مع بداية كل نهار، يسأل نفسه عن سر رغبته في البقاء والاستمرار، يستيقظ تعبا ويكاد لا يجد القوة الكافية ليغادر السرير، لأنه اصلا لم ينم، وعندما يفعل ذلك اخيرا يجلس منحني الظهر، والاوجاع لا تبارحه ابدا، ويكتشف ان سلسلة الاعمال التي عليه القيام بها في هذا اليوم تلتف حوله وتكبل حركته وتخنقه يعرف انه بعد قليل سيواجه وجهه في المرآة ويكتشف ان يوما آخر ينتظر كي يمتص ما تبقى من طاقته وشبابه وبعد ذلك يأتيه افراد العائلة مسلحين بطلبات مختلفة، عارضين عليه شؤونهم كمجموعة من المعارضين المتظاهرين لا يريدون إلا تحقيق مطالبهم، بغض النظر عن مدى مشروعية مطالبهم. ثم سيخرج إلى الشارع حيث تحاصره زحمة السير وتصم اذنيه اصوات وابواق السيارات قبل ان يصل إلى عمله مرهقا يائسا حزينا ومع نهاية كل نهار يكتشف ان الاعوام تجري بسرعة رهيبة ولكنه نجح في البقاء والاستمرار واستطاع ان يحتمل التعب والركض والمنافسة والخبث والنفاق والحر الخانق والازمة الاجتماعية والتصريحات السياسية تارة من طرف اعضاء مجلس الأمة وتارة اخرى من الحكومة كل يدلي بدلوه ويدعي الحقيقة! وبقي على قيد الحياة في انتظار يوم جديد من دون ان يعرف كيف، ومن دون ان يعرف النهاية، واصبح عاجزا عن التأقلم مع الاوضاع المحيطة به ولا حتى يدركها، لأنها اصبحت مبهمة ومظلمة، ويدعي احيانا بقدرته على مقاومة هذه الشكوك كلها لأن ثمة من يحتاج اليه؟
بدأ يعتقد ان الذين يقررون الرحيل أو الغياب أو العبور إلى الاماكن الاخرى هم المقتنعون بأن الحال كما هي منذ عقود، وسيظل إلى ما لا نهاية مادام العتاة يقودون الدفة، ومازال يطمح ان تشرق الشمس ويغيب الظلام وعندئذ يستسلم لرياح التغيير لتحمله إلى حيث تشاء! حينئذ يرتدي ثوب الحياة الجديد ليستقبل نهارا آخر بعدما غاب إلى حين ليل الشك ثم يفكر في وطن جديدد ليشرق عليه!
فيصل فالح السبيعي
محام ومستشار قانوني لجمعية الصحافيين