مسفر النعيس / بلد لا يعتمد على شبابه

تصغير
تكبير
مسفر النعيس

 


كلمات يرددها بعض المسؤولين أن الاعتماد الحقيقي على الشباب وأنهم عماد الوطن، وأنهم الجيل الجديد الذي يعتمد عليه، وأنهم كنز حقيقي، وبعض الكلمات والشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فكل هذه الشعارات لم تطبقها حكومتنا الرشيدة، ولم تعط الكثير من الشباب الفرصة الحقيقية لإثبات الذات ورد بعض الجميل لهذا البلد المعطاء، فالشباب محاربون من قبل الكثيرين من المسؤولين في البلد.


لعل التأكيد على ما ذكرناه يبرهنه بشكل قاطع بقاء الكثيرين من المسؤولين في مناصبهم لفترات طوال، وغالباً ما تكون الإدارة بسبب ذلك جامدة وغير منتجة ولا تواكب التطورات التكنولوجية المتسارعة. وما يجرى من قبل بعض المسؤولين ما هو إلا محاولات لإبقاء الوضع كما هو، فالجمود الوظيفي يسيطر بشكل طاغ على غالبية إدارات ووزارات الدولة، ولعل التغيير دائماً يكون بالمناصب مع الإبقاء على الأشخاص، وكأن البلد يخلو من الكفاءات والأشخاص القياديين.


الشباب دخلوا في حرب ولعبة خفية مع بعض المسؤولين ممن تجاوزوا السن القانونية، حسب قرارات ديوان الخدمة المدنية، فالكثيرون من المسؤولين المعمرين في إداراتهم لا يريدون إعطاء أي فرصة للشباب لإثبات جدارتهم وتطبيق بعض دراستهم العلمية في العمل الحكومي، فصراع الأجيال أصبح واقعاً ملموساً لا يمكن أن ننكره، فهناك من تجاوزت مدة عمله في القطاع الحكومي أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، فهل سيعطي أكثر من ذلك؟ وهل الإدارة لا يمكنها أن تستغني عن خدماته ومتمسكة به لهذه الدرجة، أم أن ديوان الخدمة المدنية لم يجد من يشغل وظيفته بسبب عبقريته غير المتوافرة في الوقت الحالي. نحن لا نتجنى على القيادات والخبرات، والتي كانت لها أدوار كبيرة في العمل بالقطاع الحكومي، ولكن نتمنى أن يتم التغيير وضخ دماء شابة في المناصب القيادية. هذه سنة الحياة ولا أحد باق في منصبه على الدوام، فلو دامت لغيرك ما اتصلت إليك، تلك العبارة الجميلة والتي تعلو قصر السيف العامر، ما هي إلا تأكيد على أن التغيير سنة الحياة ولا دائم إلا وجه الله تعالى.


الوضع الحالي لا يبشر بالخير فالمسؤولون ووكلاء الوزارات والوكلاء المساعدون كثيرون منهم خدم أعواماً طوالاً، وقدم جهوداً مشكورة، ويجب عليه أن يرتاح لكي يأخذ الراية من بعده الشباب الذي قاربوا على الأربعين عاماً، ولم يُعطوا الفرصة الحقيقية، فالتغيير من شأنه أن ينتشل القطاع الحكومي من الفساد ويطوره ويدخل عليه بعض التعديلات اللازمة ويجعله قادراً على التماشي مع التطورات التكنولوجية، بعيداً عن الجمود الذي يجثم عليه أعواماً طوالاً، ولو تم التغيير بجميع الإدارات والقطاعات والتخصصات لأصبح الوضع أفضل، فبعض المسؤولين مازالوا لا يعتمدون على الشباب ويرددون اسطوانه مشروخة بأن شباب البلد لا يعملون وغير منتجين، ويسطرون في مكتبهم الكثيرين من المستشارين العرب الذين زادوا من الفساد وطبقوه على أصوله. ونحن لا نقصدهم جميعاً بل الغالبية، إذ يبدو بأن الكثيرين لا يريدون التغيير، ويعتبرون الإبداع والعمل مركزاً في من يمتلك الخبرات الطويلة.


على سبيل المثال، نحن نمنح جائزة الدولة التقديرية لكبار السن لكي نشجعهم على المضي قدماً، فالمستقبل زاهر أمامهم، وتلفزيوننا يعتمد بشكل أسبوعي على مقدمي برامج حوارية ورياضية بلغوا من العمر ما بلغوا، وصحافتنا تعتمد على أقلام بعض كبار السن رغم أن صحفنا جديدة إلا أنها، بغالبيتها، تشجع الأقلام الناشفة وتبرم العقود مع بعض الكتاب العرب الذين يضمرون لنا ولديرتنا الشر، ووزارة الكهرباء تعتمد على مهندسين وفنيين منذ أيام العدوان الثلاثي، ويبدو أنهم لا يعرفون ما هي إجراءات التقاعد، ووزارة التربية لم تملك سوى الاستعانة بجهود أحدهم لوضعه مديراً لمنطقة تعليمية رغم أن هناك من هم أكفاء أكثر منه. ولكن لعن الله الخبرة إذا اجتمعت مع الواسطة، فيبدو والله أعلم أن الشباب يتوجب عليهم أن ينتظروا أعواماً عدة ليحققوا ما يصبون إليه، عندها ستحاول الأجيال القادمة إزاحتهم، وربما تضطر لتقديم مذكرة احتجاج لكي تأخذ فرصتها الحقيقة، وما أخشاه أن تقدم المذكرة إلى أحد المسؤولين الحاليين، والذي سيكون على كرسيه محنطاً.


 


 


كاتب كويتي



[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي