ثرى الكويت احتضن سالم الصباح
بقلوب مطمئنة وأنفس خاشعة قامت اسرة الصباح الكرام امس بمواراة جثمان المغفور له باذن الله الشيخ سالم صباح السالم الصباح بحضور حشد كبير من الشيوخ والوزراء والسفراء وجموع غفيرة من المواطنين.
وكان صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ورئيس مجلس الامة جاسم الخرافي والشيخ مبارك العبدالله ونائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الاحمد وكبار الشيوخ ورئيس مجلس الوزراء بالانابة وزير الداخلية وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح.
وكان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد والشيخ مبارك عبدالله الاحمد والشيخ مشعل الاحمد والشيخ احمد صباح السالم والشيخ الدكتور محمد صباح السالم على رأس متلقي العزاء.
سمو الشيخ صباح لدى وصوله مقبرة الصليبخات
مقبرة الصباح حيث ووري جثمان الفقيد غصت منذ الصباح الباكر بجموع المواطنين الذين تلقوا خبر الوفاة باكرا في حين كان الوجود الامني واضحا، خصوصا من قبل سرايا متعددة من الجيش الكويتي نظرا لمناصب الفقيد السابقة كوزير للدفاع.
واذا كان للموت هيبة وللمقبرة وقار، فان مراسم دفن الفقيد اتسمت بالهيبة والوقار، رغم ان الاسرة الحاكمة في الكويت لا تجري اي مراسم وتقوم بدفن موتاها تماما كأي مواطن عادي... ولا غرابة فالشيخ سالم صباح السالم كان محبوبا وذا شعبية في كل الاوساط التي خدم فيها الكويت، ومحبوه من اقارب ومعارف يعز عليهم فراق انسان بهذا القدر من المحبة والانسانية.
سمو الأمير خلال أداء الصلاة
الشيخ احمد صباح السالم وهو أكبر الاشقاء الاحياء من نسل امير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم كان متماسكا رغم سحنة الحزن التي شابت الوجه، الا ان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح كان متأثرا بوفاة الشيخ سالم بصورة ملحوظة حيث لم يستطع ان يغالب الالم والحزن فبدا واضحان على محياه ولم يكن ينظر نتيجة لهذا التأثر في اعين المعزين.
حشود المعزين الذين تزاحموا في المقبرة انتموا إلى شرائح متعددة من جموع الشعب الكويتي، حيث كان يحظى الفقيد بقبول واسع نتيجة لتواضعه وبشاشته وكان بعض المعزين ممن عملوا مع الفقيد طوال خدمته للكويت يترحمون على الشيخ سالم ويعددون مزاياه ويمتدحون مناقبه الكثيرة.
ولهذا لم يكن غريبا ان ينتظر بعض المعزين فترة طويلة كي يصلهم الدور والذي ظل لوقت طويل يزيد بدلا من ان ينقص.
وبقلوب ملؤها الرضى بقضاء الله وقدرته وبعيون اغرقتها دموع الفراق وبألسنة تلهج بالدعاء بالرحمة والمغفرة شيعت الكويت امس في جنازة مهيبة الشيخ سالم الصباح، الذي امتلك قلوب المواطنين بكرمه وطيبة معشره، معبرين عن عظيم حزنهم واسفهم لوفاة رمز من رموز الانسانية والطيبة والتواضع ودماثة الخلق، مستذكرين حياته التي سخرها لخدمة وطنه ودوره الكبير في بناء مؤسسات المجتمع المدني في مختلف مراحل حياته.
مشعل الأحمد ومحمد الصباح يشاركان في حمل نعش الفقيد
وقال وزير الاعلام السابق محمد السنعوسي ان «الفقيد الراحل الشيخ سالم كانت له بصمات واضحة في شتى المجالات لاسيما وانه ساهم في تطوير وزارة الدفاع عندما تولى مسؤوليتها واعطى الكثير خلال فترة تولية»، مبينا «تفهم وسعة صدر الفقيد الراحل والتي كان يمتاز بها كثيرا».
