تباينت حولها الآراء بين رافض بشدة وموافق لا يرى عيباً شرعياً

فتوى جديدة مثيرة للجدل واقتراح غريب لأكاديمي أزهري تخصيص مساجد للنساء يتولين فيها أمور الصلاة

تصغير
تكبير
| القاهرة - من حنان عبدالهادي وأغاريد مصطفى وخالد زكي |
في جديد الفتاوى المثيرة للجدل... طالب أكاديمي أزهري... بتخصيص مساجد للنساء، يتولين فيها الأذان والصلاة والإقامة والخطبة، وعرضها على المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية لمباركته وتنفيذه، كما تلقى المجلس مطالبات نسائية متشابهة، ومن جهتها «الراي»... استطلعت آراء عدد من الأزهريين حول الاقتراح الغريب... وكانت ردود الأفعال مختلفة، ما بين رافض وبشدة، وموافق ولا يرى عيبا «شرعيا» في ذلك.
الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف في مصر الدكتور محمد الجندي، قال: إن عميد كلية اللغة العربية السابق... الدكتور عبدالغفار هلال، اقترح تخصيص مساجد للنساء على لجان المجلس، مشيرا إلى أنه لا يجد مبررا لتنفيذ هذا الاقتراح فليس هناك ضرورة لذلك.

وأضاف في تصريحات لـ «الراي»: لم يكن في عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم» مساجد خاصة بالنساء، ولا في عهد الخلفاء الراشدين، وأصبح ذلك سنة، مذكرا بحديث الرسول الكريم «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وحديث «خذوا عني مناسككم»... أي في الصلاة أو الحج، وهذا يعني كما يقول الجندي عدم شرعية تخصيص مساجد للنساء.
وتابع: ليس هناك داعٍ لذلك، فمن الناحية العملية نجد أن صلاة الجمعة والتي تشهد ازدحام المساجد ليست واجبة على النساء.
لافتا إلى أن إقامة مسجد خاص بالسيدات يستدعي وجود من يقوم بالإفتاء للنساء وتعليمهن أحكام الشريعة ومن يرفع الأذان إذ لا يصح شرعا أن ترفع سيدة الأذان.
الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر الشيخ جمال قطب اعتبر إقامة مسجد خاص بالسيدات فقط «بدعة» في الدين، لافتا إلى أن السنة النبوية تقتضي أن يكون المسجد للرجال والنساء معا، ودلل على ذلك بأن مسجد النبي «صلى الله عليه وسلم» كان يصلي فيه الرجل وتصلي فيه المرأة ولو كان هناك أي ضرر أو شبهة دينية، لأمر النبي «صلى الله عليه وسلم» بإنشاء مسجد منفصل للنساء بعيدا عن مسجد الرجال.
وأضاف: لا مبرر لإنشاء مثل هذا المسجد فالله يقول «وأن المساجد لله» فهي ليست للرجال فقط أو النساء فقط، وإنما هي مكان مخصص للعبادة، يقصده الرجل والمرأة وهناك طريقة شرعية لترتيب الصفوف داخل المسجد حيث تخصص الصفوف الأمامية للرجال وخلفهم تقف النساء أما الصفوف الخلفية فهي مخصصة للأطفال والصبية.
وأشار إلى أنه لم يؤثر عن أحد من الفقهاء أنه أجاز للمرأة أن تكون مؤذنا في المسجد، لأن صوتها عورة، والأذان إعلام يحتاج أن يسمعه جميع الناس خارج المسجد.
رئيس لجنة الفقه بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الدكتور أحمد طه ريان هاجم المطالبين بالفكرة، قائلا: إن مثل هذه المطالبات تقف وراءها جهات خارجية تريد إحداث الفرقة، وزيادة الفجوة بين الرجال والنساء من خلال جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة.
وتابع: إن تفكير المرأة بهذه الطريقة يضر بها أكثر مما يضر بالرجل، لأنه لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال، مؤكدا أن فتح المجال أمام تلك المطالب وشبيهاتها سيؤدي في النهاية إلى خلق روح عدائية بين عنصري الإنسانية «الرجل والمرأة»، وهي روح عدائية حرص الإسلام على إزالة كل ما يغذيها.
وأكمل: إن وظيفة المسجد منوطة بالرجل فقد قال الله تعالى «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له بالغدو والآصال رجال...».
إضافة إلى أن صلاة الجماعة في حق الرجال واجبة وعند بعض الفقهاء سنة، ولم يقل أحد من العلماء حضور الجماعة واجب أو سنة على النساء.
وأشار إلى أن ما ورد في الحديث النبوي «لا تمنعوا إماء الله المساجد»، ما يدل على رخصة الحضور لكن الرسول جعل الخيرية في صلاة المرأة في البيت.
أما أستاذة الفقه المقارن والعميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية «بنات» بجامعة الأزهر الدكتورة سعاد صالح، فقالت: إنه لا يوجد مانع شرعي من وجود مساجد خاصة للنساء، لأن المهم في الشريعة الإسلامية هو موقف النساء بعيدا عن الرجال، وبالتالي يمكن أن يكنَّ خلف الرجال أو مستقلات عنهم، وبذلك فلا يوجد مانع من إمامة المرأة للنساء بشرط أن تقف معهن في الصف وليس أمامهن، ومن حقها أيضا أن تؤذن بينهن بصوت مسموع على ألا يكون عبر مكبرات الصوت.
وأضافت: للمرأة أن تقوم بكل شيء يقوم به الرجل في صلاة الجمعة والجماعة، مستشهدة بإذن رسول الله لأم ورقة... بأن تؤم أهل بيتها، معتبرة... أن البيت مكان مخصص ومستقل، ومن ثم لا ضرر إطلاقا في تخصيص مساجد للنساء حتى وإن كان العرف لم يعتد على ذلك.
وأوضحت... أن الأصل في الأشياء هو الإباحة وليس التحريم... مادام لم يرد نص صريح يحرمه.
عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد رأفت عثمان، قال: إذا كان هذا الأمر خالصا ويرجى به وجه الله تعالى... فلا بأس من تخصيص أماكن للنساء يتعبدن فيها ويذكرن اسم الله... سواء كانت هذه الأماكن مخصصة بداخل المسجد كما هو الحال الآن أو مساجد خاصة بهن يصلين فيها من دون أن تؤذن المرأة أو تصعد المنبر وتخطب مثل الرجال.
مضيفا: أما اذا كان القصد من وراء ذلك هو أن تقوم المرأة بأداء كل شيء داخل المسجد من أذان وإقامة وخطبة الجمعة فهذا أمر مرفوض وليس له أي سند شرعي.
ويتساءل عثمان: ما هو الغرض من وراء ذلك... ألا يكفيكن الأماكن المخصصة لكُنّ داخل المساجد أم أن هذا توجه تقف وراءه النعرات الغربية؟!
من جانبه أكد أستاذ الفقه والشريعة جامعة الأزهر الدكتور علوي أمين... أن هذا المطلب جائز شرعا... ولكنه استدرك، مشيرا... إلى أن هذا يعد تكليفا غير مطلوب على المرأة، لأن كل ما هو مطلوب هو وجود مصلى للسيدات في كل مسجد وليس مسجدا خاصا للنساء.
وتساءل: من سيكون الإمام في هذه المساجد؟ وقال: لا ضرورة لإنشاء مسجد خاص للنساء، خاصة أنه منذ عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم» ثم الصحابة وعلى مدى الزمن... فالمساجد التي نعرفها تضم مصلى خاصا للسيدات.
أستاذ الفقه والشريعة في جامعة الأزهر الدكتور عمر القاضي قال: إنه لا يحبذ تخصيص مساجد للسيدات، مؤكدا... أن الشرع حدد أماكن وقوف المرأة في الصلاة، وهو في الصفوف الخلفية وراء الرجال وهذا هو المتبع منذ أيام الرسول «عليه الصلاة والسلام» والصحابة.
ولفت في تصريحات لـ «الراي»: إلى أن هذا المطلب يعد ابتكارا عرفيا... والشرع يمنع الاختلاط إلا في حالة الضرورة كالحج مثلا... وأنا أرى أنه لا توجد ضرورة لإقامة مسجد خاص بالنساء، مؤكدا... أن هذا المطلب سوف يفتح أبوابا جديدة للإمامة وضرورة اعتمادها من قبل وزارة الأوقاف... وتقسيم المساجد إلى مساجد للنساء ومساجد للرجال... وهو أمر غير ضروري وليس مطلوبا، خاصة أن المساجد غير مزدحمة بالشكل الذي يجعلنا نلجأ لتقسيم المساجد وإقامة مساجد خاصة للنساء.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي