مسلسل «الملك فاروق» أثار جدلا تغذيه دوافع سياسية: هل كان فاسداً... أم تم إنصافه «درامياً»... بعد ظلمه «تاريخياً»؟
| القاهرة - «الراي» |
في الوقت الذي اتفق فيه الشارع العربي على جودة مسلسل «الملك فاروق» إنــــتاجا وتأليــــفا وإخـــراجا وتمثيلا، وتصنيفه ضمن أفضل المسلسلات التي عرضت في شهر رمضان المنقضي، انقسم فيه مثقــــفون وصــــحافيون حــــول المسلسل، وتضاربت وجهات نظرهم، وهو انقسام تغذيه دوافع سياسية بحتة، قد تتوه وسطها الحقيقة الصائبة.
الكاتب الصحافي ورئيس تحرير مجلة «الإذاعة والتليفزيون» الأسبوعية ياسر رزق.، اتهم فيه صناع المسلسل بالتزييف والكذب والادعاء، مؤكدا أن السيناريو جاء مليئا بالخطايا والكبائر في حق تاريخ مصر، كما أنه قلل من شأن مؤلفة «الملك فاروق» الدكتورة لميس جابر بقوله: إن كل علاقة تلك المؤلفة بالدراما أنها زوجة الفنان يحيى الفخراني.
وأردف: لا أبرئ الفضائية المنتجة للمسلسل من محاولة الإساءة إلى ثورة يوليو، الذي سعى لسلب سند قيام الثورة ومشروعيتها، عندما رسم صورة غير واقعــــية للمـــلك فاروق، مغايرة للوقائع التاريخية الثابتة، وأظهره في صورة ضحية، بينما هو عاهر مقامر مريض بالسرقة، وجاهل لم يكمل تعليمه، وحاكم فاسد من أسرة ألبانية، استولت على حكم مصر.
والغريب أن الكاتب ثمن سلوك الأجهزة المسؤولة في مصر، لأنها رفضت السماح للجهة المنتجة بتصوير أحداث المسلسل في القصور الرسمية، حتى لا تكتسب أحداثه المزيفة أي حصانة تاريخية أو مصداقية في عيون الناس.
على الجانب الآخر من النهر.. هلل حزب الوفد المعارض الليبرالي والمناهض للحزب الوطني الحاكم في مصر للمسلسل ووصفه بأنه «محاولة جادة لأنسنة التاريخ، وفهمه برؤية أكثر نضوجا».
وكتب الدكتور طارق علي حسن.. مقالا طويلا في صحيفة «الوفد» اليومية - أثنى فيه على المسلسل واعتبره محاولة جادة ومدروسة تتناول حقبة منسية ومضببة من تاريخ مصر المعاصر، بطريقة فنية علمية رائعة، تحترم المشاهد، وتحترم الوقائع والوثائق، وتبحث دراميا عن الحقيقة، متخطية غسيل المخ والتشويه المتعمد.
متابعا: كان المسلسل محاولة جادة لأنسنة التاريخ وفهمه من خلال رؤية أكثر نضوجا، من مجرد أشرار لا يفعلون إلا الشر، وأخيار منزهين، لا يجوز مجرد التفكير أو التحليل لأفعالهم ودوافعهم البشرية، لا يفعلون إلا الخير المطلق.
وأضاف الكاتب الوفدي: قدم الملك فاروق لمحات تاريخية صادقة مدروسة بعناية، وموضوعة في قالب فني بديع ومشوق لحقبة حيوية ومؤثرة في تاريخنا.
وفي الوقت الذي سخر ياسر رزق من المؤلفة قال الدكتور طارق: لابد من تقديم الشكر للمؤلفة لميس جابر وكل من شارك في صناعة هذا المسلسل.
ولأن كلا يغني على ليلاه.. بدا الكاتب سعيدا، لأن المسلسل يفتح البصيرة على قدر الظلم والعدوان الذي تعرض له الزعيم الوفدي «مصطفى النحاس» والوفد.
واختتم الكاتب الوفدي المنبهر بالمسلسل مقاله بأمنية سياسية لها مغزاها ودلالتها حيث قال: ليلهمنا الله جميعا سبل البناء والإصلاح وإعادة اكتشاف الشعب لثقته بنفسه، ودوره الحيوي في التأثير الآمن في ظل دستور متطور، على صنع القرار وعلى مجريات الأمو.
المثير أن نائبا في البرلمان بعث رسالة إلى وزير الإعلام المصري أنس الفقي، أعلن فيها احتجاجه على عدم إذاعة مسلسل «الملك فاروق» أرضيا بالتليفزيون المصري، واستنكر رفض المختصين تصوير حلقات المسلسل في مواقعها الحقيقية.
وقال: كان يجب على التليفزيون المصري إنتاج المسلسل والاهتمام به باعتباره عملا قوميا.