رؤى / «هرمون البخل»... و«جين الكرم»

تصغير
تكبير
| سهيلة غلوم حسين * |

قال أحد الحكماء ان أصل المحاسن كلها الكرم، وأصل الكرم نزاهة النفس عن الحرام وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام وجميع خصال **الخير من فروعه، وللكرم أناس ميزهم الله بخصائص لا توجد في غيرهم من الناس فهم مفطورون على الكرم ولا يعرفون البخل حتى لو افتقروا، ومفطورون على العطاء والتضحية وتلك أساسيات علاقة الأخلاق والآداب بالكرم.

نشرت جريدة ليبراسيون الباريسية عام 2003 نتائج دراسة قادها البروفيسور «أريل كنافو» من جامعة مونبلييه تشير الى أن صفات الكرم والسخاء والجود صفات وراثية، وبعد خمسة أعوام أعلن الدكتور جورج فيلدمان أستاذ الفسيولوجيا بجامعة باكنغهام بأن الأشخاص الحاملين جين AVP هم الأكثر سخاء واستعداداً لبذل المال.

وكشفت دراسة علمية حديثة عن دور محتمل لبعض الموروثات في التنبؤ باكتساب الأشخاص سمة الكرم، وكذلك نشرت دراسة أخرى في دورية تخصصية بعلم النفس صادرة عن رابطة علم النفس في الولايات المتحدة الأميركية، الى أن تحديد أنواع موروثات مستقبلات أوكسيتوسين وفاسوبريسين، ساعد على التنبؤ بما اذا كان الفرد يتحلى بصفة الكرم أم لا، وفي السياق نفسه أكد الدكتور بول زاك عالم الأعصاب أنه يمكن الآن القضاء على صفة البخل عن طريق ابتكار أدوية معززة لهذا الهرمون الحيوي من أجل حياة أفضل يسودها الكرم ويختفي البخل.

ان تأثير الكرم لا يقتصر على الصحة النفسية فقط فقد تجاوز الأمر من الشعور بالسعادة والرضا الذاتي الى حياة أطول بصحة أفضل، فقد كشفت دراسة طبية حديثة أجراها باحثون أميركيون بجامعة «بافلو» أن تحلي الانسان بصفة الكرم يحمي صحته من التعرض للأمراض المزمنة ويقلل من احتمالات تعرضه للاصابة بالمرض ويطيل من سنوات عمره.

سبق الاسلام نتائج الأبحاث والدراسات الكثيرة التي أجريت، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ان الله كريم يحب الكرم) فالكريم محبوب من الله تعالى وقريب من الخلق أجمعين ودليل على عراقة الأصل والزهد في الدنيا، ان الله تعالى يحب الكريم من الناس ويبارك في ماله ويبغض البخيل حيث أن البخل مرض نفسي وخلق دميم مشوه خبث النفس وظلمة القبر.

مفهوم الكرم والسخاء أوسع من بذل المال وان كان فضائل المال لا تعد ولا تحصى ويكفي أن قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: (السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد عن النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولجاهل سخي أحب الى الله عز وجل من عالم بخيل)، فالبخيل منبوذ من محيطه ولا يستمتع بحياته وماله ولا يسمح لمن حوله بالاستمتاع بها فتكون الحياة برفقة البخيل ضنكا، وقال علي بن أبي طالب (عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب ويفوته الغنى الذي اياه طلب فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء).

ان الكرم يزرع الحب في القلوب والسماحة في النفوس، والكرماء سادات الناس في الدنيا والأتقياء سادتهم في الآخرة.



* كاتبة كويتية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي