اكتشافه ووقفه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي