د. وائل الحساوي / نسمات / إن لم تكن تلك مؤامرة... فلا أدري ما تكون !

تصغير
تكبير
عندما أشاهد الملايين المحتشدة في مصر لتأييد الرئيس مرسي يقابلها الملايين من المعارضين لعودته، أزداد يقينا بالمؤامرة المحبوكة في الغرب لتمزيق العالم الإسلامي وإشغاله بنفسه. إنها خطة صهيونية ماكرة نسجها الأعداء وأخرجوها لنا بسيناريو عجيب، وابتلعناها من دون وعي.

في هذا السيناريو الذي نعيشه اليوم اخترعوا لنا فزاعة اسمها الخوف من الإخوان المسلمين ثم حركوا أطرافاً متباعدة متناقضة في مصر ونفخوا فيها لكي يتحقق التخلص من الإخوان على أيديها.

بعدها استغلوا عاطفة الشعب المصري الطيب البسيط لكي ينزلوه إلى الشارع في مباراة اسمها «الحشد المليوني» و«الحشد المضاد» وهي بدعة لم تعهدها الشعوب في العالم، وأصبحنا نشاهد بالصوت والصورة تحدياً بين فريقين لتحقيق ما عجزت عنه صناديق الاقتراع.

وقد تطلب المشهد الدراماتيكي بعض مشاهد إسالة الدماء والخطب الرنانة وانتظار ما ستسفر عنه هذه التمثيلية.

لقد تابعت بدقة ردات الفعل الأميركية - الأوروبية على ما يجري في مصر وتصريحات المسؤولين فتأكدت بأنها هي من يحرك الأوضاع الى هذا المنحنى الخطير، بل إن قيادات الكونغرس الأميركي قد صرحت بأنها تؤيد الانقلاب على الشرعية في مصر وأن صناديق الاقتراع لا تدل على الشرعية الحقيقية، وأن وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم هو الخطر الحقيقي!!

وللأسف بأن دول الخليج إما أنها مخدوعة بهذا السيناريو الذي أخرجه الغرب لنا أو أنها مأمورة بتنفيذه دون اعتراض، وقد دفعت بالمليارات من الدولارات لدعم حكم العسكر بعد أن تم الانقلاب بل وحشدت وسائل إعلامها لتبرير الانقلاب وما علمت بأن ما يدفعه الشعب المصري بسبب تلك الحشود والحشود المضادة خلال سنتين ونصف السنة مضتا يفوق أضعاف أضعاف تلك المساعدات، فالحياة في مصر قد تعطلت بالكامل والاقتصاد قد انهار والعداوات بين الشعب المصري قد تجذرت الى درجة رهيبة يصعب علاجها، ولكن ذلك كان جزءاً من الخطة المرسومة!!

لقد تحقق لهؤلاء «سادة العالم» النجاح في كثير من المواطن خلال سنوات قصيرة واستطاعوا تمزيق الدول العربية، ونحن لا نتحدث عن اتفاقية «سايكس بيكو» الواضحة التي مزقوا بها الدولة العثمانية الى دويلات متصارعة ممزقة استطاعوا هضمها بسهولة، ولكنهم جاءوا حديثاً الى السودان وأشعلوا فيه حرباً ضروساً بين المسلمين والنصارى، وشاهدنا الدعم اللا محدود للجنوب السوداني من الغرب الى أن استطاعوا تمزيق السودان الى دولتين متصارعتين (لا يزيد عدد النصارى في السودان على مليوني نسمة).

ثم أعادوا السيناريو في الجزائر، وقد تحدثت بإسهاب عن إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية عام 92 وإشعال الحرب الأهلية التي استمرت عشرة أعوام وحصدت 200 ألف من الأرواح، بعدها جاءوا الى الكيان الفلسطيني عام 1996 وسمحوا بانتخابات حرة فيه، وعندما فازت حركة حماس المحسوبة على الإخوان المسلمين حرّضوا أتباع منظمة فتح على المجلس التشريعي تحكمه حماس إلى أن وقع انفصال غزة عن الضفة الغربية، وما زال التآمر على كلا الكيانين الممزقين.

ثم جاءوا الى العراق بعد أن احتلوه عام 2003 ليسرحوا جيشه الذي كان من أقوى الجيوش العربية ويسلموا العراق لإيران ثم ليخلقوا الصراع الداخلي فيه والذي لا يبدو بأن له نهاية!!

وعندما طمع الشعب السوري المضطهد في التخلص من الديكتاتورية التي جثمت على صدره أكثر من أربعة عقود تفنن الغرب في دعم النظام السوري ضد شعبه فقد سمحوا لروسيا وإيران بأن تلعبا الدور الأكبر في التدخل وقمع المعارضة وتسليح النظام بينما رفضوا إمداد المعارضة بأبسط أنواع السلاح لكي يضمنوا التدمير الكامل لسورية قبل أن يسلموها ميتة لأهلها مثلما فعلوا سابقاً في البوسنة والهرسك.

الحديث طويل ولا يسع المجال للاستطراد، ولكني أرى أمامي خارطة طريق صهيونية محكمة قد وضعها فنانون ورسامون وأتقنوا حبكها، ومازالت فصولها لم تكتمل.

عسى الله تعالى أن يلطف بهذه الأمة وأن يخلصها من أعدائها ويعيد إليها وحدتها!!



د. وائل الحساوي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي