مشاركة / الرهو هو الأجمل ... وعندما يقتل لايطاق
مجزرة
| بقلم: محمد شبراق |
منظر طيور الرهو المقتولة مقزز، بالرغم من ان هذه الطيور تعتبر من أجمل الطيور المهاجرة التي تمر على بلادنا، وهي حية بالطبع وليست مقتولة، فهي من الطيور المميزة عن الغرانيق الأخرى من نفس العائلة، بوجود ريش في منطقة الرأس، وعدم وجود البقعة الجلدية الحمراء، وقصر منقارها الذي يشبه مناقير طيور الحبارى، الذكر أكبر قليلاً من الانثى ولونه رمادي والرقبة ونهاية الريش الثانوي بالجناح أسود، كما يوجد ريش لونه أبيض يبدأ من خلف العين الحمراء اللون. وجمال هذه الطيور ليس في شكلها فقط ولكن أيضا في سلوكها خاصة في فترة التزاوج وهجرتها وطريقة طيرانها والأصوات التي تصدرها، سواء في فترة التزاوج أو أثناء تحليقها خلال هجرتها، فهذه الطيور عرف عنها اخلاصها، فالذكر والانثى يرتبطان مع بعضهما طوال العمر، ويعرف هذا السلوك بـ (Monogamous)، ولقد أكرمني الله وشاهدتها وهي تتراقص خلال موسم التزاوج، وكان منظر لا ينسى، فقد كانت الانثى تقفز تارة وتخفض رأسها تارة أخرى، وتصدر تلك الأصوات الغزلية، والتي تستمر حتى بعد وضع الانثى للبيضة الأولى.
وتستمر الرابطة بين الزوجين حتى خلال هجرتيهما معاً، ولقد رمزت عدد من الثقافات في شرق آسيا (الصين واليابان) للحب والاخلاص للرابطة الزوجية لعائلة الغرانيق، والتي ينتمي اليها الرهو، كما رمزت هذه الطيور في ثقافة العديد من الدول الآسيوية الى طول العمر والخلود.
لقد سُجل طيران هذه الطيور فوق أعلى قمة في العالم «قمة افيريست»، أي على ارتفاع أكثر من ثمانية آلاف متر عن سطح البحر، والمشكلة ليست في تحملها لدرجات الحرارة المنخفضة فقط، لكن أيضاً لقدرتها على تحمل التيارات الباردة أو المُجمدة والتي تصطدم بجسمها خلال طيرانها، ناهيك عن عدم تجمد ماء عيونها، وهي على هذا الارتفاع الشاهق.
ولا يقتصر عجائب طيران هذا الطائر على هذا، ولكن طيرانه فوق البحار فيه أيضاً من الغرابة، والتي تخالف ما يعرف عن هذه الطيور، فالرهو يعبر سنوياً خلال هجرته فوق البحر الأحمر، وهذا بالنسبة لطائر كبير يعرف بانه من الطيور المحلقة، فهذه المجموعة من الطيور المحلقة تجد عادةً صعوبة في الطيران فوق المياه، فهي تعتمد على تيارات الحمل «الهواء الساخن» لرفعها عالياً من دون تحريك أجنحتها، وهذه التيارات غير موجودة فوق المياه، ما يجعل طيرانها فوق المياه مجهدا بالنسبة لها، فكبر حجمها وهجرتها الطويلة وحاجتها الى الطاقة تجعلها تقلل من اعتمادها على الرفرفة بجناحيها لفترة طويلة، ليس هذا وحسب، ولكن أيضاً طيرانها بشكل منتظم على شكل سبعة يجعلها من وجهة نظري عبرة ودرسا لبني البشر، يقول جل في علاه «أولم يروا الى الطير فوقهم صَافات ويقبضن ما يمسكهن الا الرحمن انه بكل شيء بصير»، سورة الملك.
ويذكر ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، ان الطيور تَارَة يصففن بأَجنحتهن في الهواء، وتارة تجمع جناحا وتنشر جناحا، ما يمسكهن، أي في الجو، الا الرحمن، أي بما سخر لهن الله من الهواء ومن رحمته ولطفه، «انه بكل شيء بصير»، أي بما يصلح كل شيء من مخلوقاته.
والحقيقة ان القلق من هذا الصيد الجائر لهذه الطيور، راجع الى ان هذه تعرف بهجرتها بانها ذات هجرة ضيقة (Narrow-fronted Migration)، فلكل مجموعة من هذه الطيور هجرة تتم في مسار واحد ضيق فتمر فوق نفس مناطق محددة كل عام، وهذا يجعلها عرضة للانقراض في حال وجود صيد جائر في طريقها، وقد عرف العالم انقراض انواع، وأخرى تواجه شبح الانقراض، ومنها الغرنوق السيبيري، أحد أجمل انواع الغرانيق وأكبرها حجماً وسناً، حيث تصل أعمارها الى أكثر من 83 سنة.
خرجت عصر ذلك اليوم، من مكتبي بالجامعة، حاملاً في صدري هما وأسى وحزنا لما رأيت في تلك الصور، ورفعت يدي أدعوه سبحانه وتعالى، ان يحمى بلادنا من شر العابثين، وان يرحم أهلها والا يأخذنا بما فعل السفهاء منا، وان يرفع الظلم عن هذه المخلوقات الجميلة، والتي هي بحق جند من جنود الله في الأرض والسماء، فهي معلمة للبشرية، ونرى في الكتاب الكريم في قصة ابني آدم قابيل وهابيل، كيف ان الله بعث غراباً ليعلم الانسان كيف يُدفن الموتى، والحقيقة ان الدراسة نشرت على خلفية ما نشره أحد مواقع الانترنت عن صيد جائر لهذه الصقور في الهند، حيث قدر بعض الباحثين في الهند ان هناك أكثر من 120-140 ألفا من هذه الصقور تم مسكها وقتلها للتغذي عليها بين عام 2006-2012، وعليه فان هذه الدراسة تشير الى المشاكل البيئية والاقتصادية التي يمكن ان تؤثر على جنوب أفريقيا، نتيجة ما يحدث من صيد جائر لهذه الطيور، فالنمل الأبيض والجراد الصحراوي تؤثر بشكل كبير على المزروعات وبتناقص هذه الطيور نتيجة الصيد الجائر لهذه الصقور بالهند، سوف تطرح أعباء اقتصادية على جنوب افريقيا للتخلص من هذه الحشرات الضارة، وسوف يسبب زيادة بأعداد النمل الأبيض، وكذلك زيادة نوع من الديدان التي تهاجم نبات الدخن تعرف علمياً Helicoverpa armigera وتذكر الدراسة ان هذه الصقور تتغذى على هذه الديدان، وأيضاً على الجراد الصحراوي اللذين يسببان خسائر كبيرة بالمزروعات بأفريقيا، فيا سبحان الله تتزامن هجرة هذه الصقور مع فترة الانتاجية لهذه المزروعات، ما يسهم طبيعياً في التخلص من هذه الحشرات الضارة.
ومن الأمثلة الأخرى التي أذكرها لطلابي، وهي ان هناك طيورا تغير من تغذيتها في أوقات معينة من حياتها، وأهمية ذلك في التوازن البيئي، فالعصفور المنزلي منقاره متكيف على أكل الحبوب لكن في فصل التكاثر والتي تزيد فيها الحشرات يتغذى على الحشرات ليزيد من نسبة الكالسيوم التي يحتاجها لتغذية الصغار، وطيور مثل عقاب السهول والذي يتغذى على نوع من القوارض في مناطق تكاثره بوسط آسيا، وتتغير نوعية غذائه خلال هجرته فيتغذى على الحيوانات الميتة خلال مروره بالجزيرة العربية، أما في مناطقه الشتوية بأفريقيا فيتغذى على النمل الأبيض خلال تواجده بأفريقيا.
