الشيخ بكر أبو زيد كما عرفته
| بقلم - الشيخ عبدالعزيز العويد |
وكنت ممن شرفه الله بالزيارات المتكررة له في بيته، ومكتبه، وما ذكرت له وجودي في الرياض الا وطلب زيارته، حتى بعد مرضه لما اصيب قبل بضع سنوات بجلطه مكث فيها طريح الفراش يعاني من المرض حتى توفي - رحمه الله.
ولا اريد ما ذكره غيري من ترجمة للشيخ، او جوانب من حياته، وسأقتصر في اسطري هذه على بعض المواقف التي جرت لي مع الشيخ - رحمه الله -، او تتعلق به مما لا يعرفه البعض.
> بداية العلاقة
اكرمني الله منذ بداية طلبي للعلم بقراءة كتب الشيخ بكر - رحمه الله - حتى قرأت جميع ما صنف، وجمعت بعض فوائد كتبه في كراسة لدي سميتها «صيد وقيد من كتب العلامة بكر ابو زيد».
وقد مر بي اثناء القراءة بعض ما فات الشيخ ذكره، او سبق قلمه سهوا به، فجمعت ذلك في رسائل مختلفة الزمن، وكانت عكازة اتكأت عليها في دخولي على هذا العالم، ولا شك ان هذه الملاحظات اليسيرة لا تنقص من قدر الشيخ، ولا ترفع من قدري، لكنه للطفه ودماثة خلقه سر بها، ووعدني بتضمينها في طبعات مقبلة، ثم اخبرني مرة بانه قرر ان يجمع رسائل المتعقبين له في مصنف خاص - وهذا من تواضعه وحسن خلقه - لكن اصيب بالمرض، ثم توفي - رحمه الله.
> ثناء ابن عثيمين
لما درس الشيخ ابن بكر - رحمه الله - كتاب «حلية طالب العلم» للشيخ بكر - رحمه الله -، قال معلقا على بعض مفردات الكتاب ومن يريد ان يقرأ كتاب «الحلية» فهو محتاج إلى ان يجعل بجانبه معجما لاستخراج معاني الكلمات، لان الشيخ يكثر من الكلمات الغريبة، وانا متأكد ان الشيخ لا يتكلف ذلك بل لسعة المامه باللغة، ولمعرفته بمفرداتها. ملخصا افضل هدية مني للشيخ.
وعلى ذكر المام الشيخ بكر باللغة، فانه كان يقول لي اكثر من مرة: ان افضل هدية تحضرها لي من الكويت كتاب «تاج العروس» طبعة وزارة الاعلام في الكويت. وذلك لان جودة الطباعة، وحسن الخط، وقد كنت احضر له اي مجلد يطبع، لان طبعة «التاج» في المجلس الوطني للثقافة طبع على سنوات عدة.
> الدعوة في الكويت
كان الشيخ بكر - رحمه الله - يسألني كثيرا عن العلم، والدعوة في الكويت، واكثر من كان يسألني عنهم وعن جهودهم الشيخ احمد البزيع الياسين - وكان كثير المدح له -، والشيخ عجيل النشمي - لمشاركته في المؤتمرات الفقهية، والشيخ طارق العيسى لجهوده الخيرية عبر رئاسته لجمعية احياء التراث الاسلامي.
وفي احدى زياراتي لمعالي وزير الاوقاف السعودي الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - جرى بيني وبينه حديث حلو عبارة السيوطي في سيبويه وكان قلمه افصح من لسانه.
فقال الشيخ صالح: وعندنا هنا الشيخ بكر لا يجارى بقوة اسلوبه وكتب نافعة واسعة الانتشار، ومن جلس معه لا يصدق انه صاحب المصنفات لقلة كلامه. فقلت: بل من جلس معه وجده بحرا لا ساحل له في جمال الفوائد، وروعة العبارات، وذكرت له كلام بعضهم في الشيخ إذ كان لا يستقبل كل احد، فقال الشيخ صالح: اعرفك لا ترضى ان ينال من صاحبك ونحن معك!
> مطرب مغربي!
اجرت احدى الصحف اليومية الكويتية تحقيقا صحافيا حول بعض الاعلام المشهورين وجهل الناس بهم، وكان من جملة الاسماء بكر ابو زيد، ولم يعرفه احد من عامة الناس، ومن الغريب المضحك ان احدهم قال: سمعت عنه اظنه مطربا مغربيا!! فأخبرت الشيخ بها.
ومن عظيم ما سرني عنه - رحمه الله - حضوره المفاجئ مع اعتذاره المسبق إلى مؤتمر الفقه الاسلامي الذي اقيم في الكويت، وقد اخبرني ابنه عبدالرحمن ان الشيخ اصر على الحضور والمشاركة، وكان لا يستطيع حضور جلسات المؤتمر الا بعد تلقي العلاج، وكنت كلما زرته في بيته كان يؤتى به إلى المجلس، وهو مستند إلى بعض بنيه، وكنت اعتذر له عن الزيارة الا انه كان يظهر الراحة، وكنت لا الحظ عليه اي تعب في المذكرات العلمية، والاجابة عن اسئلتي، ويسأل عن الكويت، واخر ما صدر من الكتب دون تغير عما كنت اعهده عليه سابقا.
رحم الله الشيخ بكر لقد كان منارة من منارات العلم والهدى، ورجما من رجوم الهدى، مجاهدا بقلمه عبر مؤلفاته التي تنم عن علم واسع، وعقل رائع، وقوة في الحجة، وغيره من الدين.
كانوا جمال ذي الحياة وهم
بعد الممات جمال الكتب والسير
والحمد لله رب العالمين
لا ريب ان موت العلماء ثلمة في الدين، ومن اعظم المصائب عند المسلمين، لاسيما إذا كان لهذا العام مصنفات، وكتب ينتفع بها جموع الناس، وتعالج قضاياهم الشرعية او الاجتماعية.
ومن ابرز علماء الزمان، ومن ضنت به البلدان، وطنت بذكره الآذان سحبان أوانه، وابن قيم زمانه فضيلة الشيخ العلامة بكر بن عبدالله ابو زيد - رحمه الله تعالى.
وكنت ممن شرفه الله بالزيارات المتكررة له في بيته، ومكتبه، وما ذكرت له وجودي في الرياض الا وطلب زيارته، حتى بعد مرضه لما اصيب قبل بضع سنوات بجلطه مكث فيها طريح الفراش يعاني من المرض حتى توفي - رحمه الله.
ولا اريد ما ذكره غيري من ترجمة للشيخ، او جوانب من حياته، وسأقتصر في اسطري هذه على بعض المواقف التي جرت لي مع الشيخ - رحمه الله -، او تتعلق به مما لا يعرفه البعض.
> بداية العلاقة
اكرمني الله منذ بداية طلبي للعلم بقراءة كتب الشيخ بكر - رحمه الله - حتى قرأت جميع ما صنف، وجمعت بعض فوائد كتبه في كراسة لدي سميتها «صيد وقيد من كتب العلامة بكر ابو زيد».
وقد مر بي اثناء القراءة بعض ما فات الشيخ ذكره، او سبق قلمه سهوا به، فجمعت ذلك في رسائل مختلفة الزمن، وكانت عكازة اتكأت عليها في دخولي على هذا العالم، ولا شك ان هذه الملاحظات اليسيرة لا تنقص من قدر الشيخ، ولا ترفع من قدري، لكنه للطفه ودماثة خلقه سر بها، ووعدني بتضمينها في طبعات مقبلة، ثم اخبرني مرة بانه قرر ان يجمع رسائل المتعقبين له في مصنف خاص - وهذا من تواضعه وحسن خلقه - لكن اصيب بالمرض، ثم توفي - رحمه الله.
> ثناء ابن عثيمين
لما درس الشيخ ابن بكر - رحمه الله - كتاب «حلية طالب العلم» للشيخ بكر - رحمه الله -، قال معلقا على بعض مفردات الكتاب ومن يريد ان يقرأ كتاب «الحلية» فهو محتاج إلى ان يجعل بجانبه معجما لاستخراج معاني الكلمات، لان الشيخ يكثر من الكلمات الغريبة، وانا متأكد ان الشيخ لا يتكلف ذلك بل لسعة المامه باللغة، ولمعرفته بمفرداتها. ملخصا افضل هدية مني للشيخ.
وعلى ذكر المام الشيخ بكر باللغة، فانه كان يقول لي اكثر من مرة: ان افضل هدية تحضرها لي من الكويت كتاب «تاج العروس» طبعة وزارة الاعلام في الكويت. وذلك لان جودة الطباعة، وحسن الخط، وقد كنت احضر له اي مجلد يطبع، لان طبعة «التاج» في المجلس الوطني للثقافة طبع على سنوات عدة.
> الدعوة في الكويت
كان الشيخ بكر - رحمه الله - يسألني كثيرا عن العلم، والدعوة في الكويت، واكثر من كان يسألني عنهم وعن جهودهم الشيخ احمد البزيع الياسين - وكان كثير المدح له -، والشيخ عجيل النشمي - لمشاركته في المؤتمرات الفقهية، والشيخ طارق العيسى لجهوده الخيرية عبر رئاسته لجمعية احياء التراث الاسلامي.
وفي احدى زياراتي لمعالي وزير الاوقاف السعودي الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - جرى بيني وبينه حديث حلو عبارة السيوطي في سيبويه وكان قلمه افصح من لسانه.
فقال الشيخ صالح: وعندنا هنا الشيخ بكر لا يجارى بقوة اسلوبه وكتب نافعة واسعة الانتشار، ومن جلس معه لا يصدق انه صاحب المصنفات لقلة كلامه. فقلت: بل من جلس معه وجده بحرا لا ساحل له في جمال الفوائد، وروعة العبارات، وذكرت له كلام بعضهم في الشيخ إذ كان لا يستقبل كل احد، فقال الشيخ صالح: اعرفك لا ترضى ان ينال من صاحبك ونحن معك!
> مطرب مغربي!
اجرت احدى الصحف اليومية الكويتية تحقيقا صحافيا حول بعض الاعلام المشهورين وجهل الناس بهم، وكان من جملة الاسماء بكر ابو زيد، ولم يعرفه احد من عامة الناس، ومن الغريب المضحك ان احدهم قال: سمعت عنه اظنه مطربا مغربيا!! فأخبرت الشيخ بها.
ومن عظيم ما سرني عنه - رحمه الله - حضوره المفاجئ مع اعتذاره المسبق إلى مؤتمر الفقه الاسلامي الذي اقيم في الكويت، وقد اخبرني ابنه عبدالرحمن ان الشيخ اصر على الحضور والمشاركة، وكان لا يستطيع حضور جلسات المؤتمر الا بعد تلقي العلاج، وكنت كلما زرته في بيته كان يؤتى به إلى المجلس، وهو مستند إلى بعض بنيه، وكنت اعتذر له عن الزيارة الا انه كان يظهر الراحة، وكنت لا الحظ عليه اي تعب في المذكرات العلمية، والاجابة عن اسئلتي، ويسأل عن الكويت، واخر ما صدر من الكتب دون تغير عما كنت اعهده عليه سابقا.
رحم الله الشيخ بكر لقد كان منارة من منارات العلم والهدى، ورجما من رجوم الهدى، مجاهدا بقلمه عبر مؤلفاته التي تنم عن علم واسع، وعقل رائع، وقوة في الحجة، وغيره من الدين.
كانوا جمال ذي الحياة وهم
بعد الممات جمال الكتب والسير
والحمد لله رب العالمين