No Script

كتاب الشهاب في الحكم والمواعظ والآداب

تصغير
تكبير
| عرض عبدالله متولي |

نعرض اليوم لكتاب قيم من الكتب التي تصدى لتحقيقها وإصدارها مكتب الشؤون الفنية في قطاع المساجد - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت، هذا الكتاب هو بعنوان «شرح كتاب الشهاب في الحكم والمواعظ والآداب» للإمام عبدالقادر بن بدران الدومي الحنبلي - رحمه الله تعالى - وهو كتاب يعالج مسائل الأخلاق والآداب، ويشرح كثيرا من الحكم والمأثورات المفيدة، وهو من أنفع الكتب وأعظمها فائدة، لا يستغني عنه طلاب العلم، وكذلك عموم الدعاة والقائمين على وعظ الناس وتذكيرهم وارشادهم، وأوسع الشرائح انتفاعا به الأئمة والخطباء.


التعريف بكتاب الشهاب

قام الإمام القضاعي بإفراد حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالجمع، مقتصرا على الحكم والوصايا والآداب والمواعظ والأمثال: في كتاب سماه: «مُسْنَد الشهاب».

وهو كتاب لطيف، جامع لأحاديث قصيرة، حاوية لجوامع كلم المصطفى (صلى الله عليه وسلم).

وقد ساق أحاديثه كلها بالأسانيد المتصلة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، ليرجع في معرفة صحيحها من ضعيفها إليه.

ثم جرد كتابه هذا من الأسانيد، فسرد أحاديثه، مبوبة على الأبواب، مرتبة على الكلمات، من غير تقييد بحرف، تسهيلا لحفظها وتناولها، وهو الذي اشتهر فيما بعد باسم: «كتاب الشهاب».

وهو من أبرز الكتب التي عنيت عناية خاصة بجمع جوامع الكلم من حديث المصطفى (صلى الله عليه وسلم) للحافظ أبي عبدالله محمد بن سلامة القضاعي، المتوفى سنة (454هـ) - رحمه الله تعالى -، فقد انتخب جملة وافرة من أحاديثه (صلى الله عليه وسلم) ذات الكلمات القليلة والمعاني الكثيرة، حتى جاء كتابا جامعا لأصناف من العلوم والمعارف والآداب.

وقد ألف كتابه هذا أولا بالأسانيد منه الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ونوّع فيها وتفنن، وذكر الطرق المتنوعة للحديث الواحد، لكن لما رأى ذلك يطول على عامة المسلمين، قام بتجريده من الأسانيد، وسرد أحاديثه.

وقد تصدى لشرح هذا الكتاب القيم جملة من العلماء والأئمة الأعلام، منذ اشتهاره بين الناس، وحتى عصرنا الحاضر.

وكان من هؤلاء: العلامة الفقيه المحدث الشيخ عبدالقادر بن بدران - رحمه الله تعالى -، حيث عمد الى شرحه شرحا متوسطا، يفك عبارات الحديث النبوي ومفرداته، ويبين مخرجه ورواته، مع ذكر صحته من ضعفه، مازجا ذلك كله بما يتعلق بعلوم العصر ومعارفه، ومن طب وفلك ونحوهما، منبها على البدع والخرافات، والتقاليد السيئة التي شاعت بين المسلمين، وكان من أسباب شيوعها اعتماد عامة الناس على أحاديث ضعيفة أو موضوعة، فجاء كتابه هذا حافلا بالدرر، آخذا بزمام علم الأثر، مفيدا ومنقذاً للعامة، من كل بلية أو طامة، وموجها ومنبها للخاصة، في شؤونهم العامة والخاصة.


 مكانته وأهميته

حظي كتاب «الشهاب» بمكانة عالية لدى أهل العلم عامة، وأهل الحديث خاصة، ويدل على ذلك ما جاء في كلام جماعة من الأئمة في مدحه والثناء عليه:

> فقد قال الإمام الذهبي في ترجمة الإمام القدوة الحافظ أبي عبدالله محمد بن أبي نصر الحميدي صاحب «الجمع بين الصحيحين»: كان الحميدي يقصد كثيرا في رواية كتاب «الشهاب» عن مؤلفه، فقال الحميدي: «صيرني الشهاب شهابا».

> وقال الإمام ابن الاثير الجزري في كتابه «المثل السائر»: «إنك أول ما تحفظ من الأخبار هو كتاب «الشهاب» فإنه كتاب مختصر، وجميع ما فيه يستعمل، لانه يتضمن حكما وآدابا، فإذا حفظته، وتدربت باستعماله، حصل عندك قوة على التصرف والمعرفة بما يدخل في الاستعمال وما لا يدخله، وعند ذلك تتصفح كتاب «صحيح البخاري»، و«مسلم»، و«الموطأ» و«الترمذي» و«سنن أبي داود»، و«سنن النسائي» وغيرها من كتب الحديث...».


خطة الشارح وطريقته

لما كانت التخاريج والتعاليق والشروح على كتاب الشهاب قليلة التداول بين أيدي طلبة العلم، ولا يوجد منها شيء مطبوع فيتداوله الناس، فانبرى الإمام البصير الحاذق عبدالقادر بن بدران - رحمه الله -، فشرح كتاب «الشهاب» على عُسر في ذلك لعدم وجود نسخة ثانية عنده للمقابلة والتصحيح، ولغرابة تخريج أحاديثه، وتمييز درجة بعضها عن بعض.

إلا ان ذلك لم يثن عزمه، فهو القائل في مقدمة شرحه: «فقلت في نفسي: إن ذلك لا يعد مانعا، ومن جد وجد، ومن رام خدمة الحبيب، لا يصده عذل عاذل، ولا ملام».

وقد قام الامام ابن بدران - رحمه الله تعالى -، مستعينا بالله - عز وجل -، وبما يملك من دُرْبة وفهم في فنون العلم المختلفة بشرح أحاديث الكتاب، ولم يجنح الى التطويل، أو لاستقصاء الأقاويل، وكان بعيدا عن التعقيد والتكليف، فقرَّب معانيه، ولخص مراميه، وبذل الجهد في تصحيح مبانيه، فجاء شرحا لطيفا في مقصده، وهو تذليله المشرب لأهل العصر، ليمتزج بطبعهم، ويحلو لذوقهم.


 وكانت طريقته فيه

1 - البدء بذكر الحديث على حسب وروده عند مؤلفه، فيذكر رواية المصنف له في مسنده، مع تصحيح ألفاظه، والأختلاف فيها ان وجد.

2 - ذكر المخرجين الذين رووا هذا الحديث عن الصحابي نفسه، أو عن صحابي آخر وافقه في اللفظ او المعنى الذي ساقه القضاعي، معتمدا في تخريجه هذا على أصول السنة أحيانا، وفي الغالب على تخريجات الحافظ العراقي، والهيثمي، والسخاوي، والسيوطي،، والعجلوني.

3 - التعقيب على الحديث بذكر درجته صحة وضعفا، مسندا ذلك الى امام من الأئمة.

4 - ضبط ما يشكل لفظه من مفردات الحديث.

5 - تفسير وشرح غريب المفردات في الحديث، معتمدا غالبا على كتاب «النهاية في غريب الحديث» لابن الاثير.

6 - شرح الحديث على وجه الاجمال، دون تطويل أو تقصير، أو تعقيد، او اخلال بالمعنى، معتمدا على جملة من شروح الحديث، منها: كتاب «جامع العلوم والحكم» لابن رجب الحنبلي، وكتاب «فيض القدير» للمناوي، وغيرها من الشروح.

7 - أظهر الشارح رجاحة قلمه، فلم يفته في الشرح حضة في مواطن كثيرة على التمسك بالكتاب والسنة، وفهم مراميهما، والعمل بهما، مزينا شرحه على طريقة أهل الرقائق والوعظ، منبها على لطائف سياق الأحاديث عند المصنف من حيث ترتيبها، مذكرا ما تحمله من اشارات ودقائق، مسقطا الأحاديث وما تحمله على واقع الأمة الأليم الذي كان يعيشه، مرغبا في فعل الخير والتمسك به، مرهبا من الشرور والفتن وأنواع المنكرات.


 محتويات الكتاب

ويقع الكتاب الذي قام بتحقيقه وضبطه وتخريجه الشيخ نور الدين طالب، في 700 صفحة تقريبا من القطع المتوسط، وطباعة فاخرة، وغلاف يتناسب مع قدره ومكانته، وقد قام المحقق في تقسيم الكتاب الى قسمين:

> القسم الأول: قسم الدراسة، وفيه أربعة فصول:

الفصل الأول: في التعريف بكتاب الشهاب للامام القضاعي وفيه مباحث:

المبحث الأول: التعريف بكتاب الشهاب.

المبحث الثاني: مكانة الشهاب وأهميته عند أهل العلم.

المبحث الثالث: خدمة كتاب الشهاب.

المبحث الرابع: في عدد أحاديث الشهاب.

الفصل الثاني: في التعريف بكتاب «شرح الشهاب» للامام ابن بدران، وفيه مباحث:

المبحث الأول: في بيان خطة الشارح وطريقته فيه.

المبحث الثاني: المآخذ على الشرح.

المبحث الثالث: في اثبات صحة نسبة الكتاب.

الفصل الثالث: ترجمة العلامة عبدالقادر بن بدران الدومي الحنبلي رحمه الله تعالي، وفيه مباحث:

المبحث الأول: اسمه ونسبه، وولادته ونشأته.

المبحث الثاني: وظائفه وأعماله ورحلاته وصلاته.

المبحث الثالث: إجازاته.

المبحث الرابع: عقيدته ومذهبه واختياراته الفقهية.

المبحث الخامس: شعره.

المبحث السادس: مكتبته.

المبحث السابع: مؤلفاته.

المبحث الثامن: ثناء العلماء عليه.

المبحث التاسع: وفاته.

الفصل الرابع: في وصف النسخة الخطية، وبيان منهج التحقيق، وفيه مبحثان:

المبحث الأول: في وصف النسخة الخطية.

المبحث الثاني: في بيان منهج التحقيق.


 القسم الثاني: النص المحقق.

وأخيرا: الفهارس العامة للكتاب، وتحتوي على:

1 - فهرس الآيات القرآنية.

2 - فهرس الأحاديث النبوية (أحاديث المتن).

3 - فهرس الأحاديث النبوية (أحاديث الشرح).

4 - فهرس الآثار.

5 - فهرس الموضوعات.

وأخيرا فان هذا الكتاب من الكتب الشرعية النافعة للدعاة وطلبة العلم، والأئمة والخطباء، وهو اثراء واضافة للمكتبة الاسلامية. فجزى الله جميع من ساهموا في اصداره كل خير.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي