تحليل / «انهيار اقتصادي تام» أو «انقلاب عسكري»... العاملان المحتملان لسقوط الأسد
«الحرب الأهلية» في سورية قد تستمر سنوات
بيروت - رويترز - لم يعد الرئيس السوري بشار الاسد قادرا على استعادة السيطرة الكاملة على بلده المنكوب ولا يتمتع معارضوه بالقوة الكافية للاطاحة به مما قد يبقي سورية في اتون حرب أهلية طائفية لاشهر وربما لسنوات.
وحقق الاسد بعض الانتصارات العسكرية في الاسابيع الماضية بدعم من حلفائه الايرانيين والروس متحديا الكثير من معارضيه الذين توقعوا يقينا اقتراب سقوطه منذ اندلاع الانتفاضة في مارس 2011.
غير أن الاراء القائلة بأن حكومته قد تلحق الهزيمة التامة بمعارضيها المختلفين يعكس عدم فهم أصحابها لطبيعة الحرب أو الاعداد الكبيرة للقوات المشاركة فيها.
وقال بيتر هارلينغ، وهو مدير مشروع في مجموعة الازمات الدولية «في ضوء الوضع الراهن لا يستطيع النظام استعادة السيطرة ولا المصالحة ولا الاصلاح ولا اعادة البناء.
لكن الفوز يتمثل في البقاء على قيد الحياة ليوم اخر واذا فكرت بهذا المنطق ستجد أنه (الاسد) كذلك».
وفي ديسمبر، صرحت وكالة الاستخبارات الخارجية الالمانية بأن حكومة الاسد تبدو «في مراحلها الاخيرة»، مستشهدة بما فقدته من سيطرة على مساحات شاسعة من الاراضي واشارات تعكس تنسيق مقاتلي المعارضة فيما بينهم في شكل أفضل.
وأفاد مصدر أمني في برلين ان وكالة الاستخبارات لم تلبث سوى خمسة أشهر حتى غيرت تقييمها للوضع في سورية.
وتعتقد ألمانيا الان أن المعارضة هي التي تواجه صعوبات خطيرة اذ تعيقها الصراعات الداخلية واضطرت الى التراجع بعد وصول مسلحي «حزب الله» المدربين تدريبا عاليا والذين شاركوا في الحرب من أجل بقاء الاسد.
ورغم ذلك، نفى مسؤول رفيع المستوى في اسرائيل الفكرة القائلة بأن الاسد بدأ عملية كبيرة لاسترداد سلطانه وأن بامكانه استعادة السيطرة الكاملة على بلاده. وتتميز اسرائيل بأن لديها بعضا من أفضل معلومات الاستخبارات في شأن سورية.
وقال المسؤول الرفيع المستوى «انه وضع متقلب ولكن بمضي الوقت تجد أن قوة الاسد تتضاءل» مضيفا أن المكاسب التي حققتها الحكومة في الاونة الاخيرة قد يصعب المحافظة عليها. وتابع: «من الممكن أن تتغير جميع الامور في الغد».
ويظهر التاريخ أن معظم الحروب الاهلية لا تنتهي سريعا ولا يغلب عليها الانتهاء بالتوصل الى تسويات عن طريق التفاوض وكلما طال أمدها ازدادت صعوبة نزع سلاح الميليشيات المشاركة فيها وحل أزمات اللاجئين الحتمية التي تستتبعها.
ودخلت الازمة السورية الان عامها الثالث حيث أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 80 ألف شخص ونزوح ما يربو على 6ر1 مليون اخرين الى الخارج.
ورغم القلق الكبير الذي يساور الغرب يبدو أن أعمال العنف واراقة الدماء ستستمر لفترة أطول. وتقول باربرا والتر، الاستاذة في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ان الحروب الاهلية التي دارت منذ عام 1945 استمرت عشر سنوات في المتوسط.
وبدأ بعض المحللين في المقارنة بين الحرب السورية والحرب الاهلية في لبنان التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
ورأت والتر التي كتبت كثيرا عن الحروب الاهلية في العالم «نعم ستستمر الحرب السورية لسنوات عدة... ولن ينتصر الاسد».
وفي ظاهر الامر، يبدو موقف الاسد مشجعا لحلفائه.
