رسائل المشاهير / حكاية أم هجرت الفن وابن ندهته «صاحبة الجلالة» ورسائل من الزمن الجميل (3 من 3)
إحسان عبد القدوس وجمال عبد الناصر ... صداقة لم تمنع الاعتقال
يكتب لأمه من سويسرا
رسالته إلى عبد الناصر بشأن الرسام جمال كامل
الفنانة ماجدة الصباحي تشتكي عبد القدوس إلى عبد الناصر
رسالة من باريس كتبتها روز اليوسف لإحسان في نوفمبر عام 1947
من اليمين: نرمين القويسني ومحمد عبد القدوس وإحسان وزوجتة لولا
| اعداد - طارق ضاهر ومفرح حجاب |
نعرفهم عبر صفحات وشاشات ومواقف... دخلوا التاريخ فسجّل لهم وشهد عليهم. هم مشاهير كل في مجاله، السياسي، الفني، الأدبي وحتى الديني**، قلّب الكاتب سامي كمال الدين في أوراقهم «الخاصة» جداً، ليعرّفنا الى الوجوه الأخرى «الحقيقية» لكل منهم... فكانت «رسائل المشاهير» الباب لنكتشف ما لم يكن يخطر في البال يوماً.
أسماء كثيرة تحملها صفحات كتاب كمال الدين... وان كانت «الأوراق» - كما أحبّ أن يصنّف أبوابه - مختصرة في 8 شخصيات، الا أنها تحمل أسماء الكثيرين ممن لعبوا دوراً في حياتهم.
في حلقات متتالية، سنكتشف معاً رسائل بعضها بخط اليد، والبعض الآخر مطبوع، لكل من الرئيسين المصريين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات، رئيس المخابرات المصرية السابق صلاح نصر، سعاد حسني، احسان عبدالقدوس، ماجدة، الشيخ محمد رفعت، الشاعر أمل دنقل، روز اليوسف، يوسف صديق، يوسف وهبي ومحمد كريم وغيرهم.
رسائل قد تغيّر في مفاهيم كانت راسخة في ذاكرة الكثيرين، كاشفة عن طفل ربما داخل أقسى الشخصيات، وعن مرارات وعذابات رغم الابتسامات الدائمة... فبين اليد والقلم والورقة، تنشأ علاقة لاارادية من الواقعية.
في الحلقة الثالثة والأخيرة من رسائل إحسان عبد القدوس ووالدته روزاليوسف، نتناول كيف كان متأثراً بمسيرة أمه أكثر من أبيه، لذا فهو يعمل دائماً للحفاظ على مجلة «روز اليوسف»، كما نتناول شكوى الفنانة ماجدة الصباحي للرئيس عبد الناصر من إحسان وكيف طلب الأخير من الرئيس العفو عن رسام المجلة جمال كامل بعدما تم اعتقاله. وكنا تناولنا في الحلقتين الماضيتين، تطليق روزا للفن بعد خلافها مع يوسف وهبي وطفولة إحسان عبد القدوس وثورته ضد الإنكليز وتأسيس مجلة روز اليوسف وانتشارها ونجاحها في ظروف صعبة وعلاقة روز اليوسف وإحسان عبد القدوس ووصف الأخير لها بالعاطفية والخجولة والجريئة. ونبدأ هذه الحلقة بإحدى الرسائل التي أرسلها إحسان لأمه من سويسرا.
ويكمل الكاتب:
حبيبتي ماما
هكذا يأخذني إحسان بروعته إلى إحدى الرسائل التي كتبها إلى أمه وهو في سويسرا.. وقد خطها على ورق الفندق الذي كان يقيم فيه هناك.. وهذه الرسالة تعد تحفة أدبية نادرة، بل رائعة روعة رواياته نفسها.. إنه يقتحمك بروعته ودفء كلماته وحبه لأمه.
يكتب إحسان عبدالقدوس إلى أمه صاحبة هذه الأفضال عليه فتتمدد كلماته على شاطئ البحر فينبت العشب وتتفتح السماء وتزهر الحياة.. يجلس في فندق سويسري ويكتب لأمه:
«حبيبتي ماما»
أكتب إليك وأنا جالس في شرفة الفندق.. وبحيرة «لوجانو» تحت قدمي، وجبل على يميني وجبل آخر على يساري، وبين أحضاني أشجار رائعة طرز الخريف أوراقها باللون الأحمر والأصفر والأخضر، ولكني في هذه اللحظة لا أرى البحيرة ولا الجبال،ولا الأشجار، ولا الخريف..
أراك أنت وحدكِ، أراكِ في قلبي؛ وأراك في عيني.. أراك جميلة وعظيمة.. أجمل وأعظم من كل ما في أوروبا..
إن الله لم يخلق شيئاً أجمل من أمي، ولا أعظم من أمي..
وكنت أراك جميلة طول عمري.. وما زلت حتى اليوم أراك بضفائر طويلة في لون الذهب، وبشرتك في لون اللبن المخلوط بعصير الورد، وعينيك في لون الربيع تنبضان بالحياة والحنان.. وشفتيك فيهما رحمة وكبرياء.. ورأسك مرفوعاً دائماً.. رأساً أقوى من الشر.. رأس ملاك.. كنت دائماً أراك ملاكاً. ولكني لم أكن مقتنعاً بعظمتك كما أنا مقتنع الآن.. كنت في صباي لا أستطيع أن أقدر لماذا أنت عظيمة؟.. ماذا فعلت حتى تكوني عظيمة.. إنك مشهورة.. وإنك ناجحة.. نجحت في المسرح، ونجحت في الصحافة، ولكن ليس كل المشهورين عظماء.. وليس كل الناجحين عظماء.. فلماذا أنت عظيمة.. ما سر عظمتك؟!
هكذا كنت أتساءل في صباي.. ثم كبرت.. وتوليت العمل.. ودخلت معركة الحياة.. فبدأت عظمتك تتكشف لي.. وعن طريق تجاربي في محيط البشر والعمل وبقدر ما عانيت وتعبت حتى أكون إنساناً ناجحاً.. أستطيع أن أقدر عظمتك وأصل إلى سرها.. وأن الإنسان العظيم هو الذي يستطيع أن ينجح وأن يصل إلى القمة محتفظاً بكبريائه ومبادئه وبساطته.. وهذا هو أنت يا أعظم الناس.. لقد نجحت من دون أن تؤذي أحداً.. ومن دون أن تفقدي طبيعتك السمحة البسيطة.
ما زلت تضحكين كطفلة، وما زلت تتحدثين كصبية لم تنزل بعد إلى زحام الحياة، وما زلت تعاملين الناس في تواضع وسذاجة، كأنك لست صاحبة أعنف معارك سياسية خاضتها الصحافة المصرية.. وما زالت ترضيك الأشياء الصغيرة التي تحمل معاني إنسانية كبيرة.. وردة أو كلمة حلوة وتترفعين عن الأشياء المادية مهما كبرت ما دامت لا تحمل معنى كريماً.
كلما كبرت ازددت اقتناعاً بأني لا أستطيع الاستغناء عنك أبداً في العمل، وأنك لو تركتني وحدي فلن أستطيع أن أفعل شيئاً وهذا الإحساس يجعلني أخاف.. أخاف المستقبل، مستقبلي، فلا تتركيني أبداً.. أرجوك لا تتركيني أبداً.. إنني أعيش وأعمل بأنفاسك وبوجودك..
ماذا أهديك؟
هل تقبلين أن تكون هديتي حديثاً عن نفسي؟!
سأحدثك عن نفسي إذن.. سأحدثك عن ابنك.. لأنني لم أحاول قبل اليوم أن أحدثك عن شيء إلا وقطع حديثنا جرس التليفون أو دخول الأستاذ عارف أو الأستاذ عبدالسلام.
إنك تعتقدين أنني ورثت طباعي وأخلاقي عن والدي.. وهذا ليس صحيحاً للأسف.. فإن أهم ما يميزه هو قناعته ورضاه عن نفسه.. وأنا لست قنوعاً ولا راضياً عن نفسي ولو كنت.. لكنت سعيداً وما تعذبت. أنا شيء آخر.. إنني لا أعرف ماذا أريد.. هل أريد أن أكون سياسياً أم أديباً.. هل أريد أن أكون صاحب عمل أم مجرد كاتب، هل أريد أن أخوض معارك أم أنجو من المعارك وابتعد عنها. أريد أن أكون مليونيراً، أم أريد أن أكون إنساناً بسيطاً لا يحمل هم الملايين، ولأنني لا أعرف ماذا أريد فأنا غير راض عن تصرفاتي التي تتخبط وتتعارض.. ويبدو أثرها في حياتي وعملي وفي معاملة الناس.. والنتيجة أنني لست سعيداً فالسعادة في أن أكون ما أريد. إنني إنسان خجول وهذا الخجل مرده أني أخاف الفشل إلى حد كبير.. إلى حد الجبن، وهذه الطبيعة تبدو في حياتي العامة كلها وفي عملي.. إن في رأسي مشروعات كثيرة كبيرة، ولكني لا أقدم على تنفيذها خوفاً من الفشل.
ولكن هناك شيئاً واحداً يحميني من هذا الضعف وهو أني أعرف تماماً ماذا تريدين أنت.. (كلام غير واضح). ولأني أحب أمي فإنني أفعل ما تريده.. إنها تريد دار روزاليوسف داراً صحافية قوية.. وهذا ما سأفعله وما أقسم عليه، بل هذا هو الخط الوحيد الثابت المستقيم الذي يحدد حياتي وأهدافي.
محتاج إلى أن أقبلك كثيراً.. كثيراً جداً.. محتاج إلى أن أضع رأسي على صدرك وأنام.
أحبك
إحسان
وفي 19/7/1947 كتبت إليه أثناء سفره إلى باريس قائلة:
ولدي إحسان
قبلاتي لك. سبق أن كتبت لك بعنوانك في باريس، إنني متعبة وأصارحك أنني الآن في حال لا تمكنني من مواصلة العمل في هذا الجو، وهذا الحال الذي يضطرني كثيراً إلى الحضور إلى الإدارة صباحاً ومساءً، كما أن الحالة السياسية المصرية خاصة في مراحل المفاوضات الأخيرة، وكذلك انتقال مصر إلى حالة جديدة، كل هذا يتطلب وجودك الآن في المجلة.
ولقد جاءني اليوم خطاب منك تقول فيه إنك اتفقت مع إحدى الصحافيات الإنجليزيات على كتابة مقال أسبوعي للمجلة نظير ثمانية جنيهات على المقال الواحد نشر أم لم ينشر وطلبت مني أن أوافيك بعقد بيني وبين هذه السيدة لتوقع عليه، وهذا الطلب يمكنني التحدث فيه حين حضورك، فالحالة المالية الآن لا تسمح بصرف مثل هذا المبلغ أسبوعياً.
شاهدت مع لولا (زوجة إحسان) صورة جديدة لك فحمدت الله أنك في صحة جيدة وفي الوقت نفسه أيقنت أنك «ولد خسران» لا تهتم بإرسال صورة لوالدتك. أما أختك ميمي فإذا لم تكتب لك خطاباً مطولاً فهذا عائد إلى تبلبل أفكارها بشأن الزواج.. والحمد لله قد تزوجت من شخص أخلاقه توافق أخلاقها والعكس بالعكس، والمهم في الموضوع وكما أعتقد أن هذا يهمك أن تكون في معيشتها الجديدة متفقة مع الشخص الذي اختارته زوجاً لها والاستعداد قائم الآن من والد ووالدة العريس لعمل شقة لهما ومن حسابهما الخاص.
أما مسألة المائة جنيه فهناك مفاوضات ومباحثات وجهود لإعادتها إلى جيبك وإلا..
قبلاتي لك
والدتك روز 19/7/1947
وهذه الرسالة لا تحتاج إلى شروح، أما هذه الرسالة التي كتبها إحسان إلى جمال عبدالناصر صديقه الذي اعتقله، فلم تكن لأجل غرض شخصي يريده إحسان.. ولكنها كانت بخصوص رسام روز اليوسف الشهير جمال كامل الذي اعتقل.. وعلاقة عبدالناصر وإحسان بدأت قبل الثورة.. حيث كان الضباط الأحرار يتابعون حملته التي شنها على الأسلحة الفاسدة، لكن عبدالناصر اعتقله عام 1954 حين كتب مقالاً بعنوان «الجمعية السرية التي تحكم مصر» وطالب فيه بعودة الضباط الأحرار إلى ثكناتهم العسكرية فهم قاموا بدور كبير ولابد من أن يحكم البلد مدنيون.. وقد كتب في رسالته:
«سيادة الرئيس جمال عبدالناصر..
عزيزي السيد الرئيس
تحية إيمان وإخلاص.. أتقدم إليكم ملتمساً أن تصدروا أمركم بالنظر في موضوع اعتقال جمال كامل رئيس قسم الرسم والإخراج بدار روز اليوسف.
وقد عمل جمال كامل في دار روز اليوسف مدة عشر سنوات، استطعت خلالها أن أراقب اتجاهاته السياسية وتفكيره السياسي ونشاطه داخل مجال العمل، وخارج مجال العمل، وتأكدت من صدقه ووطنيته وتحرره من الشيوعية أو من غيرها من المذاهب الدخيلة علينا.. ثم كانت الثورة، فكان دائماً، وفي جميع أطوارها، من أشد المتحمسين والمؤمنين بها، وبدعوتكم وخطواتكم السديدة.
وعبر عن هذا الإيمان بريشته سواء على صفحات مجلات الدار، أو في مجالات العمل الأخرى التابعة للحكومة، وكان آخر ما قام به بجانب عمله في الدار، اشتراكه في إخراج نشرات أصدرتها هيئة المخابرات، بمناسبة الهجرة اليهودية من دول الكتلة الشرقية.. ومعرفتي الدقيقة بتفكير جمال كامل السياسي وإيمانه الوطني، هي التي شجعتني على أن أتقدم لسيادتكم بهذا الالتماس بل إنني على استعداد بأن أضمن تصرفاته مستقبلاً، وواثق بها.
ولا أنكر أن العمل في دار روز اليوسف في حاجة إليه، وأنني أعتمد عليه إلى حد كبير في إدارة الناحية الفنية الخاصة بمجلتي روز اليوسف.. وصباح الخير..
ومع رجائي في أن أكون على صواب في حكمي وتقديري لجمال كامل فإنني أكرر التماسي بأن تشمله بقلبك الكبير وحكمك دائماً هو الأصوب.
وتفضل يا سيادة الرئيس بقبول كل آيات إخلاصي وحبي».
وكان إحسان لا يتوانى في الرد على من يحاول تكذيبه أو كتابة شيء يخالف الحقيقة مهما كانت مكانته في الدولة فقد كتب في 27/8/1957 إلى علي صبري قائلاً:
إلى السيد علي صبري وزير الدولة
عزيزي السيد الوزير
أهنيء مجلة التحرير بالحديث الصحافي الذي نشرته لك ورسخت به بعض خطوط جهدك الوطني الذي أفخر به ويفخر به معي كل مصري.
وقد جاء في حديثك أن «روز اليوسف» «كانت تنشر سلسلة مقالات ضد حيدر وكان معروفاً أن هذه المقالات تكتب بناء على المعلومات التي يقدمها الضابط مصطفى كامل صدقي».
والواقع أن مصطفى كامل صدقي لم يكن له أي جهد في المقالات التي كنت أكتبها وأوقعها بإمضائي إنما بدأت الحملة على حيدر منذ إثارة قضية الأسلحة الفاسدة، باعتباره أحد المسؤولين عنها وهذه الحملة أسهم فيها الكثيرون من الأحرار بينهم الرئيس جمال عبدالناصر، ثم بعد أن انتهت هذه الحملة خصصت حملة أخرى في سلسلة مقالات ضد حيدر وحده، وكانت المعلومات التي تتضمنها هذه المقالات أحصل عليها من جهات كثيرة، وأفراد كثيرين مستغلاً الخلافات التي كانت واقعة في محيط الجيش في تلك الأيام، وأول تقرير سري حصلت عليه واستعنت به في حملتي أخذته من اللواء فؤاد صادق.
أما الضابط مصطفى كامل صدقي فقد كتب أيامها مقالاً منفصلاً ضد حيدر نشرته له روز اليوسف، وقد رأيت أن أدلي إليك بهذه المعلومات، لعلك تكون مهتماً بها. عشت لمصر وعشت للحق.
وهناك رسالة أرسلها جمال عبدالناصر لإحسان عبدالقدوس، رسالة لم يكتبها عبدالناصر بخط يده، كانت الرسالة من الفنانة ماجدة تشتكي فيها إحسان عبدالقدوس إلى عبدالناصر، وقد أرسلها عبدالناصر إلى إحسان عبدالقدوس ليعرف الحقيقة. حيث تهاجم ماجدة إحسان قائلة:
«السيد الرئيس جمال عبدالناصر
على الرغم من صدور قانون الصحافة الذي حفظتم به سمعة الناس وأعراضهم في الأخبار المجهولة، نشر إحسان عبدالقدوس في العدد 29 من صباح الخير خبراً بعنوان «عذراء الشاشة» يحمل سباً صريحاً في عرضي لغرض ابتزاز المال.
ارحموني واحموا الأعراض من أمثال هؤلاء الذين ينتهكون قانونكم وينزلون بالصحافة إلى الحضيض في عهد نتكاتف فيه للارتفاع بمصر.
أوكلكم عني في إبلاغ النائب العام.
ماجدة كامل
ممثلة سينمائية
لا أعتقد أن إحسان كان في حاجة إلى فلوس من أحد ولكن يبدو أن الفنانة ماجدة كانت منفعلة أكثر من اللازم.. وإحسان لا علاقة له بالخبر الذي أتى به محرر فني ونشره في المجلة.. ثم لماذا لم تذكر في رسالتها إلى رئيس الدولة تفاصيل الخبر وكيف تم ابتزازها..؟
لا نعرف في الحقيقة فللفنانة ماجدة التي تنتمي إلى الزمن الجميل تاريخها الذي نجله ونحترمه ولإحسان أيضاً تاريخه الذي نجله ونحترمه، فقد كان عصراً جميلاً... ولكن سألت السيدة نيرمين القويسني مديرة مكتب إحسان وابن أخت زوجته فقالت لي إن هناك قصة سينمائية أخذتها ماجدة الصباحي من إحسان وقدمتها سينمائياً من انتاجها ونجحت ولكنها لم تدفع لإحسان ثمنها وبعد فترة أعجبتها قصة أخرى فأرادت أن تقدمها سينمائياً فرفض إحسان حتى تدفع ثمنها ولم تدفع ولم تنتج الفيلم.
ومن أوراق الزمن الجميل الذي ينتمي إليه إحسان عبدالقدوس شيك قيمته ألف جنيه.. لم يصرف حتى الآن، وقد كتبه العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ إلى إحسان عبدالقدوس كمقدمة لكتابة قصة حياته لتقديمها في فيلم سينمائي، لكن قصة «تائه بين السماء والأرض» لم تعجب عبدالحليم لأنها قصته الحقيقية، ولأن إحسان استطاع أن يخترق عبدالحليم من الداخل ويستشفه ويقدمه لا كما يريد عبدالحليم ولكن كما عاش.. فأعاد إحسان الشيك إلى عبدالحليم الذي رفض أن يأخذه وظل حتى الآن دون أن يصرف.
السيدة نرمين القويسني قالت لي: إن عبدالحليم حدث الأستاذ إحسان ليكتب له قصة حياته لكي يقدمها في فيلم سينمائي، لكن القصة لم تعجب عبدالحليم لأنها كانت تحكي واقع عبدالحليم، وطلب عبدالحليم بعد أن استشاط غضباً تغيير أجزاء منها ورفض إحسان.
وكان عبدالحليم قد وقع شيكاً بألف جنيه لإحسان عبدالقدوس، ولما لم يتم المشروع ولما لم يقبل عبدالحليم عودة الشيك إليه ظل الشيك في طي الكتمان حتى الآن ولم يصرف ولم يخرج إلى النور منذ وقعه في أول مارس 1960 وهو مازال عند أحمد ابن احسان عبدالقدوس.
في الحلقة المقبلة
نتناول في ثلاث حلقات رسائل شاعر القلم والبندقية يوسف صديق، مشعل ثورة يوليو في مصر.
• اعتقل رئيس الأركان ليلة 23 يوليو بعدما علم أن أمر الضباط الأحرار انكشف
• لم يعرف زملاؤه بإطلاق شرارة الثورة حيث كان السادات في السينما وجمال عبد الناصر وعبد الحكيم يحومان حول المنطقة بملابس مدنية
• استقال من منصبه لعدم تحقيق أهداف الثورة وكان كلما يذكّر زملاءه بها يقولون له «انسى الظروف تغيرت»
نعرفهم عبر صفحات وشاشات ومواقف... دخلوا التاريخ فسجّل لهم وشهد عليهم. هم مشاهير كل في مجاله، السياسي، الفني، الأدبي وحتى الديني**، قلّب الكاتب سامي كمال الدين في أوراقهم «الخاصة» جداً، ليعرّفنا الى الوجوه الأخرى «الحقيقية» لكل منهم... فكانت «رسائل المشاهير» الباب لنكتشف ما لم يكن يخطر في البال يوماً.
أسماء كثيرة تحملها صفحات كتاب كمال الدين... وان كانت «الأوراق» - كما أحبّ أن يصنّف أبوابه - مختصرة في 8 شخصيات، الا أنها تحمل أسماء الكثيرين ممن لعبوا دوراً في حياتهم.
في حلقات متتالية، سنكتشف معاً رسائل بعضها بخط اليد، والبعض الآخر مطبوع، لكل من الرئيسين المصريين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات، رئيس المخابرات المصرية السابق صلاح نصر، سعاد حسني، احسان عبدالقدوس، ماجدة، الشيخ محمد رفعت، الشاعر أمل دنقل، روز اليوسف، يوسف صديق، يوسف وهبي ومحمد كريم وغيرهم.
رسائل قد تغيّر في مفاهيم كانت راسخة في ذاكرة الكثيرين، كاشفة عن طفل ربما داخل أقسى الشخصيات، وعن مرارات وعذابات رغم الابتسامات الدائمة... فبين اليد والقلم والورقة، تنشأ علاقة لاارادية من الواقعية.
في الحلقة الثالثة والأخيرة من رسائل إحسان عبد القدوس ووالدته روزاليوسف، نتناول كيف كان متأثراً بمسيرة أمه أكثر من أبيه، لذا فهو يعمل دائماً للحفاظ على مجلة «روز اليوسف»، كما نتناول شكوى الفنانة ماجدة الصباحي للرئيس عبد الناصر من إحسان وكيف طلب الأخير من الرئيس العفو عن رسام المجلة جمال كامل بعدما تم اعتقاله. وكنا تناولنا في الحلقتين الماضيتين، تطليق روزا للفن بعد خلافها مع يوسف وهبي وطفولة إحسان عبد القدوس وثورته ضد الإنكليز وتأسيس مجلة روز اليوسف وانتشارها ونجاحها في ظروف صعبة وعلاقة روز اليوسف وإحسان عبد القدوس ووصف الأخير لها بالعاطفية والخجولة والجريئة. ونبدأ هذه الحلقة بإحدى الرسائل التي أرسلها إحسان لأمه من سويسرا.
ويكمل الكاتب:
حبيبتي ماما
هكذا يأخذني إحسان بروعته إلى إحدى الرسائل التي كتبها إلى أمه وهو في سويسرا.. وقد خطها على ورق الفندق الذي كان يقيم فيه هناك.. وهذه الرسالة تعد تحفة أدبية نادرة، بل رائعة روعة رواياته نفسها.. إنه يقتحمك بروعته ودفء كلماته وحبه لأمه.
يكتب إحسان عبدالقدوس إلى أمه صاحبة هذه الأفضال عليه فتتمدد كلماته على شاطئ البحر فينبت العشب وتتفتح السماء وتزهر الحياة.. يجلس في فندق سويسري ويكتب لأمه:
«حبيبتي ماما»
أكتب إليك وأنا جالس في شرفة الفندق.. وبحيرة «لوجانو» تحت قدمي، وجبل على يميني وجبل آخر على يساري، وبين أحضاني أشجار رائعة طرز الخريف أوراقها باللون الأحمر والأصفر والأخضر، ولكني في هذه اللحظة لا أرى البحيرة ولا الجبال،ولا الأشجار، ولا الخريف..
أراك أنت وحدكِ، أراكِ في قلبي؛ وأراك في عيني.. أراك جميلة وعظيمة.. أجمل وأعظم من كل ما في أوروبا..
إن الله لم يخلق شيئاً أجمل من أمي، ولا أعظم من أمي..
وكنت أراك جميلة طول عمري.. وما زلت حتى اليوم أراك بضفائر طويلة في لون الذهب، وبشرتك في لون اللبن المخلوط بعصير الورد، وعينيك في لون الربيع تنبضان بالحياة والحنان.. وشفتيك فيهما رحمة وكبرياء.. ورأسك مرفوعاً دائماً.. رأساً أقوى من الشر.. رأس ملاك.. كنت دائماً أراك ملاكاً. ولكني لم أكن مقتنعاً بعظمتك كما أنا مقتنع الآن.. كنت في صباي لا أستطيع أن أقدر لماذا أنت عظيمة؟.. ماذا فعلت حتى تكوني عظيمة.. إنك مشهورة.. وإنك ناجحة.. نجحت في المسرح، ونجحت في الصحافة، ولكن ليس كل المشهورين عظماء.. وليس كل الناجحين عظماء.. فلماذا أنت عظيمة.. ما سر عظمتك؟!
هكذا كنت أتساءل في صباي.. ثم كبرت.. وتوليت العمل.. ودخلت معركة الحياة.. فبدأت عظمتك تتكشف لي.. وعن طريق تجاربي في محيط البشر والعمل وبقدر ما عانيت وتعبت حتى أكون إنساناً ناجحاً.. أستطيع أن أقدر عظمتك وأصل إلى سرها.. وأن الإنسان العظيم هو الذي يستطيع أن ينجح وأن يصل إلى القمة محتفظاً بكبريائه ومبادئه وبساطته.. وهذا هو أنت يا أعظم الناس.. لقد نجحت من دون أن تؤذي أحداً.. ومن دون أن تفقدي طبيعتك السمحة البسيطة.
ما زلت تضحكين كطفلة، وما زلت تتحدثين كصبية لم تنزل بعد إلى زحام الحياة، وما زلت تعاملين الناس في تواضع وسذاجة، كأنك لست صاحبة أعنف معارك سياسية خاضتها الصحافة المصرية.. وما زالت ترضيك الأشياء الصغيرة التي تحمل معاني إنسانية كبيرة.. وردة أو كلمة حلوة وتترفعين عن الأشياء المادية مهما كبرت ما دامت لا تحمل معنى كريماً.
كلما كبرت ازددت اقتناعاً بأني لا أستطيع الاستغناء عنك أبداً في العمل، وأنك لو تركتني وحدي فلن أستطيع أن أفعل شيئاً وهذا الإحساس يجعلني أخاف.. أخاف المستقبل، مستقبلي، فلا تتركيني أبداً.. أرجوك لا تتركيني أبداً.. إنني أعيش وأعمل بأنفاسك وبوجودك..
ماذا أهديك؟
هل تقبلين أن تكون هديتي حديثاً عن نفسي؟!
سأحدثك عن نفسي إذن.. سأحدثك عن ابنك.. لأنني لم أحاول قبل اليوم أن أحدثك عن شيء إلا وقطع حديثنا جرس التليفون أو دخول الأستاذ عارف أو الأستاذ عبدالسلام.
إنك تعتقدين أنني ورثت طباعي وأخلاقي عن والدي.. وهذا ليس صحيحاً للأسف.. فإن أهم ما يميزه هو قناعته ورضاه عن نفسه.. وأنا لست قنوعاً ولا راضياً عن نفسي ولو كنت.. لكنت سعيداً وما تعذبت. أنا شيء آخر.. إنني لا أعرف ماذا أريد.. هل أريد أن أكون سياسياً أم أديباً.. هل أريد أن أكون صاحب عمل أم مجرد كاتب، هل أريد أن أخوض معارك أم أنجو من المعارك وابتعد عنها. أريد أن أكون مليونيراً، أم أريد أن أكون إنساناً بسيطاً لا يحمل هم الملايين، ولأنني لا أعرف ماذا أريد فأنا غير راض عن تصرفاتي التي تتخبط وتتعارض.. ويبدو أثرها في حياتي وعملي وفي معاملة الناس.. والنتيجة أنني لست سعيداً فالسعادة في أن أكون ما أريد. إنني إنسان خجول وهذا الخجل مرده أني أخاف الفشل إلى حد كبير.. إلى حد الجبن، وهذه الطبيعة تبدو في حياتي العامة كلها وفي عملي.. إن في رأسي مشروعات كثيرة كبيرة، ولكني لا أقدم على تنفيذها خوفاً من الفشل.
ولكن هناك شيئاً واحداً يحميني من هذا الضعف وهو أني أعرف تماماً ماذا تريدين أنت.. (كلام غير واضح). ولأني أحب أمي فإنني أفعل ما تريده.. إنها تريد دار روزاليوسف داراً صحافية قوية.. وهذا ما سأفعله وما أقسم عليه، بل هذا هو الخط الوحيد الثابت المستقيم الذي يحدد حياتي وأهدافي.
محتاج إلى أن أقبلك كثيراً.. كثيراً جداً.. محتاج إلى أن أضع رأسي على صدرك وأنام.
أحبك
إحسان
وفي 19/7/1947 كتبت إليه أثناء سفره إلى باريس قائلة:
ولدي إحسان
قبلاتي لك. سبق أن كتبت لك بعنوانك في باريس، إنني متعبة وأصارحك أنني الآن في حال لا تمكنني من مواصلة العمل في هذا الجو، وهذا الحال الذي يضطرني كثيراً إلى الحضور إلى الإدارة صباحاً ومساءً، كما أن الحالة السياسية المصرية خاصة في مراحل المفاوضات الأخيرة، وكذلك انتقال مصر إلى حالة جديدة، كل هذا يتطلب وجودك الآن في المجلة.
ولقد جاءني اليوم خطاب منك تقول فيه إنك اتفقت مع إحدى الصحافيات الإنجليزيات على كتابة مقال أسبوعي للمجلة نظير ثمانية جنيهات على المقال الواحد نشر أم لم ينشر وطلبت مني أن أوافيك بعقد بيني وبين هذه السيدة لتوقع عليه، وهذا الطلب يمكنني التحدث فيه حين حضورك، فالحالة المالية الآن لا تسمح بصرف مثل هذا المبلغ أسبوعياً.
شاهدت مع لولا (زوجة إحسان) صورة جديدة لك فحمدت الله أنك في صحة جيدة وفي الوقت نفسه أيقنت أنك «ولد خسران» لا تهتم بإرسال صورة لوالدتك. أما أختك ميمي فإذا لم تكتب لك خطاباً مطولاً فهذا عائد إلى تبلبل أفكارها بشأن الزواج.. والحمد لله قد تزوجت من شخص أخلاقه توافق أخلاقها والعكس بالعكس، والمهم في الموضوع وكما أعتقد أن هذا يهمك أن تكون في معيشتها الجديدة متفقة مع الشخص الذي اختارته زوجاً لها والاستعداد قائم الآن من والد ووالدة العريس لعمل شقة لهما ومن حسابهما الخاص.
أما مسألة المائة جنيه فهناك مفاوضات ومباحثات وجهود لإعادتها إلى جيبك وإلا..
قبلاتي لك
والدتك روز 19/7/1947
وهذه الرسالة لا تحتاج إلى شروح، أما هذه الرسالة التي كتبها إحسان إلى جمال عبدالناصر صديقه الذي اعتقله، فلم تكن لأجل غرض شخصي يريده إحسان.. ولكنها كانت بخصوص رسام روز اليوسف الشهير جمال كامل الذي اعتقل.. وعلاقة عبدالناصر وإحسان بدأت قبل الثورة.. حيث كان الضباط الأحرار يتابعون حملته التي شنها على الأسلحة الفاسدة، لكن عبدالناصر اعتقله عام 1954 حين كتب مقالاً بعنوان «الجمعية السرية التي تحكم مصر» وطالب فيه بعودة الضباط الأحرار إلى ثكناتهم العسكرية فهم قاموا بدور كبير ولابد من أن يحكم البلد مدنيون.. وقد كتب في رسالته:
«سيادة الرئيس جمال عبدالناصر..
عزيزي السيد الرئيس
تحية إيمان وإخلاص.. أتقدم إليكم ملتمساً أن تصدروا أمركم بالنظر في موضوع اعتقال جمال كامل رئيس قسم الرسم والإخراج بدار روز اليوسف.
وقد عمل جمال كامل في دار روز اليوسف مدة عشر سنوات، استطعت خلالها أن أراقب اتجاهاته السياسية وتفكيره السياسي ونشاطه داخل مجال العمل، وخارج مجال العمل، وتأكدت من صدقه ووطنيته وتحرره من الشيوعية أو من غيرها من المذاهب الدخيلة علينا.. ثم كانت الثورة، فكان دائماً، وفي جميع أطوارها، من أشد المتحمسين والمؤمنين بها، وبدعوتكم وخطواتكم السديدة.
وعبر عن هذا الإيمان بريشته سواء على صفحات مجلات الدار، أو في مجالات العمل الأخرى التابعة للحكومة، وكان آخر ما قام به بجانب عمله في الدار، اشتراكه في إخراج نشرات أصدرتها هيئة المخابرات، بمناسبة الهجرة اليهودية من دول الكتلة الشرقية.. ومعرفتي الدقيقة بتفكير جمال كامل السياسي وإيمانه الوطني، هي التي شجعتني على أن أتقدم لسيادتكم بهذا الالتماس بل إنني على استعداد بأن أضمن تصرفاته مستقبلاً، وواثق بها.
ولا أنكر أن العمل في دار روز اليوسف في حاجة إليه، وأنني أعتمد عليه إلى حد كبير في إدارة الناحية الفنية الخاصة بمجلتي روز اليوسف.. وصباح الخير..
ومع رجائي في أن أكون على صواب في حكمي وتقديري لجمال كامل فإنني أكرر التماسي بأن تشمله بقلبك الكبير وحكمك دائماً هو الأصوب.
وتفضل يا سيادة الرئيس بقبول كل آيات إخلاصي وحبي».
وكان إحسان لا يتوانى في الرد على من يحاول تكذيبه أو كتابة شيء يخالف الحقيقة مهما كانت مكانته في الدولة فقد كتب في 27/8/1957 إلى علي صبري قائلاً:
إلى السيد علي صبري وزير الدولة
عزيزي السيد الوزير
أهنيء مجلة التحرير بالحديث الصحافي الذي نشرته لك ورسخت به بعض خطوط جهدك الوطني الذي أفخر به ويفخر به معي كل مصري.
وقد جاء في حديثك أن «روز اليوسف» «كانت تنشر سلسلة مقالات ضد حيدر وكان معروفاً أن هذه المقالات تكتب بناء على المعلومات التي يقدمها الضابط مصطفى كامل صدقي».
والواقع أن مصطفى كامل صدقي لم يكن له أي جهد في المقالات التي كنت أكتبها وأوقعها بإمضائي إنما بدأت الحملة على حيدر منذ إثارة قضية الأسلحة الفاسدة، باعتباره أحد المسؤولين عنها وهذه الحملة أسهم فيها الكثيرون من الأحرار بينهم الرئيس جمال عبدالناصر، ثم بعد أن انتهت هذه الحملة خصصت حملة أخرى في سلسلة مقالات ضد حيدر وحده، وكانت المعلومات التي تتضمنها هذه المقالات أحصل عليها من جهات كثيرة، وأفراد كثيرين مستغلاً الخلافات التي كانت واقعة في محيط الجيش في تلك الأيام، وأول تقرير سري حصلت عليه واستعنت به في حملتي أخذته من اللواء فؤاد صادق.
أما الضابط مصطفى كامل صدقي فقد كتب أيامها مقالاً منفصلاً ضد حيدر نشرته له روز اليوسف، وقد رأيت أن أدلي إليك بهذه المعلومات، لعلك تكون مهتماً بها. عشت لمصر وعشت للحق.
وهناك رسالة أرسلها جمال عبدالناصر لإحسان عبدالقدوس، رسالة لم يكتبها عبدالناصر بخط يده، كانت الرسالة من الفنانة ماجدة تشتكي فيها إحسان عبدالقدوس إلى عبدالناصر، وقد أرسلها عبدالناصر إلى إحسان عبدالقدوس ليعرف الحقيقة. حيث تهاجم ماجدة إحسان قائلة:
«السيد الرئيس جمال عبدالناصر
على الرغم من صدور قانون الصحافة الذي حفظتم به سمعة الناس وأعراضهم في الأخبار المجهولة، نشر إحسان عبدالقدوس في العدد 29 من صباح الخير خبراً بعنوان «عذراء الشاشة» يحمل سباً صريحاً في عرضي لغرض ابتزاز المال.
ارحموني واحموا الأعراض من أمثال هؤلاء الذين ينتهكون قانونكم وينزلون بالصحافة إلى الحضيض في عهد نتكاتف فيه للارتفاع بمصر.
أوكلكم عني في إبلاغ النائب العام.
ماجدة كامل
ممثلة سينمائية
لا أعتقد أن إحسان كان في حاجة إلى فلوس من أحد ولكن يبدو أن الفنانة ماجدة كانت منفعلة أكثر من اللازم.. وإحسان لا علاقة له بالخبر الذي أتى به محرر فني ونشره في المجلة.. ثم لماذا لم تذكر في رسالتها إلى رئيس الدولة تفاصيل الخبر وكيف تم ابتزازها..؟
لا نعرف في الحقيقة فللفنانة ماجدة التي تنتمي إلى الزمن الجميل تاريخها الذي نجله ونحترمه ولإحسان أيضاً تاريخه الذي نجله ونحترمه، فقد كان عصراً جميلاً... ولكن سألت السيدة نيرمين القويسني مديرة مكتب إحسان وابن أخت زوجته فقالت لي إن هناك قصة سينمائية أخذتها ماجدة الصباحي من إحسان وقدمتها سينمائياً من انتاجها ونجحت ولكنها لم تدفع لإحسان ثمنها وبعد فترة أعجبتها قصة أخرى فأرادت أن تقدمها سينمائياً فرفض إحسان حتى تدفع ثمنها ولم تدفع ولم تنتج الفيلم.
ومن أوراق الزمن الجميل الذي ينتمي إليه إحسان عبدالقدوس شيك قيمته ألف جنيه.. لم يصرف حتى الآن، وقد كتبه العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ إلى إحسان عبدالقدوس كمقدمة لكتابة قصة حياته لتقديمها في فيلم سينمائي، لكن قصة «تائه بين السماء والأرض» لم تعجب عبدالحليم لأنها قصته الحقيقية، ولأن إحسان استطاع أن يخترق عبدالحليم من الداخل ويستشفه ويقدمه لا كما يريد عبدالحليم ولكن كما عاش.. فأعاد إحسان الشيك إلى عبدالحليم الذي رفض أن يأخذه وظل حتى الآن دون أن يصرف.
السيدة نرمين القويسني قالت لي: إن عبدالحليم حدث الأستاذ إحسان ليكتب له قصة حياته لكي يقدمها في فيلم سينمائي، لكن القصة لم تعجب عبدالحليم لأنها كانت تحكي واقع عبدالحليم، وطلب عبدالحليم بعد أن استشاط غضباً تغيير أجزاء منها ورفض إحسان.
وكان عبدالحليم قد وقع شيكاً بألف جنيه لإحسان عبدالقدوس، ولما لم يتم المشروع ولما لم يقبل عبدالحليم عودة الشيك إليه ظل الشيك في طي الكتمان حتى الآن ولم يصرف ولم يخرج إلى النور منذ وقعه في أول مارس 1960 وهو مازال عند أحمد ابن احسان عبدالقدوس.
في الحلقة المقبلة
نتناول في ثلاث حلقات رسائل شاعر القلم والبندقية يوسف صديق، مشعل ثورة يوليو في مصر.
• اعتقل رئيس الأركان ليلة 23 يوليو بعدما علم أن أمر الضباط الأحرار انكشف
• لم يعرف زملاؤه بإطلاق شرارة الثورة حيث كان السادات في السينما وجمال عبد الناصر وعبد الحكيم يحومان حول المنطقة بملابس مدنية
• استقال من منصبه لعدم تحقيق أهداف الثورة وكان كلما يذكّر زملاءه بها يقولون له «انسى الظروف تغيرت»