وبين السنعوسي ان «هذه هي ارادة الله عز وجل ولا يسعنا الان سوى ان نرفع ايادينا الى السماء، ونطلب الله ان يدخله فسيح جناته».
من جانبة قال النائب احمد لاري «نعزي الشعب الكويتي بوفاة المغفور له والذي كان من اعمدة الكويت وكان له دور كبير في بناء الكويت الحديثة»، مشيرا الى «مواقف الفقيد المشرفة ابان الغزو العراقي الغاشم على الكويت، والتي ستظل راسخة في ذهن كل مواطن كويتي».
النائب دعيج الشمري اكد ان «مواقف الفقيد المشرفة في مختلف المجالات مشيدا بدوره واهتمامه في قضية الاسرى الكويتيين».
واضاف ان «الكويت خسرت رمزا من رموز البلد من الذين كانوا يعرفون بالحنكة السياسية والتواضع والطيبة مؤكدا ان الخسارة كبيرة ولكنها مشيئة الله عز وجل ونعزي انفسنا والشعب الكويتي والاسرة الحاكمة».
من جانبه استذكر زميل الفقيد الراحل رئيس القضاء العسكري اللواء الدكتور محمد العفاسي «الروح الطاهرة التي تمتع بها الشيخ سالم الصباح»، موضحا ان «الفقيد كان احد الاعمدة والرموز التي ساهمت في بناء بلدها منذ الصغر، حيث تولى سفيرا للملكة المتحدة والولايات المتحدة، الى ان اسس القوانين في وزارة الدفاع منها قانون التجنيد والمحاكمات العسكرية خصوصا ان مناقبه كثيرة لا تعد ولا تحصى».
واضاف العفاسي: «مهما نتحدث عن هذا الرجل لن نوفيه حقه ونحن نعزي انفسنا والشعب الكويتي بهذا المصاب الجلل».
وأكد رئيس جهاز الامن الوطني الشيخ احمد الفهد ان «الفقيد الراحل قدم الكثير للكويت وساهم في بنائها ونهضتها على مراحل مختلفة ولا يسعنا اليوم في هذا المصاب سوى القول انا لله وإنا اليه راجعون»، موضحا ان «الفقيد هو ابن الكويت،حيث قام ببناء المؤسسات الامنية ودوره الكبير في السياسة الخارجية والمجتمع المدني ولا يمكن للانسان ان ينسى هذا الدور الذي قام به».
واضاف الفهد: «انا شخصيا، كان الاب الرياضي وقائدي العسكري عندما خدمنا في وزارة الدفاع»، مؤكدا ان «هذا النوع من الرجال سيحفظهم التاريخ كون انجازاتهم هي مصدر بقائهم وذكرهم في الاوقات».
واكد ان «الكويت خسرت احد قادتها وخسرت احد الذين ساهموا في بناء الكويت الحديثة والارتقاء بمستوى وزارة الدفاع وسن قوانين لها نفع كبير حتى الان في وزارة الدفاع».
من جهته، اكد مدير ادارة الجنسية والجوازات اللواء الشيخ احمد النواف ان «الفقيد الراحل قدم الكثير للكويت وكانت بصماته واضحة».
وعزى اهل الكويت بهذا المصاب الجلل داعيا المولى ان «يدخله فسيح جناته ويلهم ذويه الصبر والسلوان».
ثرى الكويت يحتضن جثمان الشيخ سالم
• وصل جثمان الفقيد إلى مقبرة الصليبخات الساعة 10.50 صباحا.
• تواجد عدد كبير من قياديي الدفاع خاصة الذين عاصروا الشيخ سالم الصباح فترة توليه وزارة الدفاع.
• كان ولي العهد والشيخ مشعل الاحمد في استقبال الجنازة لدى قدومها بسيارة الاسعاف.
• لم يستطع رئيس هيئة القضاء العسكري اخفاء دموعه حزنا على الفقيد.
• اعتبر كثير من المعزين ان اختيار الله للفقيد في هذه الايام المباركة من رمضان دليل على قربه لله.
• لم يمنع الصوم وحرارة الجو المعزين من الانتظار طويلا تحت اشعة الشمس للمشاركة في التشييع.
• قام العديد من المواطنين بزيارة لقبر الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح رحمه الله للدعاء له.
39 عاما في خدمة الوطن
كونا - فقدت الكويت فجر امس الشيخ سالم صباح السالم الذي انتقل الى رحمة الله عن عمر ناهز الـ 69 عاما.
والشيخ سالم من مواليد عام 1938 وهو الابن الاكبر لامير الكويت الراحل المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح وله مسيرة حافلة في تاريخ الكويت اذ تدرج فى السلك الديبلوماسي فى وزارة الخارجية حتى عين سفيرا للكويت لدى دول عدة كما تولى حقائب وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل والدفاع والداخلية والخارجية وكان طوال تلك الفترة التي امتدت اكثر من 39 عاما مثالا وطنيا يحتذى في البذل والعطاء لم يدخر وسعا في سبيل خدمة ورفعة وطنه.
وعمل الشيخ سالم الصباح في بدايات عمله الحكومي مديرا للادارة القانونية في وزارة الخارجية مع بدايات تأسيسها في العام 1961 واستمر بها حتى عام 1965 عندما انتقل سفيرا للكويت لدى المملكة المتحدة بالاضافة الى كونه سفيرا محالا لدى السويد والنرويج والدانمارك منذ عام 1968.
وفي عام 1971 عين سفيرا لدى الولايات المتحدة وعمل سفيرا غير مقيم لدى كندا وفنزويلا. وفي 9 فبراير 1975 تولى الشيخ سالم الصباح أول منصب وزاري حيث حمل حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وكان ذلك في التشكيل الوزاري الثامن بتاريخ الكويت واستمر فى هذا المنصب في التشكيل الوزاري التاسع بتاريخ 6 سبتمبر 1976.
وتولى الشيخ سالم حقيبة وزارة الدفاع في التشكيل الوزاري العاشر بتاريخ 16 فبراير 1978 واستمر في هذا المنصب في التشكيل الوزاري الـ 11 بتاريخ 4 مارس 1981 والتشكيل الوزاري الـ 12 بتاريخ 3 مارس 1985 والتشكيل الوزاري الـ 13 بتاريخ 12 يوليو 1986 ثم اضيفت له وزارة الداخلية في 21 يناير 1988.
وفي التشكيل الوزاري الـ 14 بتاريخ 20 يونيو 1990 والذي تم قبيل العدوان العراقي على الكويت حمل الشيخ سالم صباح السالم حقيبة وزارة الداخلية.
وبعد تحرير الكويت تم تشكيل الوزارة الـ 15 بتاريخ 20 ابريل 1991 حيث عين الشيخ سالم نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للخارجية ثم خرج من التشكيل الوزاري الـ 16.
وعاد الشيخ سالم صباح السالم في التشكيل الوزاري الـ 17 بتاريخ 15 أكتوبر 1996 حيث عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للدفاع واستمر في هذا المنصب في التشكيل الوزاري الـ 18 بتاريخ 22 مارس 1998 والـ 19 بتاريخ 13 يوليو 1999.
ومنذ عام 1992 تولى الشيخ سالم صباح السالم رحمه الله رئاسة اللجنة الوطنية لشؤون الاسرى والمفقودين.
وعرف عن الشيخ سالم تواضعه الجم وكرمه وحبه للناس كما عرف بطيبة قلبه وشعبيته الكبيرة وحبه الشديد لوطنه.
الديوان الأميري
ينعي الراحل الكبير
(كونا) جاءنا من الديوان الاميري ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي».
ينعي الديوان الاميري المغفور له الشيخ سالم صباح السالم الصباح عن عمر يناهز 69 عاما وسيوارى جثمانه الثري الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم الاثنين (أمس) السادس والعشرين من رمضان 1428هـ الموافق الثامن من اكتوبر 2007 (إنا لله وإنا اليه راجعون).
أبو باسل أحب أهل الكويت
... وأحبوه
| كتب داهم القحطاني |
مات الشيخ سالم صباح السالم المبارك الصباح؟
كلا لم يمت فالحب الذي حمله هذا القلب الكبير لاهل الكويت باق في قلوب وضمائر الكويتيين إلى ما شاء الله لا يموت.
الى اخر لحظات المرض لم تكن الابتسامة تغادر وجه ابوباسل، الابتسامة العذبة الصافية التي تنم عن قلب يهيم عشقا بالكويت وشعبها، تلك الابتسامة التي افتقدها الكويتيون منذ غيب المرض الشيخ سالم عن الوجوه فبقي محبوب القلوب.
في كل محطاته السياسية سواء كان ديبلوماسيا او وزيرا او رئيسا للجنة شؤون الاسرى كان الرجل كما هو، شيخا بالفطرة يحبه الجميع بقدر مهابته، يختلف معه البعض ولايدخل معه في خلاف، فالاختلاف مع ابو باسل امر عادي فهو صاحب فكر ورأى لا يداهن او يتلون لكسب المريدين، اما الخلاف فأمر مستبعد فهو منذ الصغر مشروع حاكم والحاكم بطبعه يكون قلبه مفتوحا للجميع.
منذ الصغر والرجل ذو مكانه لا تخفى، فهو الشيخ ابن امير ابن امير ابن امير ابن امير، كما انه جمع في شخصيته طريقي العلم والمشيخة ووازن بينهما ليكون قريبا من العالم بتطوراته واحداثه وعلومه وليكون ايضا قريبا من ابناء شعبه وهمومهم وامالهم، وهو ما كان، حيث تحول ابوباسل لرمز من رموز الاسرة الحاكمة رغم صغره واصبح الشعب يعول عليه في كثير من الملمات خصوصا بعد الغزو العراقي الآثم.
حين رجع من رحلة العلاج الاخيرة استقبلته القلوب بل العيون وكانت الحشود الشعبية التلقائية غفيرة رغم ان الجميع يعلم انه كان من الصعب رؤيته ومع هذا لم يغادر الجميع المطار إلا والقلوب مطمئنة حينما لمحوا ابتسامة ابو باسل الهادئة والواثقة والمؤمنة تشق الام المرض وترسل الحب لاهل الكويت.
حينما بدأ المرض يؤثر في صحته بشكل ملحوظ تخلى عن بعض المهام التي تتطلب جسدا معافى فالاهم لديه انجاز المهام وعدم تعطل مصالح الكويت واهلها، إلا انه لم يتخل عن مهمته الاقرب الى قلبه وهي رعاية شؤون الاسرى واسرهن، فوفر كامل طاقته من اجل هذه المهمة رغم تأثيرها السلبي على صحته ولم يكن يبالي بذلك، فالحب للكويت في فكر وروح الشيخ سالم مهمة لاترتبط بصحة بقدر ما ترتبط بالروح، فكانت التضحية رغم الالام ولهذا كان لافتا للصحافيين المتابعين لانشطة لجتة الاسرى ان الارتعاشة المتزايدة في نبرات صوته وحركات يده لم تمنع على الاطلاق اداءه لمهامه وبنجاح مميز تمثل في بقاء قضية الاسرى حاضرة في ضمير العالم الى يومنا هذا.
الكلام يعجز عن وصف رجل بقامة وهامة الشيخ سالم صباح السالم الشيخ ابن الامير ابن الامير ابن الامير ابن الامير.
والمشاعر لا تخفي حبها لهذا الرجل الذي سيبقى علامة بارزة في تاريخ الكويت الحديث حينما يرى الكويتيون انجازات الرجل في كثير من القضايا على اختلافها وتنوعها، سواء حين كان ديبلوماسيا في عواصم القرار العالمي او حينما صار وزيرا للشؤون ولاحقا وزيرا للدفاع في بدايات تشكيل نظام التجنيد الاجباري و حين تولى مسؤولياته كوزير للداخلية او حتى حينما اصبح وزيرا للخارجية بعيد تحرير الكويت من براثن الغزو العراقي الآثم.
مات الشيخ سالم صباح السالم؟
كلا لم يمت الرجل وانما غاب الجسد وبقي الصيت يخلد الرجل في قلوب وضمائر اهل الكويت الذين طالما احبهم ابو باسل واحبوه.