منظر طيور الرهو المقتولة مقزز، بالرغم من ان هذه الطيور تعتبر من أجمل الطيور المهاجرة التي تمر على بلادنا، وهي حية بالطبع وليست مقتولة، فهي من الطيور المميزة عن الغرانيق الأخرى من نفس العائلة، بوجود ريش في منطقة الرأس، وعدم وجود البقعة الجلدية الحمراء، وقصر منقارها الذي يشبه مناقير طيور الحبارى، الذكر أكبر قليلاً من الانثى ولونه رمادي والرقبة ونهاية الريش الثانوي بالجناح أسود، كما يوجد ريش لونه أبيض يبدأ من خلف العين الحمراء اللون. وجمال هذه الطيور ليس في شكلها فقط ولكن أيضا في سلوكها خاصة في فترة التزاوج وهجرتها وطريقة طيرانها والأصوات التي تصدرها، سواء في فترة التزاوج أو أثناء تحليقها خلال هجرتها، فهذه الطيور عرف عنها اخلاصها، فالذكر والانثى يرتبطان مع بعضهما طوال العمر، ويعرف هذا السلوك بـ (Monogamous)، ولقد أكرمني الله وشاهدتها وهي تتراقص خلال موسم التزاوج، وكان منظر لا ينسى، فقد كانت الانثى تقفز تارة وتخفض رأسها تارة أخرى، وتصدر تلك الأصوات الغزلية، والتي تستمر حتى بعد وضع الانثى للبيضة الأولى.
وتستمر الرابطة بين الزوجين حتى خلال هجرتيهما معاً، ولقد رمزت عدد من الثقافات في شرق آسيا (الصين واليابان) للحب والاخلاص للرابطة الزوجية لعائلة الغرانيق، والتي ينتمي اليها الرهو، كما رمزت هذه الطيور في ثقافة العديد من الدول الآسيوية الى طول العمر والخلود.
لقد سُجل طيران هذه الطيور فوق أعلى قمة في العالم «قمة افيريست»، أي على ارتفاع أكثر من ثمانية آلاف متر عن سطح البحر، والمشكلة ليست في تحملها لدرجات الحرارة المنخفضة فقط، لكن أيضاً لقدرتها على تحمل التيارات الباردة أو المُجمدة والتي تصطدم بجسمها خلال طيرانها، ناهيك عن عدم تجمد ماء عيونها، وهي على هذا الارتفاع الشاهق.
ولا يقتصر عجائب طيران هذا الطائر على هذا، ولكن طيرانه فوق البحار فيه أيضاً من الغرابة، والتي تخالف ما يعرف عن هذه الطيور، فالرهو يعبر سنوياً خلال هجرته فوق البحر الأحمر، وهذا بالنسبة لطائر كبير يعرف بانه من الطيور المحلقة، فهذه المجموعة من الطيور المحلقة تجد عادةً صعوبة في الطيران فوق المياه، فهي تعتمد على تيارات الحمل «الهواء الساخن» لرفعها عالياً من دون تحريك أجنحتها، وهذه التيارات غير موجودة فوق المياه، ما يجعل طيرانها فوق المياه مجهدا بالنسبة لها، فكبر حجمها وهجرتها الطويلة وحاجتها الى الطاقة تجعلها تقلل من اعتمادها على الرفرفة بجناحيها لفترة طويلة، ليس هذا وحسب، ولكن أيضاً طيرانها بشكل منتظم على شكل سبعة يجعلها من وجهة نظري عبرة ودرسا لبني البشر، يقول جل في علاه «أولم يروا الى الطير فوقهم صَافات ويقبضن ما يمسكهن الا الرحمن انه بكل شيء بصير»، سورة الملك.
ويذكر ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، ان الطيور تَارَة يصففن بأَجنحتهن في الهواء، وتارة تجمع جناحا وتنشر جناحا، ما يمسكهن، أي في الجو، الا الرحمن، أي بما سخر لهن الله من الهواء ومن رحمته ولطفه، «انه بكل شيء بصير»، أي بما يصلح كل شيء من مخلوقاته.
والحقيقة ان القلق من هذا الصيد الجائر لهذه الطيور، راجع الى ان هذه تعرف بهجرتها بانها ذات هجرة ضيقة (Narrow-fronted Migration)، فلكل مجموعة من هذه الطيور هجرة تتم في مسار واحد ضيق فتمر فوق نفس مناطق محددة كل عام، وهذا يجعلها عرضة للانقراض في حال وجود صيد جائر في طريقها، وقد عرف العالم انقراض انواع، وأخرى تواجه شبح الانقراض، ومنها الغرنوق السيبيري، أحد أجمل انواع الغرانيق وأكبرها حجماً وسناً، حيث تصل أعمارها الى أكثر من 83 سنة.
خرجت عصر ذلك اليوم، من مكتبي بالجامعة، حاملاً في صدري هما وأسى وحزنا لما رأيت في تلك الصور، ورفعت يدي أدعوه سبحانه وتعالى، ان يحمى بلادنا من شر العابثين، وان يرحم أهلها والا يأخذنا بما فعل السفهاء منا، وان يرفع الظلم عن هذه المخلوقات الجميلة، والتي هي بحق جند من جنود الله في الأرض والسماء، فهي معلمة للبشرية، ونرى في الكتاب الكريم في قصة ابني آدم قابيل وهابيل، كيف ان الله بعث غراباً ليعلم الانسان كيف يُدفن الموتى، والحقيقة ان الدراسة نشرت على خلفية ما نشره أحد مواقع الانترنت عن صيد جائر لهذه الصقور في الهند، حيث قدر بعض الباحثين في الهند ان هناك أكثر من 120-140 ألفا من هذه الصقور تم مسكها وقتلها للتغذي عليها بين عام 2006-2012، وعليه فان هذه الدراسة تشير الى المشاكل البيئية والاقتصادية التي يمكن ان تؤثر على جنوب أفريقيا، نتيجة ما يحدث من صيد جائر لهذه الطيور، فالنمل الأبيض والجراد الصحراوي تؤثر بشكل كبير على المزروعات وبتناقص هذه الطيور نتيجة الصيد الجائر لهذه الصقور بالهند، سوف تطرح أعباء اقتصادية على جنوب افريقيا للتخلص من هذه الحشرات الضارة، وسوف يسبب زيادة بأعداد النمل الأبيض، وكذلك زيادة نوع من الديدان التي تهاجم نبات الدخن تعرف علمياً Helicoverpa armigera وتذكر الدراسة ان هذه الصقور تتغذى على هذه الديدان، وأيضاً على الجراد الصحراوي اللذين يسببان خسائر كبيرة بالمزروعات بأفريقيا، فيا سبحان الله تتزامن هجرة هذه الصقور مع فترة الانتاجية لهذه المزروعات، ما يسهم طبيعياً في التخلص من هذه الحشرات الضارة.
ومن الأمثلة الأخرى التي أذكرها لطلابي، وهي ان هناك طيورا تغير من تغذيتها في أوقات معينة من حياتها، وأهمية ذلك في التوازن البيئي، فالعصفور المنزلي منقاره متكيف على أكل الحبوب لكن في فصل التكاثر والتي تزيد فيها الحشرات يتغذى على الحشرات ليزيد من نسبة الكالسيوم التي يحتاجها لتغذية الصغار، وطيور مثل عقاب السهول والذي يتغذى على نوع من القوارض في مناطق تكاثره بوسط آسيا، وتتغير نوعية غذائه خلال هجرته فيتغذى على الحيوانات الميتة خلال مروره بالجزيرة العربية، أما في مناطقه الشتوية بأفريقيا فيتغذى على النمل الأبيض خلال تواجده بأفريقيا.