عادل حسن دشتي / شقشقة / النواب وفن اقتناص الوزراء

تصغير
تكبير
عادل حسن دشتي

لا يستطيع أي متابع لمجلس الأمة أخيراً إلا أن يلاحظ أنه أصبح لدينا عدد لافت من نواب الأمة، إضافة إلى كتل برلمانية تخصصوا في فن اقتناص الوزراء سواء كان ذلك بالحق أو بالباطل، فبمجرد تشكيل الحكومة، بل وحتى قبل تشكيلها يضع هؤلاء النواب وكتلهم البرلمانية خطة محكمة لاقتناص بعض الوزراء ووضعهم تحت دائرة الضوء تمهيداً لإنهاء حياتهم السياسية وبالضربة القاضية، ولأسباب نتركها لمقالات مقبلة، ويكون تطبيق مراحل تلك الخطة بالتدريج، بدءاً من اتهامهم لبعض المرشحين للمنصب الوزاري بالتأزيم في خطوة استباقية لمنع توزيرهم أصلاً، مثلما حدث مع بعض الوزراء السابقين، مروراً بالتشكيك بدستورية توزير البعض الآخر، مثلما حدث في جلسة الهرج والمرج مع الوزيرة السابقة الدكتورة معصومة المبارك.

أما من يفلت من هؤلاء الوزراء من هذا الفيتو والطوق النيابي المبكر، ويحوز على ثقة رئيس مجلس الوزراء، فإنه ينتهي به المطاف على منصة الاستجواب أو بتقديم استقالته. وتعاد الكرة مع كل تشكيلة وزارية، إذ يبدو أن أمام بقية الوزراء طرقاً عدة في كيفية التعامل مع هذا الوضع المضطرب، فهو إما أن يتعامل مع نواب الأمة بالطريقة الكويتية المعروفة ويفتح الأبواب على البحري كما يقولون ويستبيح الوزراة لقبيلته أو لعائلته أو لطائفته مع عدم رفض أي طلب لأي من هؤلاء النواب أو الكتل ويكسب مقابل ذلك ذهب الصمت النيابي المنشود، وإما أن يحاول وضع تصور وخطة استراتيجية طموحة للنهوض بوضع وزارته ويحرص على تطبيق القانون واللوائح والحد من سياسات الاستثناء في كل شيء، وسيصطدم هنا بمختلف أدوات الضغط النيابي والإعلامى وحتى الحكومي، فكم وزيراً استطاع الصمود أمام كل هذه الضغوط ومعوقات تطبيق القانون وكم وزيراً استطاع أصلاً وضع خطة طموحة كهذه ودافع عنها، وإما أن يحاول موازنة الأمور والتعامل مع هذه المتغيرات بواقعية كما يقولون، فمعاملات النواب تعامل باهتمام شديد وجماعته فوق كل اعتبار لضمان أكبر عدد منهم لملء مقاعد قاعة عبدالله السالم حسبما صرح بذلك أحد نواب الأمة في استجواب سابق، مع غض الطرف عما يحدث من تجاوزات خطيرة تعبث بالوزارة، فخلف كل فساد مجاميع ضغط وتضارب مصالح لا قبل للوزير بمواجهتها إن أراد الاستمرار في وزارته وليشرب المواطن البسيط من البحر، وإما أن يكون الوزير بلا طعم ولا رائحة فلا خطة ولا استراتيجية ولا هم يحزنون فقط إرضاء للنواب والأقارب والأصحاب وتعيين أبناء العمومة، ممن لم يحالفهم الحظ في الانتخابات الفرعية، كمستشارين في مكتب سعادة الوزير بلا حساب ولا عقاب ولا حتى عتاب من أحد، فشهود الزور أكثر من أن يحصوا، ونتساءل بعد ذلك كله عن سبب تخلفنا بين الأمم والناس، ولا عزاء للوطن.


عادل حسن دشتي


كاتب كويتي

[email protected]     


 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي