هل تعرف أو صادفت أو لديك معوّق؟
ما شاء الله، الكل يعرف من هو المعوّق و ما هي مطالب المعوّق و ما الصعوبات التي تواجه المعوّق...
ومع هذا الكل... يحترم المعوّق... ويتغذى على حقوق المعوق.
إذاً لن أتكلم عن المعوّق، ولكن سنتكلم عن والدة ووالد المعوّق...
عن إخوان وأخوات المعوّق.
أي باختصار عن أهل المعوّق المقربين منه.
المعوّق إنسان حساس جداً ويحمل في داخله أحاسيس... كلمة مرهفة لا تعطيها حقها أبداً.
أما أم المعوّق، فهي... تصّور لا أستطيع أن أصفها وأعطيها حقها... ولكن أعلم أن الأم تعشق ابنها المعوّق أو ابنتها المعوّقة أكثر من زوجها وبقية أولادها وأكثر من نفسها.
إذاً استمع إلى أم جاسم وهي تحكي قصة ابنها جاسم.
كان شهر رمضان قد انتصف... وشهر رمضان له كل الحب والتقدير في جميع الدول الإسلامية، وحتى الجاليات التي تعيش وتعمل في الدول غير الإسلامية تجدهم يقدسون هذا الشهر، وأهل الدول التي هم بها يعينونهم على هذا التقديس ولا يمنعونهم أو يعيقونهم من أداء واجباتهم لهذا الشهر الجليل.
يعينونهم ويعاملونهم كما نعامل نحن الجاليات غير الإسلامية في أوطاننا!
يسمحون لهم ببناء دور العبادة كما نحن بكل سماحة وطيبة نسمح لهم ببناء دور العبادة الخاصة بهم!
قالت أم جاسم في تلك الليلة وبعد أذان المغرب والفطور الجميل المحتوي على أكثر من طبق رئيسي وأطباق غير رئيسية: «طلب مني ابني جاسم الإذن بالذهاب إلى المسجد لصلاة العشاء والتراويح...
لم أرغب في منعه، ولكن اشترطت عليه أن يذهب معه أخوه سالم لكي يساعده إن احتاج»...
جاسم مصاب بمرض غريب يؤدي إلى ضعف شديد بعضلات الساقين والقدمين، ما يؤدي إلى صعوبة جداً في المشي، ولكن عضلات اليدين والأكتاف ليس بها أي ضعف يذكر... وكذلك ليس له تأثير كبير على التفكير الصحيح وتقييم الأمور.
طلبت أم جاسم من ابنيها جاسم وسالم الذهاب مبكراً للصلاة، لأنها على علم بالمصاعب التي قد تواجههما بسبب إعاقة جاسم واحتياجه إلى الكرسي المتحرك.
بالفعل، لم يجدا أي صعوبة تذكر عند وصولهما المسجد مبكراً، سوى أن أهل المنازل القريبة من المسجد قد أوقفوا سياراتهم في مواقف المعوّقين وغير المعوّقين، لأن من بنى هذه المنازل اعتبرها أرضاً استثمارية، وقام ببناء العديد من الشقق على أساس أن مواقف المسجد هي مواقف لشققه.
وحتى الساحة المحيطة بالمسجد، استُغِلّت من أهل المنطقة لإقامة خيمة عليها لمشروع إفطار الصائم.
استطاع سالم أن يساعد أخاه في الدخول إلى «حوش» المسجد، وبعدها تولى جاسم قيادة كرسيه المتحرك بكل سهولة ويسر للصعود إلى داخل المسجد.
بعد صلاة العشاء، وقبل التراويح، احتاج جاسم أن يذهب إلى الحمام أعزكم الله.
سمح له أخوه سالم بالذهاب، فقد كان على يقين من استطاعة جاسم الذهاب لوحده.
بعد دقائق معدودة، سمع كل من في المسجد صوتاً عالياً جداً وأصوات صراخ وارتطام بالأرض ومن بعدها بكاء شديداً.
قام كل من في المسجد لمعرفة سبب هذا البكاء الذي جاء بعد الصراخ؟!
كان جاسم ساقطاً على الأرض أسفل السلالم... والكرسي المتحرك فوقه...
سقط جاسم لأن من أتى بعدهما لم يحترم أي شيء!
معظم من دخل المسجد بعدهما لم يقم بوضع نعاله أو حذائه في المكان المخصص لذلك.
ولكن معظم المصلين وضعوا أحذيتهم في الطريق... وليسقط من يسقط، المهم أنهم تركوها خارج المسجد ولم يدخلوا بها المسجد.
تم أخذ جاسم إلى المستشفى وهو يعاني من كسور متفرقة الآن، وأمه تعاني من كل شيء (وضع مبك بحق لا يعرفه إلا من جرّبه وعايشه)!
جاسم معوّق وعظامه مكسورة... أي مأساة تعيشها أم جاسم وأصحاب النعل يضحكون؟!
ضاعت بهجة رمضان وضاع العيد وبهجته بسبب نعال وأحذية لم يحـــــترم أصحابها الــــذوق العــصام وأخلاق الإسلام... وغير الإسلام.
بلد لا يستطيع ان يمنع أو يطوّر أو قل ما شئت... لا يستطيع أن يقنع المصلين بوضع أحذيتهم ونعالهم في المكان الصحيح رغم وجود المكان المخصص لذلك... ومع هذا يطالب برئيس وزراء شعبي وديموقراطية.
يا شعب هذا البلد الجميل... الأخبار تقول إنكم إذا وضعتم أحذيتكم ونعالكم في المكان الصحيح... فإنكم مباشرة ستحصلون على رئيس وزراء شعبي من دون أي مظاهرات أو مسيرات.
يا شعب هذا البلد الجميل، إذا وضعتم أحذيتكم في المكان الصحيح، فلن يُحلّ مجلس الأمة أبداً أبداً أبداً... وسيكمل كل مجلس مدته القانونية.
يا شعب هذا البلد الجميل، إذا وضعتم أحذيتكم ونعالكم في المكان المخصص لها، فستطبق الشفافية.
«عرفتوا وين المشكلة الحين؟... السالفة سالفة نعل وبس... وبعدها كل أمورنا ستحل».