الحض على اجتماع كلمة المسلمين وذم التفرق والاختلاف

تصغير
تكبير
| عرض - عبدالله متولى |

صدرت حديثا رسالة في «الحدث على اجتماع المسلمين وذم التفرق والاختلاف» تأليف العلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله تعالى - وقدم لها فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل، رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الاعلى سابقا في المملكة العربية السعودية، تقع هذه الرسالة في 48 صفحة من القطع المتوسط، وصدرت طبعتها الاولى عن دار التوحيد للنشر.

هذه الرسالة على صغر محتواها إلا انها غزيرة في معناها، يوجه من خلالها العلامة السعدي - رحمه الله - النصيحة، لعلماء المسلمين وعوامهم، ان تتفق كلمتهم، وتجتمع قلوبهم، معتصمين بحبل الله جميعا، ومحذرا لهم من الفرقة والاختلاف المؤدي إلى التشاحن والقطيعة والبغضاء.

وقد بين رحمه الله مكانة العلماء العاملين في الامة وحاجة المسلمين لهم وماذا يجب على الناس تجاههم من المحبة والتقدير ومعرفة حقهم، وتنزيلهم المنزلة اللائقة بهم، ولم ينس رحمه الله توجيه النصح لطلاب العلم وتحذيرهم من الاخلاق الرديئة والصفات الذميمة وغير ذلك من الفوائد المنثورة في ثنايا هذه الرسالة.


أعظم الأوامر

تبدأ الرسالة باعظم الاوامر الالهية والشرائع السماوية والوصايا النبوية وهي الاعتصام بحبل الله جميعا، واتفاق كلمة المسلمين واجتماعهم وائتلافهم، والتعاون على ذلك قولا وفعلا والنهي عن التفرق والاختلاف وتشتيت شمل المسلمين، والزجر عن جميع الطرق الموصلة اليه بحسب القدرة والامكان، مؤكدة ان من اعظم البر السعي في جمع كلمة المسلمين واتفاقهم بكل طريق، كما ان السعي في تفريق كلمة المسلمين من اعظم التعاون على الاثم والعدوان.

تنتقل بعدها الى اعظم النصيحة الى المسلمين وهي السعي في تأليف قلوبهم واجتماعهم ونهيهم عن التفرق.

ثم فصل في بعض مفاسد الاختلاف والتنازع والتباغض والتهاجر ومضارها، ثم فصل في فوائد اتفاق المسلمين وتحابهم والسعي في ذلك، فابتفاق كلمة المسلمين يجتمع شمل الدين، ويحصل لهم بذلك في الارض العز والتمكين وبه يزيد الاسلام والايمان، لان الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

سلامة النفس

فالواجب على المسلمين عموما وأهل العلم خصوصا ان يسعوا في هذا الامر، ويتحملوا من اجله المشاق ويبذلوا جهدهم وطاقتهم في حصول التوادد وعدم التقاطع والتهاجر.

ويقابلوا المسيء لهم بالعفو عنه والصفح وسلامة النفس ولايعاملوه بما عاملهم به، ويجب عليهم ان يقمعوا وينصحوا كل صاحب هوى يريد ان يشق عصا المسلمين ويفرق بينهم لنيل غرض من اغراضه الفاسدة، وان يحرصوا على ستر عورات المسلمين وعدم تتبعها، خصوصا ما يصدر من العلماء وطلبة العلم، الذين لولاهم ما عرف الناس امر دينهم، فالواجب على المسلمين احترامهم وكف الشر عنهم وقمع من يريدهم بأذى والتغاضي مما يصدر منهم بستر وعدم نشره لان نشره فيه فساد عظيم.

ثم تشير الرسالة إلى علامات الخير والشر التي يعرف بها العبد، فتبين ان سعادة الانسان في ان تراه قاصدا للخير لكافة المسلمين حريصا على هدايتهم ونصيحتهم بما يقدر عليه من انواع النصح مؤثرا لستر عوراتهم وعدم اشاعتها قاصدا بذلك وجه الله والدار الاخرة.

وعلامة شقاوة العبد ان تراه يسعى بين الناس بالغيبة والنميمة ويتتبع عثراتهم ويتطلع الى عوراتهم.

فحقيق بمن لنفسه عنده قيمة ان يربأ بها عن هذه الخصلة الذميمة ويتأمل معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «اذا من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة».

تشتيت القلوب

تنتقل الرسالة بعد ذلك إلى فصل اخر وهو ان اعظم مايجب الاعتناء به على اهل العلم ألا يجعلوا الاختلاف بينهم في المسائل الدينية التي لايخرج المخالف فيها الى البدع او الشرك سببا وداعيا إلى التفرق وتشتيت القلوب وموجبا للقدح والطعن بسببها والموالاة والمعاداة عليها، فإن هذا ظلم وتعد لا يحل باجماع المسلمين.

فمن رحمة الله بعباده ان جعل اختلاف هذه الامة رحمة ليثبت المصيب ويعفو عن المخطئ واتفاقهم حجة ونجاة وعصمة.

فالواجب على اهل العلم ان يبذلوا جهدهم بتحري الحق والصواب، وألا يضللوا المخالف لهم مثلهم، اصاب او اخطأ.

كما يجب عليهم السعي في معرفة الحق والاجتهاد في تنفيذه والعمل به والتعاون على ذلك، وان يحب احدهم ما يحب لنفسه سواء وافقه او خالفه. وتختم الرسالة بفائدة مهمة للمعلمين والمتعلمين خلاصتها، انه ينبغي للمعلم ان يفتح للمتعلمين باب البحث والمراجعة والانتقاء في المسائل العلمية، فإن في ذلك من المصالح الدينية ما لا يدخل تحت الحصر.

لان ذلك من باب التعاون على البر والتقوى، ولان مصالح الدارين لا تتم إلا بالتعاون عليها، فالمسائل العلمية لا تتم إلا بذلك وهي بدونه غاية في النقص.

ومنها ان ذلك يوجب لهم التهذب والتدرب على المعارضة والاستدلال والترجيح والتضعيف فتتقد بذلك افكارهم ويحصل لهم ملكة يقترون بها على الايراد والجواب، فالابمتحان تنصقل الاذهان.

وختاما فإن هذه الرسالة درة نفيسة ورسالة فريدة والامة الاسلامية اليوم احوج ما تكون إلى اتباع ما جاء فيها من نصائح غالية لاجتماع شملها ورأب صدعها.رحم الله مؤلفها وجزاه عن النصيحة خير الجزاء وجزى الله من قدم لها وحققها وساهم في طباعتها ونشرها كل خير.



غلاف الرسالة

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي