د. وائل الحساوي / نسمات / الرأي قبل شجاعة الشجعان

تصغير
تكبير
«أبوالحسن المأربي» من كبار علماء اليمن وقد عاصر الثورة اليمنية منذ بدايتها وكان له دور فاعل في الأحداث، سألناه عن رأيه في المظاهرات التي تجري في بلدان الربيع العربي والضغوط التي تمارسها جماعات المعارضة لإصلاح الأوضاع في بلادها فأجاب بأن تلك الأمور ليس لها حكم واحد، ففي العراق على سبيل المثال فإن أهل السنة قد وجدوا أنفسهم أمام حكم ديكتاتوري يتلبس بلباس الديموقراطية ثم يرتكب المجازر بحق المدنيين الأبرياء، لذا فمن الخطأ أن ننفي بأن ما يفعله أهل العراق من مظاهرات وتجمهر ضد النظام غير مبرر!!

أما بالنسبة لدولكم - والكلام مازال للمأربي - فإنكم تستمتعون بأنظمة مستقرة ومتجاوبة لمطالبكم وتحرص على مصلحة البلد، لذا فإن إثارة القلاقل وتحدي الأنظمة وتسيير المظاهرات والتأليب على الأنظمة هو من أكبر الأخطاء التي يرتكبها البعض وقد تؤدي الى عكس ما يريدون ويهدفون إليه ثم أخذ الشيخ المأربي يصف حجم المآسي التي يعيشها اليمن بعد ثورة الربيع العربي فيه وانعدام الأمن وازدياد الفقر، وتدخل الدول الخارجية لتحقيق أهدافها الخبيثة في اليمن.

قبل يومين زارنا صديق من ليبيا عاش مراحل الثورة ضد القذافي وعاش مرحلة الإعمار والبناء والتي وصفها بأنها من أشد المراحل صعوبة، وانتشار الفوضى والميليشيات المسلحة ودعوات الانفصال، ثم وجه الدكتور الليبي نصيحته الى أهل الكويت بألا ينجرفوا وراء شعارات المعارضة التي تسعى الى تأجيج الشارع وتقويض النظام، فأنتم محسودون لأنكم تتمتعون بأفضل نظام يحب شعبه ويحبه شعبه، ومهما يكن لديكم من خلل وتقصير لكن يجب أن تحافظوا على هذا النظام وتدعموه وتبذلوا له النصيحة لقد ضربت مثلين بأشخاص عاشوا ما يسمى بالربيع العربي وذاقوا مرارته وها هم اليوم يحذروننا من الانجراف وراء الفوضى وتقويض النظام بحجة إصلاح مواطن الخلل فيه.

قد لا نلوم الشباب الصغير إذا ما شعر بالحماس والرغبة بالإصلاح والتغيير إذا ما كان قياسه لما تؤول له الأمور خاطئاً أو انه اعتقد بأن تقليد ما يفعله الآخرون في البلدان الأخرى هو السبيل الوحيد للتغيير، ولكن لا شك بأننا نلوم قيادات المعارضة ومفكريها إذا رأيناهم يتصرفون بتلك الطريقة الصبيانية في محاولة التغيير!!

بل والأسوأ من كل ذلك هو أن ترى المعارضة التي كانت تمثل المرتكز الأساسي لمقومات البلد تتحول الى الشتم والطعن والتخوين لكل من يخالفها الرأي، والمدح لكل ساقط بمجرد أنه وافقها الرأي!! يقول المتنبي:

الرأي قبل شجاعة الشجعان

هو أول وهي المحل الثاني

فإذا هما اجتمعا لنفس مرةٍ

بلغت من العلياء كلّ مكان

ولربما طعن الفتى أقرانه

بالرأي قبل تطاعن الأقران

لولا العقول لكان أدنى ضيغم

أدنى الى شرفٍ من الإنسان

ولما تفاضلت النفوس ودبرت

أيدي الكماة عوالي المران



د. وائل الحساوي

wael_al_hasawi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي