في الانتخابات تدور الإشاعات ويكثر الحديث الذي بعضه حق وغالبه باطل.
كنا نقف للكبير «الشايب» ونقدر كل كلمة يتفوه بها، فالشياب الصالحون مدرسة نستقي منها العادات الحميدة و«سلم» الرجال وخصال من شأنها صنع جيل محترم على قدر من المسؤولية.
بعض «الشياب» لهم بعد نظر ويحاولون التعرف على متغيرات الحياة التكنولوجية وغيرها، وبالتالي يصبحون «شياباً» مخضرمين على معرفة بنواحي الحياة المختلفة.
في إحدى الرحلات... كنــــت مرافـــــقاً لوالدي «الشــــــايب» في رحلة عـــــلاج بفرنســــا، ولم أكن عـــــندها معــــتـــــقـــداً أن الوالد ســـيـــزيدني معرفــــة، ولكنه أثبـــت لي أننا في طور التعـــــلم حتى يأخذ الله أمانـــته. كـــان يقول لــــي: «المرشح الذي لا تكون علاقـــــته طيبة ومتميزة مع أهله وذويه وأصدقائه وصاحب شبكة علاقات فإنه سيخسر مهما حاول ترقيع وضعه في الساعات الأخيرة قبل الانتخابات»!
نعم... ففي الانتخابات يحتاج المرشح لأيادٍ تقدم له الأصوات وتزكيه عند قاعدة الناخبين، والأيادي هذه لا بد وأن تنطلق من بيت المرشح وبيت أقربائه وأصدقائه من دون تحيز لفئة دون أخرى!
ان مشكلتنا اجتماعية صرفة، وسبب الخلاف على إظهار الكفاءات يعود إلى تكون ثقافة عقيمة تولدت وترعرعت بين أحضان القبلية، والطائفة، وصار الناخب ينساق وراء مرشحيها، حتى وان كانوا من غير الكفاءات.
نحن نحاول في بعض الأحيان تصوير الوضع واستدراك خطورة الحال الانتخابية. ولكننا نجد بعض المثقفين مع بالغ الأسف مازالوا يعيشون في تلك الأحضان وتجاهلوا الحضن الكبير الوطن الذي نحن بحاجة إلى الانتماء وسطه وبذل قـــصارى جهدنا لأجله.
إن بعض «الشياب» مع احترامنا لكبر سنهم يدرسون أبناءهم مفاهيم مغلوطة، ويوجهونهم للتصويت لمن لا يعي الحقيقة من وراء الصفة النيابية، وذلك من باب الفزعة!
لقد تردت الخدمات لدينا... وظهر لنا جيل حاصل على درجات علمية عالية، ولكن «بعضهم» لم يتخرج من مدرسة «الشياب» الصالحة.
آباؤنا علمونا حسن التعامل، وعدم بث الإشــــاعة التــــي هـــــي أشـــــبه بالفــــتــــنة أحيــــاناً... فــ «الفــــتنة نائــــمة لعن الله من أيقظها».
ونحن نريد من مرشحينا الكرام أن تكون صفحة الحكمة في سلوكهم هي الأساس في تعاطيهم مع الأمور والقضايا العالقة تحت قبة البرلمان إن حالفهم الحظ.
لا ترفع صوتك ولا تتعالى على الناس، وتـــــذكـــــر مــــا جــــاء في الآيات الكريمة في سورة لقمان: «ولا تصـــــعر خدك للناس ولا تمشِ في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور* واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير».
إن ديننا الحنيف حفظ لنا عادات حميدة، وطرزت لنا السيرة النبوية دروساً لم نستفد منها، فأصبح البعض يتعلم ما لا يفيده ويتجنب الأمور الضرورية الواجبة على كل فرد، وعلى رأسها «أدب الحوار» و«حفظ الامانة»!
فانظروا وتابعوا ندوات «المرشحين» لتحددوا من هم الأحق في نيل ثقة صوتكم الأمانة، ورحم الله شياب الأمس وشياب اليوم... والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]