أنا متيقن بأن حكم المحكمة الدستورية بالأمس قد أسعد غالبية الشعب الكويتي، فهو قد أنهى الجدل حول أحقية أمير البلاد بإصدار مرسوم الضرورة المتعلق بالصوت الواحد، وبين بأن ذلك من صلاحياته التقديرية، ولو تفكرنا بتجرد في ذلك المرسوم لوجدنا بأنه الأصلح للكويت حيث انه يعطي المواطن العادي المجال للاختيار دون أن يخضع لتلك الحسبة المعقدة التي تفرضها التكتلات والقبائل والأحزاب، وتكسر احتكار الأصوات التي كانت الأصوات الأربعة تفرضها.
صحيح ان هذا النظام الانتخابي ليس الأفضل وأن هنالك مواطن خلل كبيرة في توزيع الدوائر الانتخابية وتوزيع الناخبين، لكن لا شك ان ذلك التعديل يساهم في إعادة التوازن النسبي.
قد يقول قائل إن ذلك التعديل لا بأس به ولكن كان من المفترض ان تقوم به السلطة التشريعية لا أمير البلاد، وهذا كلام مردود عليه إذ ان الدستور قد أعطى الأمير سلطة تقديرية لإصدار مراسيم الضرورة بحسب قرار المحكمة، والأمر الآخر هو ان السلطة التشريعية في وضعها الحالي لا يمكن ان تبادر الى إصلاح الخلل لأنه سيمسها مباشرة، ومن طبيعة الإنسان أنه لا يرضى بالتخلي عن صلاحياته تطوعيا، كما ان مخرجات المجالس السابقة قد أوصلت الناس الى مرحلة اليأس من الإصلاح وشككتهم في جدوى المشاركة في الانتخابات والأسوأ من ذلك هو ان بعض مخرجات المجالس السابقة قد أخذهم الغرور والزهو بأنفسهم لدرجة أنهم ظنوا بأنهم يديرون مفاتيح البلد ويعينون المسؤولين ويسقطون من يشاءون، لذا فإن هذا التغيير في الخارطة الانتخابية قد أصابهم في مقتل وبين لهم حجمهم الحقيقي.
أما الحكم الآخر للمحكمة بإبطال مجلس 2012 فهو كذلك أمر مفرح لأسباب عدة أولها اننا لم نستطع ان نبلع ذلك المجلس بالرغم من إنجازاته التشريعية ذلك ان غالبية الكفاءات الكويتية قد اختفت منه وجاء كثير من المراهقين السياسيين مكانهم، والأمر الآخر هو اننا رأينا في المجلس مجموعة من المطلوبين في قضايا جنائية، ومجموعة من الذين أشارت اليهم الأصابع بأنهم من القبيضة ومن سراق المال العام، وفيه من رفعته الصدفة الى هذا المكان وهو لا يصلح حتى لبيع البطاطس!!
بالطبع فقد كان فيه بعض الكفاءات التي أبلت بلاء حسنا ونشكر لهم جهودهم المبذولة وإنجازاتهم.
ان الذين قرروا سلفا بأنهم لن يقبلوا حكم المحكمة الدستورية بالصوت الواحد قد حكموا على أنفسهم بالإعدام وسيجدون بأن الجماهير قد تخطتهم وداستهم وأن مستقبل البلد لن يتوقف بانتظارهم، وقد صرح المحامي محمد عبد القادر الجاسم بأن كتلة الغالبية قد ارتكبت أخطاء جسيمة دمرت الحراك، وأردف: «عندنا تنسيقية وائتلاف وأغلبية وقوى شبابية ولا توجد قيادة ولا توجد نظرية للمعارضة ولا فلسفة لها!!».
نتمنى على عقلاء المعارضة ان يعيدوا النظر في قرار المقاطعة وأن يعلموا بأنهم هم من سيخسر، فالشعب لن يدخل معهم في نظرية المؤامرة المستمرة التي طالت رموز البلد ثم تحولت الى قضائه وارتدت الى تجمعاته وأفراده!!
د. وائل الحساوي
[email protected]