عندما يصرح صاحب السمو أمير البلاد أكثر من مرة برفض فكرة «الحل غير الدستوري» فإن مثل هذا التصريح يجب أن يكون منهياً لكل مروج لمثل هذا الإجراء غير الدستوري سواء صراحةً أو تلميحاً، لذلك كان استغرابنا شديداً جداً، مما كتبه المستشار الإعلامي في الديوان الأميري سامي النصف عندما حاول في إحدى مقالاته الأخيرة تلميع صور الحل غير الدستوري السابقة التي مرت على هذا البلد وعادت عليه بأسوأ مراحله التاريخية والتي لايزال يدفع ثمنها حتى وقتنا هذا!
الحل «غير» الدستوري يا أستاذنا الفاضل «قبيح» بكل صوره فلا حاجة ولا أثر سيبقى لأي محاولة لتجميل أحداثه أو تبرير سابقاته، فغير «الدستوري» سوف يبقى غير دستوري مهما كانت «الظروف الدولية المحيطة» والتي يحاول البعض أن يعلق عليها شماعة الترغيب والترويج لمثل هذه الحلول الخارجة عن نطاق الدستور والشرعية، مثلما علقت عليها كل محاولات الحل غير الدستوري السابقة!
مثل هذه الدعوات ومحاولات بناء القواعد المروجة لمثل هذا الحل، غير الشرعي مرة أخرى، عندما تصدر من أشخاص لهم مصالح متضررة من وجود السلطة التشريعية والرقابية الممثلة بمجلس الأمة قد تكون مفهومة الدوافع والأهداف ومحصورة كل حسابات الربح والخسارة المتعلقة بها، ولكن أن تصدر مثل هذه الدعوات ممن توكل إليهم مهمة تقديم النصح والاستشارة إلى صناع القرار في هذا البلد، فهذه كارثة الكوارث والطامة التي تجعلنا نتساءل عن مدى جدية هؤلاء المستشارين في تقديم النصائح الصادقة والمخلصة للوطن أولاً، ثم لمن استعان بخبراتهم في مجالهم! وعندما تأتي مثل هذه الدعوات المناهضة للديموقراطية والحريات ممن يتبنون منهجاً قمعياً إقصائياً لا مجال فيه لمشاركة الشعب في إدارة شؤونه تكون متوقعة وإن لم تكن مقبولة، ولكن أن تأتي ممن يحاول أن يصنف دوره وتوجهه ضمن الفريق المنادي بالحريات والانفتاح على العالم والتوجهات الديموقراطية، مثل المستشار «الطيار» سامي النصف، فتلك أقل ما يقال عنها، تهذباً ومداراة للخواطر، تلون سياسي ممجوج للأسف!
يصل بنا الاستغراب مداه الأبعد، ونحن لا نزال نعاني تبعات دور مستشار آخر في تمرير مشروع كاد أن يكلف هذا البلد وأهله ما يزيد على اثني عشر مليار دينار بالتمام والكمال، عندما نفاجأ بمثل هذه التوجهات لمستشاري صناع القرار في بلدنا! هل يعقل أن يكون هذا هو منهج ودور هؤلاء المستشارين؟ وهل يفسر هذا لماذا البلد في تراجع على جميع المستويات مادام هؤلاء هم أهل الاستشارة والنصح والإرشاد والخبرة؟ ومادام هؤلاء هم أهل النصيحة والرأي السديد، فهل يحق لنا أن نتوقع رأياً سديداً؟
نداؤنا الأخير إلى المخلصين من أعضاء مجلس الأمة، لا تترددوا ولا تتأخروا بسن قانون يجرم أي دعوة أو ترويج للحل غير الدستوري، فمثل هذه الدعوات تضرب الاستقرار السياسي والأمني الداخلي عبر الدعوة إلى تقويض النظام الديموقراطي العام الذي يضمن الاستقرار لهذا البلد.
سعود عبدالعزيز العصفور
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]