فمقاتلو المعارضة لم يتمكنوا الا من السيطرة على واحدة فقط من عواصم المحافظات الاربع عشرة في سورية، وهي مدينة الرقة في شمال شرقي البلاد. وعلى عكس ذلك، فقد صدام حسين السيطرة على 15 من بين 18 محافظة بعد حرب الخليج عام 1991 لكنه عاود القتال من أجل البقاء 12 عاما أخرى.
واستخدمت قوات الاسد أساليبها التكتيكية حيث تشارك الميليشيات غير النظامية المدربة على حرب المدن في القتال بينما يركز الجيش قوته العسكرية الكبيرة في المناطق الرئيسية.
وقال أحد مقاتلي المعارضة في مدينة حمص طلب عدم ذكر اسمه «قبل ذلك كان هناك صاروخ يسقط كل عشر دقائق. لكن استراتيجيتهم الجديدة تتمثل في ضربنا بعشرة صواريخ كل 15 ثانية. لا نستطيع التحرك سريعا بالقدر الكافي للرد».
وثمة دعم اخر كبير من «حزب الله» الذي أعلن التزام قواته بمحاربة مقاتلي المعارضة الذين يفتقرون الى الاسلحة الثقيلة.
وأعلن ناشط معارض للاسد يدعى «أحمد» وكان يعمل مع وحدة تابعة لمقاتلي المعارضة في ادلب شمال غربي سورية «أحدث وجود حزب الله فارقا كبيرا. انهم قوة حقيقية. فجنود الجيش يمكن أن ينشقوا. وحزب الله يقاتل حتى اخر نفس».
وفي خطوة تسلط الضوء على مشكلات المعارضة، ترك «أحمد» وحدته أخيرا بسبب استيائه من القتال الداخلي المستمر داخل صفوف المعارضة.
ورغم تحسن التوقعات بخصوص الاسد تجعل اليات الحرب الاهلية من الصعب تحديد الطرف القادر على الانتصار.
وقال جوناثان ايال، رئيس قسم الدراسات الدولية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة «لا أذكر حربا أهلية واحدة استمرت أكثر من عامين وانتهت باستعادة الحكومة المركزية سيطرتها الكاملة».
وتظهر أنماط جديدة من القوة في وقت تتمزق فيها أوصال سورية وتنهار مؤسسات الدولة واقتصادها. ويشير التدفق الهائل للاسلحة أن الامر قد يستغرق عقودا لاستعادة النظام.
ويرجح أن تكون الطبيعة الاقليمية والعرقية والطائفية للحرب عاملا اخر يساهم في اذكاء القتال حيث تساند دول سنية مثل تركيا والسعودية وقطر المعارضة المسلحة بينما تدعم ايران الشيعية الاسد. وقال ايال: «حتى وان تم القضاء على المعارضة فان التخلي عنها لن يصب في مصلحة معظم الدول العربية لانها تريد أن يكون لديها أداة لتواصل الضغط على الاسد وايران».
وهناك كثير من المصالح الاخرى المتعارضة تجعل من الصعب توقع كيفية ايجاد حل دبلوماسي رغم الجهود الامريكية والروسية الرامية لعقد مؤتمر سلام في جنيف خلال الاسابيع المقبلة. وتحولت الانتفاضة الشعبية الى صراع متعدد الاوجه تواجه فيه الاقليات الدينية في سورية الغالبية السنية ويختلف فيه «الجهاديون» مع الاسلاميين الاكثر اعتدالا في المعارضة المسلحة فضلا عن التوترات بين موسكو وواشنطن التي تشبه تلك التي نشبت بينهما ابان الحرب الباردة ومخاوف اسرائيل في شأن أمنها. وفي ظل غياب التدخل الخارجي الحاسم لمصلحة المعارضة - والذي لم يبد الغرب رغبة في القيام به - يشير معارضوا الاسد الى عاملين محتملين قد يؤديان الى سقوطه وهما الانهيار الاقتصادي التام أو الانقلاب العسكري.
لكن ليس بالضرورة أن ينهي أيا من هذين العاملين القتال الدائر في البلاد.
ولعل أفضل ما يتمناه العالم في المستقبل القريب هو انحسار حدة الصراع الذي يقول الاكاديمي الاميركي جيمس فيرون انه أحد أشرس الحروب الاهلية التي وقعت في الاعوام الستين الماضية فيما يتعلق بعدد القتلى.
وقال فيرون، أستاذ العلوم السياسية في «جامعة ستانفورد»: «من الناحية العملية يصعب على الجانبين تحمل هذا المستوى من العنف لفترة طويلة. وحتى ان تراجعت حدة القتال كثيرا فان احتمالات استمرار أعمال العنف في سورية لاعوام بمستويات أقل ولكن خطيرة هي حتما احتمالات عالية للغاية».
وحقق الاسد بعض الانتصارات العسكرية في الاسابيع الماضية بدعم من حلفائه الايرانيين والروس متحديا الكثير من معارضيه الذين توقعوا يقينا اقتراب سقوطه منذ اندلاع الانتفاضة في مارس 2011.
غير أن الاراء القائلة بأن حكومته قد تلحق الهزيمة التامة بمعارضيها المختلفين يعكس عدم فهم أصحابها لطبيعة الحرب أو الاعداد الكبيرة للقوات المشاركة فيها.
وقال بيتر هارلينغ، وهو مدير مشروع في مجموعة الازمات الدولية «في ضوء الوضع الراهن لا يستطيع النظام استعادة السيطرة ولا المصالحة ولا الاصلاح ولا اعادة البناء.
لكن الفوز يتمثل في البقاء على قيد الحياة ليوم اخر واذا فكرت بهذا المنطق ستجد أنه (الاسد) كذلك».
وفي ديسمبر، صرحت وكالة الاستخبارات الخارجية الالمانية بأن حكومة الاسد تبدو «في مراحلها الاخيرة»، مستشهدة بما فقدته من سيطرة على مساحات شاسعة من الاراضي واشارات تعكس تنسيق مقاتلي المعارضة فيما بينهم في شكل أفضل.
وأفاد مصدر أمني في برلين ان وكالة الاستخبارات لم تلبث سوى خمسة أشهر حتى غيرت تقييمها للوضع في سورية.
وتعتقد ألمانيا الان أن المعارضة هي التي تواجه صعوبات خطيرة اذ تعيقها الصراعات الداخلية واضطرت الى التراجع بعد وصول مسلحي «حزب الله» المدربين تدريبا عاليا والذين شاركوا في الحرب من أجل بقاء الاسد.
ورغم ذلك، نفى مسؤول رفيع المستوى في اسرائيل الفكرة القائلة بأن الاسد بدأ عملية كبيرة لاسترداد سلطانه وأن بامكانه استعادة السيطرة الكاملة على بلاده. وتتميز اسرائيل بأن لديها بعضا من أفضل معلومات الاستخبارات في شأن سورية.
وقال المسؤول الرفيع المستوى «انه وضع متقلب ولكن بمضي الوقت تجد أن قوة الاسد تتضاءل» مضيفا أن المكاسب التي حققتها الحكومة في الاونة الاخيرة قد يصعب المحافظة عليها. وتابع: «من الممكن أن تتغير جميع الامور في الغد».
ويظهر التاريخ أن معظم الحروب الاهلية لا تنتهي سريعا ولا يغلب عليها الانتهاء بالتوصل الى تسويات عن طريق التفاوض وكلما طال أمدها ازدادت صعوبة نزع سلاح الميليشيات المشاركة فيها وحل أزمات اللاجئين الحتمية التي تستتبعها.
ودخلت الازمة السورية الان عامها الثالث حيث أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 80 ألف شخص ونزوح ما يربو على 6ر1 مليون اخرين الى الخارج.
ورغم القلق الكبير الذي يساور الغرب يبدو أن أعمال العنف واراقة الدماء ستستمر لفترة أطول. وتقول باربرا والتر، الاستاذة في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ان الحروب الاهلية التي دارت منذ عام 1945 استمرت عشر سنوات في المتوسط.
وبدأ بعض المحللين في المقارنة بين الحرب السورية والحرب الاهلية في لبنان التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
ورأت والتر التي كتبت كثيرا عن الحروب الاهلية في العالم «نعم ستستمر الحرب السورية لسنوات عدة... ولن ينتصر الاسد».
وفي ظاهر الامر، يبدو موقف الاسد مشجعا لحلفائه.
فمقاتلو المعارضة لم يتمكنوا الا من السيطرة على واحدة فقط من عواصم المحافظات الاربع عشرة في سورية، وهي مدينة الرقة في شمال شرقي البلاد. وعلى عكس ذلك، فقد صدام حسين السيطرة على 15 من بين 18 محافظة بعد حرب الخليج عام 1991 لكنه عاود القتال من أجل البقاء 12 عاما أخرى.
واستخدمت قوات الاسد أساليبها التكتيكية حيث تشارك الميليشيات غير النظامية المدربة على حرب المدن في القتال بينما يركز الجيش قوته العسكرية الكبيرة في المناطق الرئيسية.
وقال أحد مقاتلي المعارضة في مدينة حمص طلب عدم ذكر اسمه «قبل ذلك كان هناك صاروخ يسقط كل عشر دقائق. لكن استراتيجيتهم الجديدة تتمثل في ضربنا بعشرة صواريخ كل 15 ثانية. لا نستطيع التحرك سريعا بالقدر الكافي للرد».
وثمة دعم اخر كبير من «حزب الله» الذي أعلن التزام قواته بمحاربة مقاتلي المعارضة الذين يفتقرون الى الاسلحة الثقيلة.
وأعلن ناشط معارض للاسد يدعى «أحمد» وكان يعمل مع وحدة تابعة لمقاتلي المعارضة في ادلب شمال غربي سورية «أحدث وجود حزب الله فارقا كبيرا. انهم قوة حقيقية. فجنود الجيش يمكن أن ينشقوا. وحزب الله يقاتل حتى اخر نفس».
وفي خطوة تسلط الضوء على مشكلات المعارضة، ترك «أحمد» وحدته أخيرا بسبب استيائه من القتال الداخلي المستمر داخل صفوف المعارضة.
ورغم تحسن التوقعات بخصوص الاسد تجعل اليات الحرب الاهلية من الصعب تحديد الطرف القادر على الانتصار.
وقال جوناثان ايال، رئيس قسم الدراسات الدولية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة «لا أذكر حربا أهلية واحدة استمرت أكثر من عامين وانتهت باستعادة الحكومة المركزية سيطرتها الكاملة».
وتظهر أنماط جديدة من القوة في وقت تتمزق فيها أوصال سورية وتنهار مؤسسات الدولة واقتصادها. ويشير التدفق الهائل للاسلحة أن الامر قد يستغرق عقودا لاستعادة النظام.
ويرجح أن تكون الطبيعة الاقليمية والعرقية والطائفية للحرب عاملا اخر يساهم في اذكاء القتال حيث تساند دول سنية مثل تركيا والسعودية وقطر المعارضة المسلحة بينما تدعم ايران الشيعية الاسد. وقال ايال: «حتى وان تم القضاء على المعارضة فان التخلي عنها لن يصب في مصلحة معظم الدول العربية لانها تريد أن يكون لديها أداة لتواصل الضغط على الاسد وايران».
وهناك كثير من المصالح الاخرى المتعارضة تجعل من الصعب توقع كيفية ايجاد حل دبلوماسي رغم الجهود الامريكية والروسية الرامية لعقد مؤتمر سلام في جنيف خلال الاسابيع المقبلة. وتحولت الانتفاضة الشعبية الى صراع متعدد الاوجه تواجه فيه الاقليات الدينية في سورية الغالبية السنية ويختلف فيه «الجهاديون» مع الاسلاميين الاكثر اعتدالا في المعارضة المسلحة فضلا عن التوترات بين موسكو وواشنطن التي تشبه تلك التي نشبت بينهما ابان الحرب الباردة ومخاوف اسرائيل في شأن أمنها. وفي ظل غياب التدخل الخارجي الحاسم لمصلحة المعارضة - والذي لم يبد الغرب رغبة في القيام به - يشير معارضوا الاسد الى عاملين محتملين قد يؤديان الى سقوطه وهما الانهيار الاقتصادي التام أو الانقلاب العسكري.
لكن ليس بالضرورة أن ينهي أيا من هذين العاملين القتال الدائر في البلاد.
ولعل أفضل ما يتمناه العالم في المستقبل القريب هو انحسار حدة الصراع الذي يقول الاكاديمي الاميركي جيمس فيرون انه أحد أشرس الحروب الاهلية التي وقعت في الاعوام الستين الماضية فيما يتعلق بعدد القتلى.
وقال فيرون، أستاذ العلوم السياسية في «جامعة ستانفورد»: «من الناحية العملية يصعب على الجانبين تحمل هذا المستوى من العنف لفترة طويلة. وحتى ان تراجعت حدة القتال كثيرا فان احتمالات استمرار أعمال العنف في سورية لاعوام بمستويات أقل ولكن خطيرة هي حتما احتمالات عالية للغاية».