بين هجر القارئ وهجوم التكنولوجيا لفظت مجلدات الأدب أنفاسها الأخيرة

«دواوين العرب»... على أرفف النسيان!

تصغير
تكبير
| كتب علي التركي |

بين هجر القارئ وهجوم التكنولوجيا لفظت مؤلفات «هيغو وهمنغواي» انفاسها الأخيرة وكفنت أرفف النسيان دواوين العرب فلا معلقات «الصعاليك» أثارت مشاعر الأجيال ولا خيل «المتنبي» أيقظت المكتبات من السبات.

وبين أبراج الاتصالات الشامخة فوق الصروح وبين بيوت العنكبوت الممتدة الشبكات في الطرقات نام الذي كان «خير جليس في الانام» وتوقفت رحلة البحث عن المغترب... وأطفأت الشموع أضواءها معلنة ختام النزول.. فما من ثمة هائم بتلك المشاهد ولا عاشق تستهويه تلك «الأضرحة».

المكتبات العامة في الكويت هي الوجه الحضاري للكويت ورمز عنوانها الثقافي الذي تفاخر فيه في كل المحافل فمن حولها الى صروح صامتة تخلو من الزوار ومن خلفها واقفة في موقف العليل المسجى تنتظر ساعة الخلاص التي لا تحين؟

«الراي» تفقدت مكتبة الجهراء العامة ميدانياً وبحثت مع مسؤوليها أسباب عزوف الأجيال عن القراءة وما دور التكنولوجيا الحديثة في هجر الكتاب الورقي وتصفحه الكترونياً عبر شبكات الانترنت.

بداية أكد أمين مكتبة الجهراء العامة فارس الهاملي ان «المكتبة تستقبل روادها على فترتين صباحية ومسائية تبدأ منذ الساعة الثامنة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً ثم من الرابعة عصراً الى التاسعة مساءً بواقع 3 أيام للبنين و3 للبنات».

وبين ان «رواد المكتبة لا يتجاوزون الـ8 أشخاص في اليوم الواحد يرتادونها في مختلف الأوقات وجميعهم من طلبة المدارس والمعاهد التطبيقية والجامعات باستثناء قلة منهم دفعهم شغف الاطلاع الى قراءة الكتب والبحث في أعماق التاريخ»، لافتاً في الوقت نفسه الى ان قراء الجهراء عرفوا بميولهم الأدبية والشعرية لذلك نجدهم دائم البحث عن كتب الشعر والأدب لمختلف الشعراء والأدباء.

وأوضح الهاملي ان الكتب متنوعة وعامة في المكتبة تشمل جميع المجالات ولا تقتصر على توجه معين فيما أشار الى وجود بعض الكتب الممنوعة التي عادة ما تقع تحت الاطار الديني والتوجه المذهبي، مبيناً في الوقت نفسه الى ان وزارة الاعلام تقوم أحياناً بسحب بعض الكتب ومعظمها من الكتب العلمية القديمة التي بحاجة الى تحديث الأمر الذي يدفعها الى استبدالها باصدارات حديثة مزودة بمعلومات دقيقة تواكب التغييرات الحالية التي تطرأ على الجانب العلمي.

وذكر ان «سبب كثرة سحب الكتب من المكتبة خلال الفترة السابقة يرجع الى ان توريد الكتب كان يتم في السابق عن طريق الشراء المباشر الا انه في الوقت الحالي يتم عن طريق وزارة التربية التي تقوم بتدقيق وتفتيش ورقابة قبل شراء أي اصدارات».

وقال ان «الوزارة تمنع توريد الكتب التي تدعو الى الطائفية والمذهبية وتقوم برقابة مشددة على هذا الجانب في شتى المجالات سواء التاريخية أو الدينية» مبيناً «عدم ورود أي كتب الى المكتبة من هذا النوع».

وبين ان «جميع الكتب ترد الى المكتبة بعد فحص دقيق تجريه ادارة المكتبات العامة في وزارة التربية التي تزود المكتبة بجميع الاصدارات الحديثة أولاً بأول»، مبيناً ان «المكتبة لا تطلب عينات بعينها من الكتب ولكن تقوم الوزارة بتزويد المكتبة تلقائياً بأي اصدارات لديها».

وتطرق الهاملي الى الوسائل الالكترونية ودورها في عزوف الشباب عن القراءة قائلاً «أثرت التكنولوجيا كثيراً على طلب الكتب الورقية مقارنة في السابق»، موضحاً ان الأجهزة المتوافرة في المكتبة هي الحواسيب فقط فيما أشار الى شروط الاستعارة التي تمتد لأسبوعين وتتطلب تأمينا ماليا للمستعير تعتمد قيمته على أهمية الكتاب المستعار.

وفضل الهاملي نقل الاشراف في المكتبات العامة الى وزارة الاعلام فهي الجهة المنوط بها ذلك وفق قوله - وقال انه وكثيرا من زملائه يرغبون بالنقل من وزارة التربية الى الاعلام حال نقل المكتبات العامة اليها وذلك لعدم وجود تخصص في الوزارة يلائم تخصصه.

ولفت الى آلية تنظيم الزيارات المدرسية الى المكتبة موضح « ان آخر زيارة مدرسية كانت قبل أسبوعين وهي مستمرة من قبل جميع مدارس الجهراء».

وأشار الى وجود كتب مهمة في المكتبة من ضمنها كتب قديمة ونادرة غالبيتها أدبية تعود سنوات اصدارها الى عام 1970 اضافة الى كتب شعرية و تاريخية تتضمن نشأة الكويت وتاريخها ومن أهمها كتاب نادر للمؤرخ الكويتي عبد العزيز الرشيد.

وعن اقبال الأطفال على المكتبة قال انهم نادراً ما يأتون مع أولياء أمورهم رغم توافر العديد من الاصدارات الخاصة بهم مؤكداً ان مكتبة الجهراء على أتم الاستعداد لاستقبال مختلف الأطياف والفئات والأعمار من الشباب وغيرهم لقضاء وقت ثقافي هادئ وهادف يتم خلاله الاستغلال الأمثل لوقت الفراغ الذي يؤرق معظم الشباب في العطلة الصيفية.





سوء تنظيم



انتقد أحد رواد المكتبة التنظيم غير الدقيق للكتب وعدم توافر بعض الكتب الأخرى ومنها دواوين المتنبي مبيناً انه يقوم ببحث دراسي أخذ من وقته ساعتين كاملتين في البحث مبيناً ان المشكلة تكمن في ترتيب الكتب وسوء تصرف بعض رواد المكتبة الذين لا يكترثون باسترجاع الكتاب الى مكانه الأصلي بعد قراءته.





جرد شهري



أكد الهاملي ان تصنيف الكتب يتم وفق أرقام يحددها العاملون في المكتبة الذين دائماً ما يدعون الى ترك الكتاب على الطاولة ليقوموا باعادته الى مكانه الأصلي مبيناً ان الادارة تقوم شهرياً باعادة ترتيب للكتب تحفظ النظام القائم في المكتبة وتسهل عملية البحث على القارئ.





«البؤساء»



ذكرت الأختان أفراح وشيماء ابراهيم انهما يرتادان المكتبة باستمرار فتارة بدافع القراءة والرغبة في المعرفة والاطلاع وطوراً لاعداد البحوث الدراسية وأشارتا الى ان غالبية الكتب قديمة والمجلدات لا تشجع على القراءة بشغف فيما أكدتا توافر الكثير من الاصدارات النادرة خاصة الأدبية وأبرزها رائعة البؤساء للأديب الفرنسي فيكتور هيغو.



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي