صورة وتعليق / المؤذن
هذه الصورة نقلا عن مجلة آخر ساعة المصرية. اما التعليق فهو لفاطمة علي
الاذان دعوة الصلاة من فوق اعلى مآذن القاهرة النورانية مشهد جذب الرسامين المستشرقين الذين اتوا إلى الشرق مبهورين بثقافته وعاداته وتقاليده وقد رسم المؤذنون ومنابر النداء للصلاة والمصلين الفنان الفرنسي جان ليوجيروم.
ومنها هذه اللوحة الرائعة بعنوان «الموذن» التي رسمها جيروم العام 1870 منبهرا بصوت المؤذن الجهوري البشري دون الاعتماد على اي وسائل مساعدة ليبدو بقوة صوته معادلا للمعمار القوي امام وفي خلفية المشهد من مساجد ومآذن الازهر كافضل رؤية للمنظور المعماري من اعلى.
يبدو في اللوحة من طبقات الضوء ان الفنان رسمها لمؤذن صلاة العصر حيث نرى انعكاسات الشمس خفيفة على جدران فناء المسجد إلى اسفل المئذنة، كذلك انعكاسات الضوء بين الاعمدة الخشبية المحيطة بسطح بلكونة المئذنة، اما الجو الضبابي فيبدو انه كان يوما محملا بهواء رملي من جبل المقطم اعلى المنطقة ورغم هذا المشهد الروحاني، والواقعي معا فجيروم لم يرسم المؤذن كموضوع منفصل عن المدينة المحيطة، بل رسم مدينة المآذن الممتدة حتى نهاية المشهد في الافق بالمساجد والقباب ومآذنها كمدينة اسلامية عتيقة حتى نكاد نسمع ونحن نشاهد هذه اللوحة ترديد كلمات الاذان بين المؤذنين في المآذن المقابلة والمحيطة كدعوة محببة تستجيب لها المدينة الملقاة في حضن الروحانية محتضنة مساجدها واماكن العبادة ليصبح تداخل كلمات الاذان من مكان قريب إلى مكان بعيد كدعوة ملحة لاعمار الروح من فوق عمارة روحية لمدينة شديدة الروحانية تزاحمت محلقة في الفضاء مآذنها ومثلما للمآذن اطوال تحلق في الفضاء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن اطول الناس اعناقا يوم القيامة المؤذنون، ولنلاحظ ان اللوحة تتسق والبناء الراسي للمآذن فنجد الاتجاه الرأسي للاعمدة الخشبية للمئذنة المجاورة للمؤذن يتسق والاتجار الرأسي لاعمدة بلكونة المؤذن كذلك وقفته الجسدية الممشوقة الرأسية تماما ليتردد صوته البشرى دون وسائط مكبرة مع المآذن الراسية المقابلة والمحيطة لتبدو كل العناصر في اتجاه رأسي مستقيم تجاه السماء رغبة في رضاء السماء.